السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العرب و التكنولوجيا··القطيعة إلى متى؟

العرب و التكنولوجيا··القطيعة إلى متى؟
21 مارس 2007 23:26
تحقيق- نورا الظاهري تطورت التكنولوجيا في السنوات الأخيرة تطوراً بالغاً في شتى جوانب حياتنا، وإذا كانت الثورة الصناعية قد نقلت العالم إلى مرحلة جديدة من التطور، فإن ثورة المعلومات التي نشهدها حالياً قد نقلت العالم نقلة نوعية لا مثيل لها في التاريخ·وعندما نتحدث عن ثورة المعلومات فإنما نتحدث عن الشبكات، والاتصالات، والمعلومات، ونعني أيضاً الكترونيات المستهلك كالهاتف المتحرك، والمشغل الرقمي MP3، والتلفزيون ذي الشاشة العريضة، والكاميرات الرقمية وغيرها من الإلكترونيات التي تكتظ بها المحال التجارية، ويقبل عليها الناس إقبالا شديدا·وإذا كانت التكنولوجيا تهدف إلى خدمة الإنسان وتحسين مستويات المعيشة، فإننا نشهد أحياناً عكس ذلك ، ولا يعود السبب إلى التكنولوجيا نفسها، وإنما طريقة استخدامها حسب ما جاء في المثل ( التكنولوجيا سلاح ذو حدين )· أصبحنا نلاحظ ظواهر عديدة تؤكد سوء استخدام التكنولوجيا وخاصة في مجتمعاتنا العربية مما يضيف مشكلة جديدة إلى المشكلة الأساسية حيث أننا مجتمع مستهلك للتكنولوجيا ولسنا منتجين لها، فما بالك إذا أسأنا استخدامها أيضا؟ على سبيل المثال يمكن استعمال حلقات الدردشة للتواصل مع الأهل وإنجاز أعمال مهمة وللتسلية، أما أن نقضي الوقت الطويل أمام شاشة الكمبيوتر، ففي ذلك ضرر كبير، ويؤدي إلى الانعزال عن الأسرة مما يؤثر سلباً على حياتنا كأفراد في هذا المجتمع· في هذا التحقيق حاولنا استطلاع رأي الخبراء وذوي الاختصاص فيما يتعلق باستهلاك التكنولوجيا، وكيف يمكن الاستفادة منها على أكمل وجه ؟ واستعرضنا مظاهر الاستهلاك الباذخ الذي يهدر المال والوقت دون فائدة· سلاح ذو حدين تحدث الدكتور محمد أبو العينين - رئيس قسم الاجتماع-جامعة الإمارات عما تحقق فقال: : لا نبالغ إذا قلنا إننا نعيش بحق عصر التكنولوجيا· فمنذ الثورة الصناعية التي أحدثت انقلابا خطيرا في حياة الناس، ونحن نشهد تطورات مذهلة في التطور التقني واستخدام الآلة· ينطبق ذلك على أبسط أمور حياتنا وينسحب على أكثرها تعقيداً· ولقد عمت الاستفادة من التكنولوجيا لتغطي كل جوانب حياتنا: في المنزل والمدرسة ومكان العمل والمستشفى وأماكن الترفيه والسوبر ماركت، الخ· لم يعد باستطاعتنا إنجاز كثير من الأعمال بدون التكنولوجيا· ولو حدث عطل مثلا في جهاز من الأجهزة لتوقف دولاب العمل أو لخسرت الشركة خسارة مادية فادحة أو لمات المرضى في العيادات· فالتكنولوجيا مفيدة حقا ولم يعد لنا عنها غنى في الوقت الحالي· ويضيف قائلا عن سوء استخدام التكنولوجيا: إذا أحسنوا استخدامها زادت من تقدمهم وإذا أساءوا استخدامها انقلبت عليهم وربما دمرتهم· هل كان يخطر ببال نوبل أو جراهام بل أو مدام كوري أو غيرهم من المخترعين أن أفكارهم ستستخدم على نحو سلبي؟ إن الممارسات البشرية الخاطئة هي التي تجعل التكنولوجيا وبالا على مستخدميها· التكنولوجيا سلاح ذو حدين فمثلا توجد دراسات اجتماعية عن أثر التليفون على العلاقات الاجتماعية، وهل أدى انتشار التليفون إلى تدعيم الأواصر الاجتماعية أم تحجيمها· لقد كان الناس قبل اختراع التليفونات وانتشارها يتواصلون بشكل مباشر (علاقات الوجه للوجه) ولكنهم اليوم يكتفون بسماع صوت الآخر وربما حتى الاكتفاء برسالة (مسيج) على الهاتف النقال· هنا تقل اللحمة والتماسك الاجتماعي والحميمية ويتحول الناس إلى مخلوقات منزوع عنها الحب والعاطفة والرحمة تماما مثل طعام الحمية المنزوع عنه الدسم والسكر!! ومن جانبه تحدث الدكتور عبدالرحمن غالب أخصائي تربية، فبين ما للتكنولوجيا بمختلف أنواعها من فوائد جمة في جميع نواحي الحياة المختلفة· في التعليم، المواصلات، التجارة، البنوك، المطارات، المصانع وغيرها، فلا يكاد يخلو مجال من مجالات الحياة إلا والتكنولوجيا جزء منه· جزء من حياتنا وأكد الدكتور عبدالرحمن الخلافي أهمية التكنولوجيا في معظم نواحي حياتنا·· في التعليم، المواصلات، التجارة، البنوك، المطارات، المصانع وغيرها، ولا يكاد يخلو مجال من مجالات الحياة إلا والتكنولوجيا جزء منه ، فكل قطاعات المجتمع بدون استثناء تستفيد من التكنولوجيا بطريقة أو بأخرى، ومن جانب آخر إن الاستخدام الجيد للغرض الذي صنعت من أجلة دون إفراد ولا تفريط والرجوع إلى التعليمات الخاصة بالاستخدام الأمثل والتي عادة تصدر من قبل الشركات المصنعة، أما فيما يتعلق بالتوجيه والإرشاد فهو مسؤولية الجميع خاصة البيت (الأسرة) والمدرسة والإعلام والمجتمع ، بحيث يلعب الإخصائيون التربويون دور مهم بالتوعية بطرق مختلفة وذلك من خلال إلقاء المحاضرات وكتابة المقالات والنشرات والمشاركة في الندوات والمؤتمرات وغيرها· الدكتور فكري محمد العتر،برنامج علم النفس-جامعة الإمارات عبر عن رأيه: إلى جانب القدرة على التغيير في حياة الناس هناك كثافة المعنى في هذه الإبداعات التكنولوجية، فمجالات استخدام هذه الإبداعات أصبحت واسعة و متنوعة ومتعددة، و ما تضيفه من مهارات لمستخدمها لا حدود لها· إذاً فهذه الإبداعات التكنولوجية شئنا أم أبينا مهمة ومفيدة للإنسان من مختلف الأعمار والثقافات وفي مختلف مجالات الحياة، وذلك بمعياري طاقة التغيير وكثافة المعنى· ويقول: أحدثت هذه الإبداعات التكنولوجية تغييراً حتى في أنماط الصداقة بين الأطفال والفتيان والشباب، فأصبحت الصداقة تقوم على تبادل المهارات المعلوماتية، وتبادل الألعاب الإلكترونية التي تتحدى الخيال والقدرات الذهنية والقدرات الإدراكية الحركية؟ ، وعلى المستوى الفردي بالنسبة للأطفال خصوصاً، أوجدت هذه الإبداعات حاجات جديدة للإنجاز، فالطفل الذي لا يستخدم مثل هذه التكنولوجيا في حياته اليومية، ربما يشعر بمشاعر النقص وبأنه شخص غير منجز، ولا يستطيع القيام بأي شيء له قيمة، وعلى العكس نجد أن الطفل الذي يستخدم هذه المنتجات التكنولوجية ويتقنها يكتسب الثقة بين أقرانه لأنه يدرك أن لديه قدرة كبيرة على الإنجاز والقيام بأعمال لها قيمة بين الأقران وعند الكبار· ويقول: لابد أن يواكب هذا الإبداع التكنولوجي إبداع آخر على مستوى أساليب التربية والتعليم المدرسية والتنشئة الوالدية ، فلدينا المسابقات والمنافسات قد تغيرت بالنسبة للنشأ وظهرت ساحات الكترونية جديدة لهذه المنافسات لابد أن ندرك أنها تمثل حجر الزاوية في بناء شخصية الفرد وبالتالي لابد من أن نفكر في كيفية دمجها في الحياة التعليمية للطفل، بما ينمي قدراته الإبداعية في المقام الأول ، و القدرة على التكيف و حل المشكلات· وهو تحد ينبغي أن نتصدى له بجدية و بفكر جديد و بدون مصادرات و أفكار مسبقة · التكنولوجيا قد تكون نقمة كذلك التقت ''الاتحاد'' ببعض الناس لمعرفة رأيهم عن هذا الموضوع ، سالم الأحبابي،موظف حكومي،تحدث قائلاً : لا أحد ينكر أهمية التكنولوجيا في حياتنا وخاصة في وقتنا الحالي وطرق الاستفادة منها كثيرة، بحيث لا يمكن الاستغناء عنها · إلا أنه للأسف، لا يحسن الكثير منهم استخدامها وخاصة نحن العرب: إن انتشار الهاتف المحمول أمر لا يُقاوم، وكلما دخلت إليه تقنياتٌ جديدة وإضافاتٌ مبهرة كلما ازداد الإقبال عليه بشكلٍ لافتٍ، وفي كلّ مرةٍ تفدُ تكنولوجيا جديدة علينا يبدأ النقاشُ حولها، وعادةً ما يحتدم هذا النقاش إذا تحوّلت هذه التكنولوجيا إلى مشكلةٍ اجتماعية لا يكادُ يخلو منها بيت، وعلى الرغم من الفوائد الجمة للهاتف الجوّال إلا أن آثاره الجانبية لا تقلّ خطورةً عن فوائده، خصوصاً إذا ما توفر في أيدي الجميع وبلا ضوابط أو قواعد، وبين من يطالب بالأخذ بهذه الضوابط والقواعد لذلك نجد أن معظم الشباب أساؤوا استخدام الهاتف النقال· نحن مجتمع مستهلك وفي المقابل أكد سيف الشبلي، طالب عن رأيه قائلاً : نحن اليوم أصبحنا نستهلك كل شيء وكل اختراع جديد نعتبره ضرورة يجب أن نقتنيه ونملكه في بيوتنا حتى انك تجد الشخص يملك أجهزة جوال وحاسباً محمولاً وجهازاً في منزله و(فلاش ميموري) فأعتقد بأن الشخص هو المسؤول الحقيقي في أن يوظب تلك التقنيات في أشياء تفيده وتنفعه سواء كان التزود بالمعلومات والإستفادة التي قد يجنيها جراء تلك التقنيات· ونلاحظ أيضا أن بعض الشباب يقتنون أكثر من هاتف نقال، فأنا أرى أنه لا حاجة له بل يكفي بأن يقتني الشخص هاتفا نقالا واحدا، إلا أن البعض يقول إن الطفرة الهائلة في عالم التكنولوجيا هي التي تجبر الشخص على اقتناء أكثر من هاتف · تطور مستمر ولم يختلف الشاب حميد عبد الله عن البقية، فقال : أرى أن التكنولوجيا في تطور مستمر ومتجدد وهذا ما نراه في الأسواق في منتجات استهلاكية متنوعة لمختلف فئات العمر، إلا أن كثيرا من الشباب يستخدمون جهاز الكمبيوتر استخداما غير سليم، ويضيعون وقتهم، فهم لا يتعلمون مايمكن أن يكون مفيداً لهم وبعضهم لا يستخدمه إلا في تصفح الانترنت سواء في المواقع الإباحية أو للدردشة في مواضيع تافهة، وفريق ثانٍ يستخدمه في الاستماع إلى الاغاني ومشاهدة أفلام الفيديو، وآخرون لا يعرفون عن الكمبيوتر إلا انه أداة لتشغيل الألعاب الالكترونية· وفي المقابل أكدت خولة الظاهري، طالبة جامعية ،عن رأيها قائلة : أرى أن التكنولوجيا التي يشهدها العالم اليوم والتقنيات الحديثة المصاحبة لها، إنما وجودها كان لخدمة البشرية وإسعادها لا لدمارها و ضياعها ، فأنا مثلا استخدم تلك التكنولوجيا من موبايل و حاسب آلي بجانب الألعاب الالكترونية دون أن اشعر في يوم من الأيام أن وجودها سبب في ضياع مبادئي أو قيمي، فكل تلك التكنولوجيا أستخدمها في مجالات استخدامها فالهاتف أو الحاسب الآلي استخدمه للاطمئنان على أقاربي أو التواصل مع صديقاتي ،و يدخل أيضا في مجال عملي و دراستي ،أما الألعاب الالكترونية فاستخدمها للتسلية والترفيه دون أن تفقدني الشعور بوقتي أو عائلتي ،ومن وجهة نظري الشخصية أرى أن المسؤولية عن فوضى استخدام التقنيات الحديثة في الدرجة الأولى تقع على كاهل أولياء الأمور، ومن ثم على وسائل الإعلام والمدرسة· ومن جانبها تحدثت هدى الظاهري، عن رأيها قائلة: التكنولوجيا هي وسيلة لتحسين مستوى حياة الإنسان ، ومن محيطه وبيئته، والتي من شأنها أن ترفع من شأنه وتجعله في مصاف المتقدمين والمتطورين· لن أقول البعض، ولن أقول الجميع ولكن هناك نسبة غير بسيطة ، أشخاص غير قليلين يعيشون بيننا، متوفرة لديهم هذه التكنولوجيا يستخدمونها ويعملون بها ولكن هذا العمل لا يخرج إلا من أشخاص جاهلين ·· غير مثقفين ·· غير واعين فيكون نتاج العمل الخراب والدمار والتوهان في ظلمات الضياع · يوجد بيننا الصالح ويوجد أيضا الطالح والوسيلة الوحيدة لكي نميز بينهم ونعرف من هو الصالح منهم هي معرفة طريقته في العمل والتفكير وكيفية استغلاله للأمور الموجودة من حوله التكنولوجيا المتوفرة لدينا والمنتشرة بشكل كبير بين أيدينا معروفه لأننا نرى تواجدها لدى الجميع الكبير منهم والصغير العاقل منهم والسفيه· التكنولوجيا قوة التغيير التكنولوجيا هي نتاج إبداع إنساني غير عادي ، إذ تتسم هذه الإبداعات التكنولوجية التي نتعامل معها و بها في حياتنا اليومية، تتسم ، بالقدرة على التغيير، فهذه الإبداعات التكنولوجية غيرت العالم وغيرت طبيعة البيئة التي يعيش فيها الأفراد سواء كانوا أطفالا أم راشدين، وغيرت طبيعة أنماط اللعب التي تم الاعتياد عليها في أجيال سابقة، و غيرت طبيعة التواصل الاجتماعي ومهارات الاتصال التي يتعين على أفراد المجتمع أن يتقنوها· يمكن أن نحدد الأهمية الاستهلاكية لهذه الإبداعات التكنولوجية، فعلى سبيل المثال لو حاولنا المقارنة بين حجم التغيير الذي أحدثه الموبايل في حياة الناس ، بالتغيير الذي أحدثه اختراع إضافة الكاميرا للموبايل سنجد أن اختراع الموبايل في حد ذاته أياً كانت إمكانيات الموبايل قد أحدث تغييراً هائلاً و جوهرياً في كل مجالات حياة الناس، أما إضافة الكاميرا فهي فكرة استهلاكية يمكن الاستغناء عنها إن أردنا · الباز: المستهلك لا يحاول أن يزيد معرفته ''الاتحاد'' حاورت د· فاروق الباز مدير مركز أبحاث الفضاء في جامعة بوسطن الأميركية وكان غير متفائل بما تحقق حتى الآن، يقول: لا توجد محاولات حقيقية للنهوض تقنيا، ولا تتوفر حلول جذرية لمشكلة التخلف التكنولوجي· واقع الحال يقول، العربي مستهلك وليس منتجا، والمستهلك لا يزيد من مستوى المعرفة لديه'' ولدى سؤالنا له عن بعض الجوانب المضيئة في هذا الخصوص، قال: على العرب أن يحددوا ماذا يريدون، كأن يقولوا مثلا: نريد أن ننتج الهاتف المحمول بكامل أجزائه··يجب أن يتخذوا المبادرة· على سبيل المثال: فنلندا عندما قررت تطوير الهاتف المحمول وصناعته، فعلت ما أرادت، وكان جهاز النوكيا المعروف، بأنه الأكثر مبيعا في العالم· ويقول الباز: النوكيا والأدوات المتعلقة به، تباع عالميا، وتصل المبيعات إلى أكثر مما تحصل عليه الاثنتا والعشرون دولة عربية مجتمعة من مبيعات· خذ مثالا آخر: كوريا الجنوبية كانت متخلفة عن مصر في التعليم، والصناعة، ولكنها بدأت تتحرك، وتخطو خطوات سريعة، في مجال العلوم والتكنولوجيا، حتى وصلت إلى ما وصلت إليه من تطور علمي وتكنولوجي، على كافة الصعد·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©