الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خالد الجلاف: مهنتي لاتعرف أنصاف الحلول

خالد الجلاف: مهنتي لاتعرف أنصاف الحلول
14 نوفمبر 2011 21:11
اشتهر بعشقه لفنون الخط العربي والزخرفة الإسلامية حتى غدا بلوحاته من أبرز رواد هذا الفن الأصيل ليس على مستوى الإمارات فحسب، بل على مستوى دول الخليج والوطن العربي ككل، وها نحن نلتقيه اليوم ليس من أجل أن نتحدث عن فنه، بل من أجل أن نسلط الضوء على جانب آخر من جوانب حياته، ألا وهو مهنته. هو الفنان التشكيلي والخطاط الإماراتي خالد علي الجلاف، الذي تدرج في عدة وظائف حتى استقر حاليا في وظيفة «استشاري جودة» في إحدى مستشفيات هيئة الصحة بدبي وبالتحديد مستشفى الوصل الحكومي. أكره الأرقام ويتحدث خالد الجلاف 49 سنة عن مشواره المهني الذي بدأ بعد أن أنهى دراسته الأكاديمية في جامعة الإمارات العربية المتحدة عام 1984، ويقول: «اخترت دراسة الحقوق في جامعة الإمارات لأنها أفضل الخيارات التي كانت متاحة لدي في تلك الفترة إذ كانت التخصصات معدودة وجامعة الإمارات هي الجامعة الوحيدة في الدولة، ولأنني بطبعي أحب العدالة والحق، فانسجمت مع دراسة الحقوق، وبعد تخرجي لم أرغب في العمل في مهنة المحاماة، وذلك لأنني تخوفت من أن تختلط علي الأمور وأقلب الحق باطلا بذكائي أو بدهائي فأدافع عن الظالم ضد المظلوم، وانتصر للباطل بدلاً عن الحق وهذا ما لا أرضاه لنفسي. ونظراً لعدم وجود وظائف عدة في تلك الآونة اضطررت للعمل كمحصل مالي في دائرة الصحة بدبي المتعارف لدينا بمسمى «كاشير»، وكنت أعلم أن هذه الوظيفة لا تليق بي كشاب جامعي يحمل «ليسانس حقوق» لكن كان هذا هو المتاح، ونظرا لأن المطلوب كان في وظيفتي هذه مجرد شهادة ثانوية عامة، وأنا أحمل شهادة جامعية قامت إدارة المستشفى برفع مسماي الوظيفي إلى محاسب، ولأنني أكره الأرقام وأجهل أعمال المحاسبة تركت هذه الوظيفة المؤقتة بعد فترة قصيرة والتحقت بوظيفة مسؤول إداري في مستشفى آل مكتوم والذي يعد أقدم مستشفى في الدولة». تخطيط الموارد البشرية ويستطرد: «من أجل أن أصقل قدراتي ومعارفي في مهنتي الجديدة ابتعثتني دائرة الصحة بدبي إلى بريطانيا لدراسة إدارة الخدمات الصحية في إحدى جامعاتها، وعندما عدت كنت من أحد مؤسسي الرعاية الصحية الأولية في مستشفى آل مكتوم بدبي، والذي كان بدوره يشرف على خدمات العيادات الخارجية بالإمارة، وذلك على إثر ما تعلمته في الدورة التي التحقت بها في بريطانيا وما شاهدته لديهم ولدى دولة البحرين التي سافرت إليها، والتي كانت من أكثر الدول العربية المتقدمة في تلك الفترة في الرعاية الصحية الأولية، كما تمثلت وظيفتي كمسؤول إداري في مستشفى آل مكتوم في خلق البيئة المناسبة للطاقم الطبي والتمريضي والطبي المساند لأداء مهامهم بالشكل الأمثل الذي يحقق رضا العملاء، ويسهم في شفاء المرضى الذين يقدم لهم الخدمات العلاجية والوقائية والتعزيزية». ويشير الجلاف إلى أنه عمل كمسؤول إداري في مستشفى آل مكتوم منذ عام 1985 وحتى عام 1990 ومن ثم انتقل إلى وظيفة أخرى عمل فيها لمدة عام واحد، ألا وهي مسؤول التعيينات في دائرة الصحة بدبي، ومن مهامه التي كان يؤديها في تلك المهنة يخبرنا: «عملي تمثل في تخطيط الموارد البشرية ووضع الموازنة الخاصة بالتعيينات مع الإدارات المعنية والإعلان عن الوظائف بشكل حرفي في وسائل الإعلام المختلفة، وتلقي طلبات الوظائف وفرزها وإعداد قوائم للمقابلات ومن ثم دعوة لجنة المقابلة من التخصصات المختلفة لعقد المقابلات واختيار الأفضل والأكفأ من الموظفين، وبعدها أشرع بإجراءات التعيين حتى يتم استقطاب الموارد التي تفي بحاجة الخدمات الصحية بالإمارة». دورة بجامعة هارفارد عاد الجلاف بعد ذلك مرة أخرى عام 1991 إلى إدارة الرعاية الصحية الأولية، لكن بمسمى جديد وفي موقع آخر ليس في مستشفى آل مكتوم، بل في الإدارة العامة لدائرة الصحة بدبي، ومن أجل صقل خبراته قامت إدارة الصحة والخدمات الطبية بابتعاثه إلى الولايات المتحدة الأميركية ليحظى بدورة متخصصة قيمة في جامعة هارفارد، تتعلق بإدارة الرعاية الصحية وعن تلك المرحلة يوضح: «لقد اطلعت على أحدث النظم في إدارة الخدمات الصحية واستفدت من خبرات وتجارب المشاركين في الدورة من الدول الأخرى، وشاركت بعمل بحوث ودراسات وضعت عبرها حلولا لمشكلات صحية تواجه الدول النامية حول العالم تحت إشراف خبراء وباحثين، وعندما عدت إلى أرض الدولة كان لدي الكثير لأفيد به وطني، حيث طلب مني تأسيس إدارة الجودة والتغيير في دائرة الصحة والخدمات الطبية بدبي لأواجه بذلك تحد آخر يضاف إلى قائمة التحديات السابقة التي واجهتها في مشواري المهني». ويذكر خالد الجلاف أنه بينما صدر قرار بتعيينه مدير إدارة الجودة ليؤسس بذلك الإدارة التي سيترأسها في إدارة الجودة والتغيير في دائرة الصحة والخدمات الطبية بدبي، كان حينها في زيارة إلى كندا مصطحبا عائلته للاستجمام، وعندما علم بالمسؤولية التي تنتظره انقلب مسار تفكيره في الرحلة حيث اندفع يشتري كتباً ومراجع عن علم الجودة ليثقف نفسه فيها خصوصا أن دراسته في بريطانيا وأميركا وضعت له حجر الأساس الذي سيبني عليه متطلبات المرحلة الجديدة. وفق معايير دولية ويبين خالد أن قرار تعيينه مدير إدارة الجودة تزامن مع صدور قرار برنامج دبي للأداء الحكومي المتميز، ما دفع المؤسسات إلى البحث عن أساليب لتطوير خدماتها لتلبي بذلك هذا البرنامج، ليقوم بدوره أيضا بتأسيس إدارته وفق متطلبات برنامج دبي للأداء الحكومي المتميز ووفق المعايير الدولية لجودة الخدمات الصحية، وأخذ يتواصل مع المؤسسات العالمية الرائدة في مجال الخدمات الصحية ويزورها للإطلاع على تجربتها مثل أميركا التي لديها نظام تقييم للخدمات الصحية والتي تسمح وفقه للمؤسسات بممارسة خدماتها الصحية من عدمه، والدنمارك التي كانت في فترة الإعداد للحصول على الاعتراف الدولي، وسنغافورة التي شرعت بتطبيق المعايير الدولية، وتمت الاستفادة من هذه الزيارات في بناء المعايير التي درب وفقها الموظفين العاملين في دائرة الصحة لاكتسابهم لثقافة جودة الخدمات الصحية وفق المعايير الدولية بشكل أكبر فسهل بذلك تطبيق متطلبات الاعتراف الدولي في دائرة الصحة ليتم في تلك الفترة تغيير مسمى الدائرة إلى هيئة الصحة بدبي. بعد ذلك انتقل خالد الجلاف منذ عام 2008 وحتى يومنا هذا ليكون استشاريا في الجودة في مستشفى الوصل التابع لهيئة الصحة بدبي، حيث يقوم وفق ما أفاد بتقديم الاستشارات التي تهدف إلى تطوير جوانب العمل ويقدمها لصناع القرار في المستشفى، مستعينا بما اكتسبه من خبرات على مدار السنوات السابقة ليبقى لديهم حرية تنفيذ تلك المقترحات التطويرية والحلول التي يقترحها الجلاف لجوانب القصور إن وجدت. لا لأنصاف الحلول ويؤكد الجلاف على أن الجودة بالنسبة له ليست مجرد عمل يمارسه في المستشفى، وإنما هو نظام حياة يجب أن يكون موجودا لدى كل موظف وكل دائرة، كما يلفت إلى أن عمله في مجال الجودة جعله في حياته وتعاملاته مع الناس لا يرضى بأنصاف الحلول بل يبحث دائما عن أداء ماعليه على أكمل وجه قدر المستطاع، وهذا يعني أن الجودة أثرت أيضا على فنه حيث صار لا يرضى للوحاته المتضمنة فنونه في الخط العربي الأصيل إلا أن تكون مجودة متقنة لا قصور فيها. حروف عربية يشغل خالد الجلاف حاليا، إلى جانب عمله كاستشاري جودة، وظيفة مدير تحرير مجلة حروف عربية التي تصدر بصورة فصلية عن ندوة الثقافة والعلوم بدبي، وتعنى تلك المجلة بجميع المباحث المتعلقة بفنون الخط العربي والخطوط المصاحبة له وتشكل مرجعا قيما للباحثين في هذا المجال، وذلك بتسليطها الضوء على تاريخ الخطوط وأسرارها وجمالياتها وأشهر أعلامها، وتتفوق هذه المجلة بوصفها المجلة الوحيدة في العالم التي تتحدث عن فنون الخط العربي.
المصدر: العين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©