السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«عورات» التمويل الأجنبي

10 نوفمبر 2013 21:19
ترتفع الشكوى عالياً بين الحين والآخر من الارتهان لمصادر التمويل الأجنبي، ولاسيما في أوساط المفكرين والمثقفين والناشطين والإعلاميين والباحثين أفراداً ومؤسسات. في أكثر من مرة يصل التحذير من مخاطر التمويل الأجنبي في بعض الدول العربية إلى مرحلة من الوعيد بالويل والثبور وعظائم الأمور، ومعه نُذر بمؤامرات تحاك من باب هذا التمويل ومصادره المشبوهة. ولكن المثير للدهشة أن هذا الصراخ سرعان ما يخبو دون أن يستحق ما يكفي من البحث والتحري على أي مستوى كان «أخلاقي، تشريعي، رقابي». في الشكل والمضمون، تنم الظاهرة هذه عن أن التمويل الأجنبي شُبهة أو عيب أو تهمة أو جُرم أو عورة. وهذا صحيح، بدليل أن أحداً من المتهمين، من أفراد أو منظمات أو أحزاب، لم يتجرأ ويتباهى بتلقيه تمويلا أجنبيا أو يدافع عن مشروعيته وأخلاقيته، حتى لو كان منبعه أكثر المصادر الأجنبية شهرة بعمل الخير وحبه لبلاد العرب والمسلمين مثلاً. وفي كيفية التعامل مع هذه الظاهرة، يبدو واضحاً أن السكوت الذي يلي الصراخ دون التصدي للمشكلة، يعني أن الشاكين سكتوا فجأة عما كانوا يعتبرونه مصدراً للتهديد ولمخاطر رهيبة على المجتمع والشأن العام. هذا يحصل فعلاً في كل مرة تثار فيها ضجة حول تبعية طرف محلي لمصدر تمويل أجنبي. وهذا يعني واحداً من أربعة احتمالات: إمّا أن الشاكين قبلوا على مضض بالتعايش مع هذه المخاطر (1)، أو أن البعض أراد ابتزاز مصادر هذا التمويل لغاية أو أخرى (2)، أو أن البعض أراد تغطية مصادر تمويله بالشكوى من تمويل أجنبي لخصومه (3)، أو أنه نظراً لثقافتنا التاريخية العامة وعلاقاتنا الاجتماعية والنفسية والمعقدة، ولاعتبارات دينية أو عشائرية وأيديولوجية عابرة للحدود الوطنية، ما زال هناك قصور في الاقتناع بخطورة التمويل الأجنبي للأنشطة العامة، وما لذلك من تداعيات وتأثيرات سلبية على النسيج الوطني والسياسي والأخلاقي (احتمال 4). تعالوا نبسط الصورة. فجواز التمويل الأجنبي مثلا سيؤدي بكل فئة أو مجموعة أو جمعية، أياً كان هدفها، إلى البحث عن مصادر خاصة لتمويلها، وهذا سيؤدي حتماً إلى تشظي أي بلد وشعبه واستحالة الانتماء السوي إليه. هذا حاصل حالياً في أكثر من دولة عربية إن لم نقل في أكثر دولنا، وما هو حاصل في بعض هذه الدول يجب أن يكون كفيلاً بإقناع من لم يقتنع بعد بخطورة التمويل الأجنبي على هذا النسيج، حتى لو كان بداعي نشر الديمقراطية وحقوق الإنسان مثلاً. ثمة من سيسأل مثلاً إن كان التمويل مشروعاً في حالة معالجة مرضى أو أطفال مثلاً. ليس الجواب سهلاً، ولكن التمويل الأجنبي يبقى عورة وقد يصبح جريمة لأنه يعني أننا عجزنا نحن، كدولة أو مجتمع، عن أن نموّل بأنفسنا مثل هذا العلاج. وهذا ينطبق على الكثير من العورات والأمراض المنتشرة في منطقتنا ومجتمعاتنا. وانطلاقاً من هذه الرؤية يمكن معالجة الكثير من منابع التبعية والأزمات في هذه الدول. barragdr@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©