الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«أرض الصومال».. والهجرة إلى أوروبا

6 نوفمبر 2015 21:43
من المرجح ألا تعرف «فايزة زاجي يوسف» تاريخ وفاة ابنها، لكن المكالمة جاءتها في 6 مارس، لقد استغرق الأمر نحو 10 ثوانٍ حتى جاءها صوت على الطرف الثاني - من مكان ما في ليبيا - يقول: «لقد عانى ابنك وهو الآن ميت». وقبل أشهر، كان هذا الابن، محمد، يعمل مصوراً لحفلات الزفاف في أرض الصومال «صوماليلاند»، في القرن الإفريقي، وكان واحداً من قلة محظوظة لديها عمل ثابت في بلاد تبلغ فيها نسبة البطالة بين الشباب 70%، ما ضيّق سبل العيش أمام عدد سكانها القليل. ومع ذلك، فقد قرر أن احتمال السفر إلى أوروبا يستحق المراهنة على حياته. وقصة محمد ليست فريدة من نوعها: فكثير من الشباب في أرض الصومال الذين يغادرون البلاد ينضمون إلى الآلاف من المواطنين الأفارقة والشرق أوسطيين في رحلتهم المحفوفة بالمخاطر، عبر مسارب الهجرة السرية، إلى أوروبا، ووفقاً لتقديرات الحكومة، فإن نحو 300 شخص - تتراوح أعمارهم بين 18 و30 - يغادرون «صوماليلاند» كل شهر لبدء رحلتهم المعروفة باسم «تهريب»، ومن الصعب الحصول على إحصاءات رسمية، نظراً للطبيعة غير المشروعة لهذا النوع من الهجرة. وفي حين أن الأرقام هي جزء من أكثر من نصف مليون مهاجر عبروا إلى حدود الاتحاد الأوروبي هذا العام، إلا أن هجرتهم الجماعية تلتهم النسيج السكاني لشعب «صوماليلاند» البالغ تعداده 3,5 مليون نسمة. وفيما يطلق عليه «مأساة وطنية»، فإن هذه الهجرة الشبابية تضغط على المجتمعات المحلية المتماسكة بإحكام وتعمق حالة الفقر التي يعانيها كثيرون، ويبدو أيضاً أن المسؤولين المحليين في حيرة من أمرهم بشأن سبل وقف هذه الهجرة المتزايدة. و«صوماليلاند»، غير المعترف بها دولياً، تفخر باستقرارها. ومنذ أن انفصلت، من جانب واحد، عن الصومال قبل نحو 15 عاماً، حققت تقدماً نسبياً، على رغم كل الصعاب، فيما يتعلق بوضع نظام سياسي، وإنشاء مؤسسات حكومية وقوة شرَطية وعملة خاصة بها. وعلى رغم ذلك، فإن التقدم لم يواكب تطلعات الجيل الأصغر سناً للحصول على وظائف وفرص مهنية، ولم يخلق السياسات التي تساعد على إشراكهم. وكثيرون يشعرون بعدم الراحة والملل، وتقول «إدنا عدن»، وهي سياسية مرموقة ومدافعة عن الرعاية الصحية للنساء: «إنهم سريعو التأثر، ويعتقدون أن شوارع أوروبا مفروشة بالذهب، ولكنها ليست كذلك». ولا تزال أرض الصومال، إلى حد كبير، مجتمعاً أبوياً، ولا يزال يتعين على النساء أن يتعاملن مع وجهات النظر الدينية المتحفظة، والنظام القبلي المتأصل الذي يفضل بطبيعته الرجال. وتقول «مبوسيد»، وهي امرأة مطلقة تبلغ من العمر 24 عاماً، إن أفضل سيناريو لها في أرض الصومال هو العمل كعاملة نظافة مقابل مبلغ ضئيل من المال. وهي تقلب في الصور على هاتفها المحمول، وتشير إلى صديقة ذهبت إلى ألمانيا منذ أكثر من عام، وهي الآن متزوجة من رجل ألماني. وهذه هي الحياة التي تريدها «مبوسيد»، وإذا استطاعت ادخار 6500 دولار -تمتلك منها الآن 1500- فإنها ستدفعها للقيام برحلة «تهريب». وإذا نجحت في ذلك ووجدت وظيفة، فسترسل النقود لابنها. وتجهد الحكومة المحلية من أجل إقناع الشباب بالبقاء، وهناك حملات لمكافحة رحلات «تهريب»، وهي مدعومة من قبل المنظمات الدولية، حيث يذهب الدعاة ويطرقون الباب تلو الآخر لرفع الوعي حول مخاطر «تهريب»، غير أنهم لا يحققون سوى نجاحات محدودة، بحسب اعترافهم. ومن جانبها، أنشأت الحكومة مركز «صوماليلاند» للتوظيف بهدف مكافحة البطالة المتزايدة بين الشباب، ولم يحقق المركز، الذي يقع في العاصمة «هرجيسا»، نجاحاً يذكر. ومن بين الـ 700 طلب للتوظيف مسجلة لديه الآن، تمكن المركز من تعيين 70 شخصاً فقط في وظائف بدوام كامل منذ افتتاحه قبل عامين. ويعرب «صلاح»، 26 عاماً، الذي يدير محال الملابس الخاصة بوالدته، عن تفهمه مع مشاعر الإحباط التي يشعر بها جيله بسبب التقدم البطيء الذي يحرزه هذا الجزء المنسي من العالم، ولكنه يخشى أيضاً أن ينساق رفاقه وراء التوقعات الوهمية التي ترسمها صور «الفيسبوك». ولذلك يقول: «بدلاً من استثمار 10000 دولار في رحلة (تهريب)، لماذا لا نفكر في شيء جديد وجلبه إلى هنا. أعلم أنه لا توجد وظائف، ولكن العمل في سوبر ماركت أفضل من المخاطرة بالحياة». لقد فقدت «فايزة يوسف» ابنها في رحلة «تهريب» لأنها لم تتمكن من جمع فدية قدرها 3000 دولار، وقبل ذلك بعام، كان عليها دفع فدية أخرى، عندما ذهب ابنها الآخر في رحلة مماثلة. *كاتي ريوردان *مراسلة صحفية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©