الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«حزب الله» وفاتورة دعم الأسد

1 نوفمبر 2012
أمضى "حزب الله" اللبناني شهوراً وهو يحاول السير على خط دقيق للموازنة بين دعمه للحكومة السورية ومسؤوليته كقوة سياسية مهيمنة في لبنان، غير أن محاولته تلك قابلتها صعوبات عديدة بسبب تفاقم التوتر السياسي في البلدين معاً. وفي الوقت الراهن يتعرض "حزب الله" للنقد أكثر من أي وقت مضى، حتى من جانب بعض الشخصيات التي كانت في يوم ما من أخلص الموالين له، وهو ما يرجع بالأساس إلى عديد العلامات التي تؤشر إلى أن الحزب منحاز بشكل كبير لنظام الأسد في الأزمة السورية، كما تحول إلى قوة مسببة لانقسام عميق في لبنان. وأشد هذا النقد حدة، جاء في أعقاب اغتيال اللواء وسام الحسن رئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي اللبناني بتفجير سيارته في التاسع عشر من شهر أكتوبر المنصرم. فعلى رغم إنكار "حزب الله" ضلوعه في اغتيال الحسن وهو من الموالين للكتلة التي يقودها السنة في لبنان، والتي تعارض نظام بشار الأسد، إلا أن الحادث كان سبباً في إطلاق صرخات حادة من جانب منافسي الحزب تدعو للإطاحة بالحكومة اللبنانية الحالية التي يحتفظ الحزب وحلفاؤه بنصيب الأغلبية فيها. والراهن أن "حزب الله" يجد نفسه في مأزق عميق، منذ أن اندلعت الأزمة السورية في بداية العام الماضي. وقد نشأ هذا المأزق من حقيقة أنه كان يقدم نفسه دوماً على أنه حزب المضطهدين والمحرومين، ومع ذلك لم يتمكن من التراجع عن دعم نظام الأسد بعد أن أصبح القتال في سوريا المجاورة أكثر دموية، وأوغل نظامها في استباحة دماء شعبه، من دون أدنى رحمة، ما أدى إلى مصرع عشرات الآلاف من المدنيين العزل. ويعبر "هلال خشان" أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأميركية في بيروت عن الوضع الحرج الذي تجد المنظمة الشيعية اللبنانية نفسها فيه حالياً بقوله "يتعرض حزب الله لضغط شديد في الوقت الراهن وهو ما يجعله يلتزم الهدوء، لأنه يدرك أنه يواجه تحدياً وجودياً". وما يفاقم هذا التحدي هو الخلاف الداخلي، إذ ليس كل أعضاء الحزب متفقين مع قيادته في دعمها الصعب لنظام الأسد، أو متفقين على حملة ذلك النظام الدموية ضد المدنيين السوريين. و"منذ بداية الأزمة السورية كانت هناك أصوات معارضة في حزب الله لا تريد أن تبدو متماهية مع النظام السوري بأكثر مما يجب" هذا ما قاله "تيمور جوسكل" أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في بيروت. ويقول المحللون إن هذه الأصوات المعارضة من داخل الحزب ستصبح أكثر ارتفاعاً مما كانت عليه في السابق، وذلك بعد أن بدأت تداعيات الصراع المحتدم في سوريا تنتقل عبر الحدود إلى لبنان. وفي الوقت نفسه تسعى القوة السياسية المنافسة لـ"حزب الله" في لبنان للثأر. فهذه القوى التي تقودها الكتلة السنية ما زالت تشعر برغبة عارمة للانتقام للذكرى المؤلمة لاغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري في هجوم بسيارة مفخخة على موكبه عام 2005، مما جعلها تتعهد مؤخراً عقب اغتيال الحسن بالإطاحة بالحكومة التي يقودها رئيس الوزراء نجيب ميقاتي وهو أمر لو حدث فسيضعف قوة "حزب الله" السياسية بدرجة كبيرة. ويقول نهاد مشنوق عضو البرلمان اللبناني عن الكتلة المعارضة لنظام حكم الأسد "نستهدف نجيب ميقاتي ولكننا نقصد حزب الله". ومن المعروف أن الحريري والحسن كانا من القيادات البارزة لسنة لبنان وأن اغتيالهما الدموي قد أحدث انقساماً طائفياً سنياً- شيعياً في البلاد. وقد أدى الصراع في سوريا إلى تفاقم الانقسام بين السنة والشيعة في لبنان، حيث يؤيد معظم شيعة البلاد نظام الأسد ذا الأغلبية العلوية الشيعية، في حين يؤيد معظم السنة المعارضة السورية ذات الأغلبية والقيادة السنية. ومفتاح بقاء الحكومة الحالية أو سقوطها هو وليد جنبلاط زعيم دروز لبنان وهو سياسي اشتهر بمواقفه السياسية المتقلبة وتغيير ولاءاته باستمرار. وفي الآونة الأخيرة قام جنبلاط بتوجيه الاتهام علناً للأسد بالضلوع في جريمة اغتيال الحسن في التاسع عشر من أكتوبر الحالي، وهو ما يمثل تراجعاً عن دعمه السابق لنظام الرئيس السوري. ولو عزز جنبلاط هذا التراجع بسحب دعمه لحكومة ميقاتي، فإن ذلك سيقود لتشكيل حكومة جديدة لا يكون لـ"حزب الله" نصيب الأغلبية فيها. وفي الماضي لم يكن "حزب الله" يظهر الكثير من التسامح تجاه من يتحدى سلطته. فعندما حاولت الحكومة السابقة إغلاق شبكات اتصالات الحزب الداخلية في عام 2008 نزل مقاتلوه للشوارع واحتلوا معظم أحياء العاصمة بيروت. وفي الحقيقة أن الانقسامات في صفوف الحزب هي ما يمثل هاجسه الرئيسي. وقد بدا هذا واضحاً من التحذير الذي وجهه الشيخ "نعيم قاسم" نائب الأمين العام للحزب الأسبوع الماضي وقال فيه "يجب ألا يكون هناك تدخل دولي في التحقيقات التي تتم بشأن اغتيال الحسن". وكان وفد من مكتب التحقيقات الفيدرالي قد وصل إلى بيروت يوم الخميس الماضي لمساعدة السلطات اللبنانية في التحقيقات المتعلقة باغتيال الحسن؛ فضلاً عن أن بعض اللبنانيين طالبوا - قبل ذلك- بإحالة القضية للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان على رغم أن هذا الإجراء يحتاج إلى تصويت من مجلس الوزراء وهو ما يمثل خطوة ليس من المحتمل أن تقدم الحكومة عليها في الوقت الراهن. دبك ديهجانبيشه بيروت ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©