يتوقع أن يتغير موقف بريطانيا وأسبانيا من الهجرة في ظل الازدهار الاقتصادي الذي يعيشه البلدان إذ يرى خبراء الاقتصاد أن الأمر في الواقع يعود إلى العمالة الأجنبية· وقالت صحيفة ''فاينانشال تايمز'': بعد الهبوط النسبي الذي أصاب الاقتصاد البريطاني على مدى عقود من الزمن وبداية تماثلها بالشفاء في الثمانينات من القرن الماضي، فإن الأرقام تشير إلى أنها تتمتع بنمو اقتصادي كبير بخطوات سريعة تفوق أول أربع عشرة دولة مكونة للاتحاد الأوروبي حيث كشف صندوق النقد الدولي أن اقتصاد المملكة المتحدة نما بنسبة 2,7 في المائة في الفترة ما بين 1998 و 2007 بالمقارنة مع 2 في المائة لمنطقة اليورو ككل· وارتفعت الهجرة الصافية إلى 150 ألف نسمة في عام 1998 وبلغت أقصاها بعد عام 2004 عندما سمحت بريطانيا لمواطني الدول الجديدة في الاتحاد الأوروبي بالعمل في أراضيها دون قيود·
وشهدت أسبانيا تدفقا لأعداد من المهاجرين يقدر بـ645 ألف عامل في عام 2004 وهو ما يعادل 1,5 في المائة من عدد السكان حسب تقديرات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية· وقال خبراء إن تلك الهجرة لا يمكن أن تكون منفصلة عن الوضع الاقتصادي المزدهر الذي تشهده أسبانيا حيث سجل الاقتصاد الأسباني معدل نمو يصل إلى 3,7 في المائة بين عام 1998 و·2007 وفي المقابل نجد أن فرنسا وألمانيا غالباً ما تسمح بالوفود إلى أراضيها للعمالة الأجنبية المؤقتة لفترة قصيرة من الزمن في حين أنها تطبق إجراءات صارمة أمام العمالة الأجنبية المقيمة لفترة طويلة من الزمن، وقدر صندوق النقد الدولي نمو اقتصاد فرنسا وألمانيا بمعدل 2,2 في المائة و 1,3 في المائة على التوالي·
وهناك اختلاف بسيط بين خبراء الاقتصاد حول تعزيز الهجرة من الأداء الكلي للاقتصاد حيث أنها تزيد من حجم الطلب نتيجة إنفاق المهاجرين أنفسهم كما تعمل على رفع الإنتاج وربما تخفيف الضغط على التضخم· وأعلن البنك المركزي البريطاني (بنك انجلترا) أن ارتفاع معدل الهجرة الصافية قد يؤدي إلى تقليل الضغوط على التضخم ويقدم فائدة كبيرة كالتي تقدمها العولمة كما أنها باختصار تمثل ''صمام أمان'' حيث يأتي العمال فقط في حالة توفر فرص عمل فإذا انعدمت الفرص عادوا مرة أخرى إلى بلادهم· إلا أن ارتفاع النمو الاقتصادي في أسبانيا وبريطانيا لم تتبعه رفاهية في مستوى المعيشة حيث إن ما يكسبونه من المهاجرين يذهب بعد فترة إلى المهاجرين أنفسهم وذلك من خلال الرواتب العالية والمعايير المحددة التي يسعى إلى تطبيقها المهاجرون في كافة جوانب حياتهم ما دفع المملكة المتحدة إلى التركيز على العمالة الرخيصة ذات المهارات البسيطة·
وفي دراسة للمفوضية الأوروبية وجد أن أربعة من أصل عشرة شباب يعانون من البطالة ما يعني أن معدل البطالة مرتفع خاصة بين الشباب ممن تتراوح أعمارهم بين 18 إلى 25 عاما يعود إلى افتقارهم للمهارات الأساسية اللازمة لدخولهم سوق العمل إلى جانب الحواجز التي تضعها بعض الجهات أمامهم· وتطالب الدراسة الدول بتقديم مرونة أكثر لانخراط الشباب في العمل وتأمين نظام مادي واجتماعي مناسب لهم· ووجد أن انخفاض معدل البطالة في العام 2005 إلى 8,8 في المائة وارتفاع معدل التوظيف خلال السنوات الأربع الماضية ساهم بشكل فعال في زيادة الإنتاجية·
عدد اليوم
