الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لتحقيق الاكتفاء الغذائي

لتحقيق الاكتفاء الغذائي
13 نوفمبر 2011 00:40
حققت دولة الإمارات العربية المتحدة إنجازات غير مسبوقة في القطاع الزراعي، بالرغم من الظروف القاسية نتيجة موقعها الصحراوي، ونتيجة لشح الأمطار ومصادر المياه، وبمناسبة مرور 40 عاما على قيام الاتحاد التقينا ببعض الشخصيات التي تعيش في بيئات زراعية منذ عهد أجدادهم للتعرف على النقلة التي حدثت إبان قيام الاتحاد، وأثرت على طرق الزراعة خاصة في وجود مراكز للتثقيف الزراعي التي كانت متوافرة حينذاك. يقول الدكتور حمدان الغسية، الذي يحمل دكتوراه في إدارة الكوارث، وهو من أبناء إمارة الفجيرة ذات الأراضي الخصبة، إن مؤسس الدولة المغفور له بإذن الله الشيخ زايد رحمه الله، كان يقول إن الزراعة مرتبطة بالحضارة، ولذلك لم يعد أمرا عجيبا أن يقرأ أبناء الدولة اليوم حجم الصادرات من التمور والخضراوات إلى دول متقدمة مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وأيضا إلى بعض دول شرق آسيا. للقضاء على التصحر ويضيف الغسية: في ظل قيام الاتحاد تضاعف عدد المزارع في الدولة نتيجة للتشجيع المستمر والدعم الذي أقره، الشيخ زايد رحمه الله، كي لا يتوقف كل صاحب أرض زراعية عن الزراعة والإنتاج، وكان باني ومؤسس الدولة يحلم بأن تصبح هذه البقعة الصحراوية مكسوة بالخضرة، في تحد لكل من شكك في أن يتم القضاء على التصحر في الإمارات، ولذلك كان ينفق الكثير من أجل بناء حواجز خضراء على الطرق الخارجية لإمارة أبوظبي، وقد نجح في ذلك وأصبح اليوم كل إماراتي ينظر إلى الأشجار على طول الطريق من إمارة أبوظبي إلى مدينة العين، ليتحول حلم المغفور له بإذن الله إلى حقيقة. ويكمل الغسية أن صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، منذ بداية المسيرة الاتحادية لم يتوقف عن دعم للتنمية الزراعية، باعتبارها رأس مال حقيقي، ولذلك زادت المساحات الخضراء لأجل تحقيق الاكتفاء الغذائي الذاتي، وفي ذلك استمرار لنهج الوالد زايد طيب الله ثراه، حتى أصبحت الدولة نموذجا زراعيا، وأصبحت ذات مكانة ينظر لها العالم كي يستقي من تجربتها وخبرتها في مجال قهر التصحر وفي زراعة الغابات. دعم لامحدود ويوضح عبدالله بن خميس الصريدي صاحب مزرعة لإنتاج التمور أن الدولة بدأت التنمية فيها دفعة واحدة، وكأن الجميع نهض في ذات الوقت للعمل في مختلف القطاعات، لأن الوالد الشيخ زايد رحمة الله عليه، كان قد استثار الهمم وفي ذات الوقت قدم الدعم اللا محدود لكل صاحب أرض زراعية، فكان المزارع يحصل على كل شيء بنصف الثمن، ما جعل الجميع في سباق لتطوير الأراضي الزراعية واستصلاحها، ورغم أن الكثير من المزارعين لم يكونوا متعلمين، إلا أن حكومة دولة الامارات قد وضعت خططا للتثقيف الزراعي، وذلك من خلال فتح مكاتب يقدم من خلالها كل مهندس زراعي مواطن، الكثير من المعلومات التي تعلمها أكاديميا لأجل مصلحة المزارع والأرض. ويضيف الصريدي إن الدولة بحكوماتها وخاصة حكومة إمارة أبوظبي، كانت لا تدخر جهدا لأجل تحضير الأراضي الزراعية، فقد أمر الشيخ زايد طيب الله ثراه بتوزيع الأراضي الزراعية، وأن يقدم مع كل أرض كل الدعم الذي تحتاجه لأجل أن تصبح مزرعة منتجة، كما حصل المزارعون على قروض ومنح مالية، إلى جانب الأسمدة والبذور وكل ما يتعلق بمتطلبات الزراعة، وقد كانت وزارة الزراعة والثروة السمكية تقدم ذلك الدعم لكل إمارة، ورافق ذلك خروج الكثير من الفنيين والمرشدين الزراعيين للوقوف على سير العمليات، حسب المناطق ووفق جدول ومخطط زمني. ويكمل الصريدي أن، نداءات الشيخ زايد طيب الله ثراه، للمزارعين، كانت عبارة عن بطاقات دعوة مغلفة بالحب والتشجيع، حيث كان يحث كل مزارع بتنمية وعيه الزراعي، وخاصة في مجال التمور حيث جعل ذلك من أراضي الإمارات بستانا عملاقا لإنتاج التمور بفضل من الله ومنته، حيث كانت لديه نظرة بعيدة نحو المستقبل، وكان الهدف توفير الاكتفاء الذاتي من التمور، وبفضل من الله أصبحت الإمارات تصدر التمور أيضا. ويذكر الصريدي أن هناك خطة لتوفير سلة غذائية وأن يكون هناك مخزون غذائي، ولكن لم تكن أحوال المزارعين البسطاء تسمح بأن يحول كل واحد منهم الأرض إلى بستان أو مزرعة، ولكن في ذلك الوقت كان كل مزارع لو حصل على دخل يبلغ خمسة آلاف أو ثلاثة آلاف شهريا، فإن ذلك يعد نجاحا في ظل عدم توفر الوظيفة وأيضا لم تكن الدولة قد بدأت تشهد أطماع التجار، حيث الأسعار كانت مناسبة للجميع، وكان ذلك الدخل يشكل نقله نوعية لحياة كل مزارع. همة وعزم ومن جانبه يقول محمد عبيد الزعابي، إن المزارعين أصبحوا أكثر اهتماما بأراضيهم، لمعرفتهم أن الدولة ستقف خلف كل مشروع زراعي، ولذلك كانت الهمة والعزم قويين ولم يكن هم المزارع أن يكون هناك مخزون من القمح أو الأرز، وإنما مخزون من المنتجات التي تنجح زراعتها، نتيجة تجارب بدائية سابقة، وقد كانت هناك تحديات تواجه التنمية الزراعية خاصة على مستوى المزارع الصغيرة، لأن أصحابها لم تكن لديهم الإمكانيات لتطويرها. ويضيف الزعابي أن من يملك رأس المال استطاع أن يطور في الأرض الزراعية، وأن ينتج ولكن هناك الكثير من المواطنين كانوا يعتمدون على الدعم الزراعي، وهم اليوم بعد 40 عاما من النهضة الزراعية يتطلعون لعودة الدعم المادي لكل مزارع، لأن البعض يمكن أن يعيش من المزرعة وإنتاجها ويحافظ على المهنة، خاصة أن المناطق التي يعيش فيها المواطنون الذين توارثوا أراضي صالحة للزراعة، ولطالما أعطت خلال السنوات البعيدة ضمن إمكانيات من الأدوات البدائية، التي كانت تساعد على العمليات الزراعية. مشكلة شح المياه ويضيف الزعابي: منذ مدة ليست بالقصيرة وربما تكون مابين عشرة أعوام إلى خمسة عشر عاما بدأت عجلة الزراعة تواجه بعض الصعوبات في تلك المناطق، بينما مناطق أخرى في الدولة مزدهرة لأنها تحصل على الدعم من الحكومة التي تشرف عليها، رغم أنها بيئيا لا تختلف كثيرا عن البيئة الزراعية في أي منطقة في الامارات، كما أن الدولة منذ قيامها واجهت الكثير من التحديات، لأجل الحفاظ على الأمن الغذائي، ولذلك تصدت للآفات التي دخلت عنوة عن طريق المستورد، رغم أن المزارع الأصلي كان يعتمد على تصنيع السماد العضوي، وهو مركب من مخلفات البقر والأوراق الجافة للموز والليمون والتمر وسمك البرية المجفف. يجد الزعابي أن المشكلة الأهم التي تواجه الدولة، من حيث تأثيرها على النمو الزراعي في المنطقة، قضية شح المياه نتيجة قلة الأمطار وذلك يشكل تحدياً على مستوى الدولة، ولذلك لا يمكن لأحد أن ينكر الأدوار الكبيرة التي تقوم بها حكومة دولة الامارات للتغلب على كافة التحديات في مجال توفير المياه العذبة، ولذلك كان المزارع عندما يحصل على التصريح بحفر رق أو بئر، فإن الماء المستخرج يكون كبريتيا وربما يصلح للري ولكنه يعطي ثمارا ليست بتلك الجودة التي يوفرها الري بالماء العذب، والأمر الثاني السييء لتلك المياه أنها تفسد الأرض وتتجمد وتسد مسامها، ولا يستطيع كل مزارع أن يشتري عدة صهاريج أو تناكر من المياه العذبة، لأن كل صهريج حمولة 1300 جالون يباع بسعر 60 درهماً، والمزرعة بحاجة لعدة ترتيبات أو عدة حمولات لري الأرض أو لتعبئة الأحواض. المحافظة على المكتسبات يقول محمد عبيد الزعابي: اليوم على الجميع أن يسعى للمحافظة على المكتسبات في مجال الزراعة، وفي ذات الوقت يطالب المزارعون بأن يتم بحث آليات التسويق بحيث تكون لصالح الإنتاج الزراعي المحلي، على مستوى المزارع الصغيرة من باب التشجيع، لأن الراتب لا يكفي وراتب التقاعد أيضا لا يكفي، وكل مزارع ولد وعاش قبل الاتحاد ربما يكون أمياً وغير متعلم ولكنه خبير في الأرض وفي المحافظة عليها، ولذلك المطلوب تشجيعهم بتقديم الدعم لأنهم جزء هام مساهم في التنمية المستدامة، وهم المحور المحرك للنهضة الزراعية.
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©