الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

ترجمة الشعر.. بين الخيانة والخوف والتأويل والحرفية

ترجمة الشعر.. بين الخيانة والخوف والتأويل والحرفية
6 نوفمبر 2015 22:10
محمد عبدالسميع (الشارقة) ناقش المشاركون ضمن فعاليات البرنامج الثقافي للدورة 34 من معرض الشارقة الدولي للكتاب، أمس الأول في قاعة ملتقى الكتاب، تفاصيل الإشكاليات المترافقة مع عمل المترجمين وإسهامهم في نقل النصوص من وإلى اللغات المختلفة. وتحدث في الجلسة الروائية دلال خليفة، وشاعر بورما كوكو ثيت، والدكتور غانم السامرائي أستاذ أدب النقد الإنجليزي بجامعة الشارقة، وأدارها الكاتب زكريا أحمد، الذي أشار إلى أن المترجم يوصف بأنه خائن للنص الأصلي، ويعلل ذلك بأنه مهما بلغت الترجمة من دقة لا يمكن لها بأي حال من الأحوال أن ترتقي لمقام النصوص الأصلية، لهذا اشتد الجدل بين المترجمين حول كيفية الترجمة، فهل يترجم الشعر عن طريق التأويل أم يكون الترجمة الحرفية للقصيدة. متسائلاً: ما مدى صحة هذا الوصف، ومن هو المترجم وكيف يترجم النص، وهل النص ملك للمترجم؟ وأضاف أسئلة كثيرة سنحاول تناولها وإيجاد الإجابة عنها. وأشارت خليفة في بداية الجلسة إلى تجربتها مع القراءة واكتشافها نصوصاً شعرية تم ترجمتها بواسطة الأديب مصطفى المنفلوطي لشكسبير وأعجبتها كثيراً، وكانت المفاجأة عندما قرأت النص الأصلي للقصيدة وجدت فيها الكثير من العواطف والمشاعر عكس ما تناوله ووصفه المنفلوطي، وقالت إن الأشكال الأكبر في ترجمة الشعر بالذات يأتي من طبيعة النصوص والطريقة التي تستخدم بها اللغة، فمن النادر أن تجد الكلمات المترجمة المعبرة، والتي فيها نفس الجرس الموسيقي، وبالتالي لا تستطيع الترجمة أن تأتي بروح النص. وذكرت أن هناك نوعين للترجمة هما الترجمة الشكلية وترجمة التكافؤ الديناميكي، والترجمة الشكلية وتعرف بالترجمة الحرفية التي يقوم على ترجمة المعنى بالمعنى. أما التكافؤ الديناميكي أن يكون تأثير الترجمة على قارئها موازياً تقريباً لتأثير النص الأصلي على قارئه. وأضافت هذه الخصوصيات، والتي هي من أكثر المسببات لإشكاليات الترجمة تأتي من طبيعة وخلفية المجتمعات عن المجتمعات الأخرى. هناك كلمات لا تجد لها مقابلاً في اللغات الأخرى مثل كلمة «دنيا»، بما يعني الإحساس بالجمال ليس لها مقابل في اللغة الإنجليزية. أيضاً المترادفات والتكرار اللفظي صعب نقله حرفياً، سيأتي بالمعنى ولكن لن يعبر عن الطرافة داخل النص. فمثلاً ربط الأشياء السارة «كأثلج صدري» لو ترجم حرفياً لوصل عكس المعنى للمتلقي الغربي، وتابعت الترجمة السيئة لا تسيء للنص فحسب، بل إلى اللغة التي استخدمها المترجم، والترجمة العربية عانت كثيراً الترجمة الكسولة. وحددت إشكاليات الترجمة في: الولاء غير المبصر، الأسلوب، الالتباس، عدم تحري المترجم المعنى الدقيق لمفرداته. وذكرت موقف للملك فيصل عندما سأل عن ماذا يتمنى فقال أتمنى زوال إسرائيل، وترجمت بمعنى آخر بكلمة الإبادة، وبالطبع هناك فرق فالزوال هو التمني بعدم حدوث الشيء أم الإبادة فهو فعل عدائي. واختتمت بأن الترجمة لا تحدها قوانين علمية أو ما تقوله القواميس هناك مساحة لفكر المترجم ورؤاه وفهمه للنص الذي يترجمه لأسلوب من سيقرؤه. وأشار د. السمرائي إلى أن الروائية دلال والشاعر ثيت تحدثا عن أشياء تصب في الغالب في الترجمة الأدبية، نحن هنا لمناقشة إشكاليات الترجمة، ترجمة الشعر قد تكون مستحيلة لانعدام فرصة التطابق بين اللغة الأم واللغة المترجمة، وقبل أن نترجم لا بد أن نحدد: ما النص الذي يشتغل عليه المترجم هل هو نص قانوني اجتماعي أدبي، ما الذي نريده من وراء الترجمة، من هو القارئ المستهدف. وتسأل: هل أن المترجمين خونة للنص؟ هو في الحقيقة إشكالية قديمة جديدة لكن تستمر باستمرار مشاكل لوجستية لها صلة بطبيعة المترجم، مؤكداً أن هناك فوارق بين مترجم وآخر مترجم مبتدئ، وآخر لديه تجارب وخبرات ثقافية، أنا لا أتفق مع قضية المترجم الخائن لكن المترجم يمكن أن يكون مخطئاً في اختيار اللغة والمعنى والمرادفات في الثقافة التي يستهدفها، وأشار إلى أن فهم الثقافات مهم، فاللون الأبيض للأزهار تعني مدلولاً معيناً آخر في الثقافة الإنجليزية تتعلق بمناسبة الموت، هناك اختلافات في الثقافة على المترجم أن يكون ضليعاً وخبيراً مدركاً لديه أدوات المعرفة. وأضاف: نشاهد دور الجامعات في إعداد المترجمين والتطوير النظري للمترجم لكن الحقل العملي مختلف تماماً وله دور في أداء المترجم على النحو الأكمل. وقال: كنت دائماً أبتعد عن إعادة إنتاج النص بالشكل الذي يتوافق مع المعنى فقط وكنت أهتم بالموسيقى أكثر، فأحياناً كثيرة نجد أن قصيدة تترجم من اللغة الإنجليزية إلى العربية بعيدة عن النص الأصلي. والمترجم لم ينجح بسبب الخوف الذي هو داخل المترجم يجب أن يتحرر المترجم من سلطة الخوف. عندما سأل مؤلف مترجماً لماذا ترجمت لي بالذات، رد عليه المترجم: اللغة رفعت من شأني كشاعر وأحببتك وأردت للغة أن ترفع من شأنك أنت أيضاً. واختتم: كل لغة مهما صغر شأنها قادرة على الإنتاج والخلق الرائع، وهناك سياقات في تفسير القصيدة يخلقها النص إذا تمكن المترجم من فهم السياقات سيكون قد نجح. ..وفي المقهى الثقافي: دور الترجمة في تحقيق الشهرة والانتشار الشارقة (الاتحاد) تناولت الأمسية التي عقدت في المقهى الثقافي، أول من أمس، دور الترجمة في تحقيق الشهرة والانتشار، تحدث فيها الباحث والمترجم زكريا أحمد، وأدارها الدكتور شاكر حسن، المتخصص في الترجمة الفورية. وقال الباحث زكريا أحمد: «بداية لا بد من الإشارة إلى أن الترجمة عملية ليست سهلة، وتتضمن الكثير من المعرفة العميقة باللغة والثقافة، فهي ليست عملية نقل كلمات وترجمتها»، لافتاً إلى أن الترجمة تلعب دوراً في تحقيق مكانة عالمية للمبدع والأديب، لكنها تحتاج إلى ترويج، بمعنى ترويج للمبدع وما يمتلكه من إبداعات ومعارف. وأشار زكريا إلى أن المترجم يعتبر الوسيط بين لغتين، وبالتالي فإنه الوسيط بين ثقافتين. لافتاً إلى أننا اليوم جميعاً نتعامل مع الترجمة ونحتاجها، فالترجمة هي عصب الحياة ولا يمكن الاستغناء عنها بغض النظر عن تعريفها، فهي قد تكون نقلاً أميناً للنص، وقد تكون نقل روح النص، وقد تكون غير ذلك، لكن يبقى الهدف من الترجمة هو معرفة ماذا عند الآخر من معارف وعلوم وإبداع، ومن هنا لا بد من الأمانة في الترجمة، فالمترجم مثل الزجاج الشفاف ناقل دقيق للمعلومة، وهذه عملية صعبة جداً. وأوضح أن الترجمة بالضرورة تتجاوز معرفة اللغة إلى المعرفة العميقة للثقافة، وهذه إحدى القضايا المهمة في عملية الترجمة، وأكد زكريا أن الترجمة هي طريق للشهرة والانتشار، لكنها تحتاج إلى الترويج.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©