الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هكذا نصنع الفارق!

هكذا نصنع الفارق!
1 نوفمبر 2012
تركت إطارات عجلات بيريلي السائقين والفرق في حالة ارتباك وحيرة في أكثر من مرة ومناسبة. كما جعلت بعض السباقات تتخذ مناحي مثيرة. يُسلط جاري ميناجان الضوء هنا على نجاح مصنعي إطارات عجلات بيريلي وخططهم للموسم المقبل. في شهر يناير من هذا العام، وخلال حفل فاخر أُقيم بمناسبة تم إطلاق إحدى الفعاليات بحلبة ياس مارينا، كان مدير شركة بيريلي الإيطالية لصناعة إطارات عجلات السيارات بول همبيري يخاطب الحاضرين، إلى أن وجد الرجل الإنجليزي نفسه يُقدم اعتذاراً وهو على وشك كشف مكونات إطارات عجلات بيريلي لبطولة الفورمولا - 1 العالمية الجديدة 2012. وكان يعلم أن سحب قطعة الثوب الأسود لن يكون من أجل كشف سيارة أنيقة مدهشة ضخ فيها الرعاة والممولون أموالاً طائلة، وإنما للقول إن إطارات مطاطية سوداء بستة أقواس ستبدو مخيبة نوعاً ما. إذ قال بنبرة يطغى عليها الشعور بالحرج والخجل «آسف. الإطارات ليست مثيرة جداً». ولكن المفارقة الحاصلة هو أنه لولا مكونات إطارات بيريلي تلك، ما تسنى للمشاهدين الاستمتاع بذلك التنافس الحامي والمثير الذي يحدث بين فرق مثل ريد بول وفيراري ومرسيدس. ولولا هذه الإطارات لما مرت جولات هذا الموسم بهذا القدر من الإمتاع، ولما شهدنا تلك المفاجآت التي ميزت جولات النصف الأول من الموسم خاصة. ويبدو أن شركة بيريلي، التي تتخذ من ميلانو مقراً لها نجحت في إنتاج إطارات مذهلة السنة الماضية، نجحت في جعل جولات الموسم تمر في أجواء جيدة، لكنها أخلفت الموعد هذه السنة، وجاء صانعوها بإطارات متواضعة خيبت آمال كثير من المتابعين. ولم يحدث ذلك بسبب سوء تقدير أو تخطيط، فقد كان همبيري يعلم أن إطارات موسم 2012 ستُثير جدلاً طويلاً قد يغدو مع الوقت مُتعباً للأعصاب. ولذلك، كان لا يفتأ يردد بأن مهمته الصعبة والتي لا يُحسد عليها هي محاولة جعل مطاط الإطارات يبدو أكثر إثارة. وبعد مرور أكثر من ثمانية عشر شهراً على استخدام هذه الإطارات، يصعب نفي كون همبيري ماضيا في طريقه نحو النجاح. ولعل أكبر دليل على ذلك هو كون إطارات العجلات التي صنعتها شركته أسهمت بقدر كبير في صنع الحدث وجعل البطولة أكثر إثارة. وحينما يتحدث عن مكونات إطارات هذه العجلات سريعة التآكل والتلف، يستخدم همبيري كلمات من قبيل «محفوفة بالمخاطر» و»جريئة»، حتى لَيُخيل إليك أنه يتحدث عن شيء آخر، وليس عن مجرد غطاء مطاطي قابل للنفخ. وقد دأب ما بين 50 إلى 60 موظفاً وفنياً من شركة بيريلي على السفر إلى 20 دولة كل سنة لمرافقة جولات بطولة الجوائز الكبرى. ما جعل إقامات الضيافة التي يتنقلون بينها سنوياً تُصبح بمثابة منزل متجول دائم لهم. وعندما طرحنا في «ذا ناشونال» سؤالاً على همبيري حول مدى نجاح سعيه لإضفاء طابع رومانسي على إطارات العجلات، انفجر ضاحكاً وقال «هذا شيء صعب، أليس كذلك؟»، قبل أن يضيف «أعني أن تلك الإطارات دائرية الشكل، سوداء اللون، ولم تُصنَع لإشباع رغبة ما. المهم هو أنها تُعد منتجاً آمناً. حسناً، دعنا نعود إلى سؤالك «كيف نجعلها مثيرة؟». نقوم بذلك عبر ابتكار إطار عجلة يتحدث عنه الناس ويُسيل مداداً كثيراً وجدلاً طويلاً!». وبالرغم من أن هذه الإطارات تتآكل بسرعة حسب تعليمات الرئيس التنفيذي للفورمولا-1 بيرني إكليستون، مالك الحقوق التجارية لسباق السيارات في هذه البطولة، فإنه لا بُد من التنويه أن هذه الإطارات ضرورية جداً ولا تقل أهمية عن محركات السيارات نفسها. لكنها تبقى لُغزاً يستعصي حله، أو عقدة يصعب فهمها، على نحو يُذكر بتلك العقدة الطاغية في روايات الكاتب الروسي دوستويفسكي. لا أحد يفهم تماماً ماهية مكونات هذه الإطارات. ويعود ذلك في المقام الأول إلى كون مواصفاتها تتغير من سائق لسائق، ومن مسار حلبة لآخر، وبتغير الظروف الجوية واختلافها. ففي دقيقة واحدة، يمكن للسائق أن يُحكم سيطرته التامة على السيارة. وفي الدقيقة التالية، قد تشب العجلة عن الطوق وتتعرض لما يشبه السقوط الحر، كما حدث مع جنسن باتون، بطل العالم عام 2009. ويقول همبيري «أصبحت إطارات العجلات جزءاً لا يتجزأ من استراتيجية السباق بالنسبة للفرق، وتلك كانت رسالتنا، ونحن بصدد شرح ما يحدث. لا نُريد أن نكون العنصر المهيمين في نهاية الأسبوع، بل نريد فقط أن نكون جزءاً من سباق نهاية الأسبوع. هذا ما نُحاول القيام به». في أول سباق فورمولا-1 جرى باستخدام عجلات بيريلي منذ 20 عاماً خلال جائزة أستراليا الكبرى سنة 2011، أنهى سيرجيو بيريز السباق في المركز السابع فقط لأنه اضطر إلى التوقف من أجل تغيير إطارات العجلات. وكان خمسة متسابقين مساء هذا السباق، بمن فيهم مارك ويبر الذي حل ثالثاً، قد اضطروا إلى التوقف لصيانة سياراتهم أربع مرات. ويقول همبيري «يمكننا أن نصنع ما يطلبه الزبون بحذافيره وبالحرف الواحد. لكن في حالة الفورمولا - 1، مالك الحقوق التجارية هو من طالبنا بصُنع إطار عجلة يتآكل بسرعة ويحتاج إلى التوقف مرتين أو ثلاث في كل سباق. وهو أمر لا يختلف كثيراً عن الطريقة التي كانت تمر بها هذه الرياضة في السابق، حيث كان المتسابقون يتوقفون مرتين في كل سباق للتزود بالوقود». لكن السؤال المطروح هنا هو ألا تُجازف شركة بيريلي بسمعتها باعتبارها تسعى إلى استخدام بطولة الفورمولا - 1 أداة ترويجية لمساعدتها على بيع إطارات عجلات سيارات الطرق العادية في الأسواق الرئيسة بالشرق الأوسط وآسيا والأميركيتين، حيث سيرتبط اسم «بيريلي» بسرعة التآكل والتلف وقلة التحمل في أذهان العملاء والزبائن؟ ويقول همبيري تعليقاً على هذا التساؤل «نحن نعي تماماً أن بعض الناس سيقولون أحياناً «هل يعني هذا أن إطارات عجلات بيريلي تتآكل وتتلف بسرعة حتى في الشوارع العادية وما إلى ذلك؟ دعني أخبرك شيئاً: من السهل علينا صُنع إطار عجلة يصمد طوال فترة السباق. وإذا كان لسيارتك إطار عجلة يتحمل السير مسافة 300 كيلومتر، فإنك على الأرجح ستكون أول من يشكونا. يجب أن نثق في الجمهور ونوقن أنهم يُدركون تماماً أن الأمر يتعلق هنا برياضة هي أقرب ما تكون إلى المرح، منها إلى واقع السياقة اليومية. أضف إلى ذلك أن بيريلي هي شركة تسعى إلى المجازفة أكثر وصنع منتجات جريئة وغير تقليدية». ويضيف همبيري أنه لو كان هدف شركة بيريلي إقناع الجمهور بجودة إطاراتها عبر بطولة الفورمولا - 1، لصنعت مجموعة إطارات يتصف كل واحد منها بقدرته على تحمل سباقات الموسم بأكمله دون أدنى تآكل أو تلف. «لكن ذلك كان سيكون على حساب هذه الرياضة الشائقة. ولست متأكداً إذا كان كثير من الناس سيُبدون اهتماماً بمتابعة سباقات بهذه الرتابة». وعلى غرار ما حدث السنة الماضية، ستُسهم جائزة الاتحاد للطيران الكبرى نهاية هذا الأسبوع في المساعدة على التعريف بمكونات إطارات عجلات موسم 2012 نظراً لأن بيريلي تعتزم مواصلة تطوير مكوناتها استعداداً للموسم المقبل. وقد جمع فنيو الشركة مسبقاً كثيراً من البيانات الخاصة بأداء هذه الإطارات على حلبة ياس مارينا بعد منح الفرق فرصة خوض تجربتهم الأولى لإطارات 2011 هنا في أبوظبي سنة 2010، ثم الكشف على استحياء عن النسخة الجديدة التي صنعتها بيريلي خصيصاً لموسم 2012. وستتزامن نهاية موسم البطولة المقبل سنة 2013 مع انتهاء عقد الشركة الإيطالية مع إدارة الفورمولا - 1، لكن همبيري يقول إنه واثق أن علاقته بالبطولة ستتجدد. ويُردف «نحن لا نزال في منتصف طريق مغامرتنا. ونأمل أن تكون هذه السنوات الثلاث- مدة عقدنا- هي بداية مشوار طويل مع بطولة الفورمولا - 1. وفي الواقع، لا توجد شركات كثيرة قادرة على تزويد البطولة بالإطارات التي ترغب فيها. لكننا نشعر أننا حققنا عوائد وفوائد جيدة من هذه الشراكة التعاقدية». هذا ما يراه همبيري، ولكن القرار الأخير سيكون بيد الرجل الأول في إدارة الفورمولا - 1، إكليستون. غير أنه وبعد خوض موسمَيْ سباق من أروع ما يكون إلى الآن، عليه ألا يتوقع أي نوع من الاعتذار من قبل همبيري، بل رُبما قد يجد هذا الأخير أنه يستحق بالمقابل الثناء والامتنان.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©