احتدمت المنافسة بين شركات التكنولوجيا الكبيرة “أبل” و”نوكيا” و”مايكروسوفت”، حول الفوز بأكبر قدر ممكن من الحصص السوقية بطرحها مؤخراً لآخر منتجاتها من الأجهزة اللوحية. ومن المنتظر أن تتصارع هذه الأجهزة من أجل جذب انتباه المستهلك، في وقت طرحت فيه شركات أخرى عدد من الأجهزة الجديدة المنافسة بما فيها أمازون وجوجل وسامسونج.
وفازت أبل بطرحها لجهاز آي باد أير المصمم بطريقة مختلفة كلياً، بنصيب الأسد من الدعاية، وقدمت مايكروسوفت نسخة جديدة من سيرفس برو، بينما كشفت نوكيا النقاب عن لوميا 2520 كأول جهاز لوحي لها على الإطلاق، الذي يعمل بنظام تشغيل ويندوز. وتشتد حدة المنافسة في ظل الطلب المتزايد على الأجهزة اللوحية خلال السنوات القليلة الماضية. وتم تصدير نحو 120 مليون جهاز لوحي في العام الماضي، أي ما يعادل 10 أضعاف الكمية في 2010 عندما طرحت أبل جهاز آي باد للمرة الأولى.
وحازت أجهزة آي باد على أكبر قدر من الحصص السوقية حول العالم خلال الربع الثاني بنسبة بلغت نحو 32%، بينما استجمعت سامسونج التي تحتل المرتبة الثانية، قواها بسرعة لتحوز على 18% من السوق، من واقع 7,6% خلال نفس الفترة من العام الماضي. كما أعلنت أبل عن نسخة مطورة من آي باد وآي باد ميني تحتوي على معالجات جديدة، ولكن ليس على حساسات بصمة الأصبع المزودة بها آخر نسخة من جهاز آي فون.
وفي غضون ذلك، طرحت مايكروسوفت نسخاً جديدة من أجهزة سيرفس. كما طرحت نوكيا العاملة في صناعة الهواتف النقالة، والتي تستعد مايكروسوفت لشراء معظمها، جهازها اللوحي الجديد 2520.
ويقول روس روبن، من مؤسسة ريتسيل ريسيرش البحثية: “عند صعود أي شخص للطائرة يثير دهشته العدد الكبير من الأجهزة المستخدمة على متنها من لوحية وكتب الكترونية ومشغلات دي في دي وغيرها من الأجهزة، التي حلت محل الكتب الورقية والمجلات”.
ويرى روبن، أن كل شركة اتجهت لتبني تقنية مختلفة في صناعة هذه الأجهزة، حيث تستهدف مايكروسوفت على سبيل المثال، المستخدمين المحترفين، عبر طرح أجهزة لوحية يفوق عددها الكمبيوترات الشخصية. وتقوم سامسونج ببيع تشكيلة واسعة من هذه الأجهزة يتضمن بعضها أسلوب للرسم وتدوين الملاحظات، لتلبية مختلف الرغبات والفئات من المحترفين.
واتجهت شركة أمازون لإنتاج أجهزة رخيصة الثمن بغية تشجع الناس على شراء المحتوى من محلاتها، حيث تعتبر الشركة الوحيدة التي تشكل تحدياً لجهاز آي باد من حيث التكلفة. ولا تتجاوز تكلفة كيندل فير الذي تنتجه أمازون سوى 140 دولاراً فقط، بينما تبدأ تكلفة جوجل نيكسوس بنحو 230 دولاراً وأبل آي باد ميني 330 دولاراً. وفشلت بالفعل العديد من الأجهزة اللوحية أو عانت على الأقل في منافسة المنتجات الأخرى. ولم يحقق جهاز توتش باد من شركة هيولت باكارد النجاح المطلوب بعد 48 يوماً من المبيعات البطيئة، في حين مُني بلاي بوك من شركة بلاك بيري، بفشل ذريع. كما كانت مبيعات أول نسخة من أجهزة سيرفس لشركة مايكروسوفت، التي طرحتها السنة الماضية ضعيفة للغاية، ما دفعها لشطب 900 مليون دولار من النسخ غير المبيعة.
جذب المستهلكين
وربما تجد بعض الأجهزة اللوحية صعوبة في جذب المستهلك، نظراً لعدم جدوى استخدامها. وتوصل مسح أعدته مؤسسة جارتنر البحثية، إلى أن 80% من الذين لديهم أجهزة آي باد، يستخدمونها 10 مرات في اليوم على الأقل، أي ما يفوق استخدام الأجهزة الأخرى بنسبة كبيرة للغاية. ويمكن ذلك مالكو هذه الأجهزة، من شراء المزيد من التطبيقات والأفلام والألعاب. وكلما زاد عدد التطبيقات، كلما زاد عدد الأجهزة التي يقدمون على شرائها من أبل في المستقبل.
وبصرف النظر عن الصعوبات التي تقف في طريق الدخول للأسواق، تبذل الشركات جهوداً مقدرة في سبيل ذلك، لإدراكها بأن أرباح المستقبل تعتمد بشكل كبير على مبيعات الأجهزة اللوحية. ويجانب ذلك الكثير من الصواب لشركات مثل هيولت باكارد ومايكروسوفت، اللتين ظلتا مرتبطتين بشدة بسوق أجهزة الكمبيوتر الشخصية. ويجدر بالذكر، أن مبيعات هذه الأجهزة انحسرت بنسبة كبيرة خلال السنوات القليلة الماضية، بسبب توجه العديد من الناس نحو الأجهزة المحمولة للحصول على العمليات الرئيسية مثل تصفح الإنترنت والألعاب، التوجه الذي من المرجح تصاعده في المستقبل.
وتتوقع جارتنر، تفوق صادرات الأجهزة اللوحية السنوية على الكمبيوترات الشخصية خلال العامين المقبلين، حيث من المنتظر شحن نحو 184 مليون من الأجهزة اللوحية خلال العام الحالي، مقابل 303 من الشخصية. لكن بحلول 2015، تقوم المصانع بتصدير نحو 331 مليون من اللوحية، وما لا يزيد على 272 مليون من الشخصية.
وأفاد تقرير حديث لشركة الأبحاث “جارتنر” بأن شحنات الكمبيوتر الشخصي عالمياً تراجعت بنسبة 8,6% في الربع الثالث من العام الجاري 2013، فيما ظلت أجهزة الكمبيوتر اللوحي تحد من مبيعات أجهزة اللاب توب والكمبيوتر الشخصي التقليدية، وبلغ إجمالي شحنات الكمبيوتر الشخصي عالمياً 80,3 مليون وحدة مقارنة بـ87,8 مليون وحدة العام السابق في تراجع للربع السادس على التوالي للشحنات العالمية.
وذكرت مؤسسة جارتنر أن أجهزة الكمبيوتر اللوحي منخفضة الأسعار حلت محل الكمبيوتر الشخصي كخيار أمام المستخدمين للقيام بوظائف الكمبيوتر وبخاصة في الدول النامية.
الأسواق الناشئة
ويقول تيموثي كوك، المدير التنفيذي لشركة أبل معلقاً على النمو السريع لأجهزة آي باد: “بعد عامين فقط من تصدير النسخة الأولى من آي باد، بلغت مبيعات الجهاز نحو 67 مليوناً، في حين مضينا 24 عاماً لبيع هذه الكمية من أجهزة ماكس ونحو خمسة أعوام لبيع آي بود وما يزيد على ثلاثة أعوام لبيع آي فون”.
ومع ذلك، تواجه حتى شركة أبل نوعاً من التحديات خاصة في الأسواق الناشئة. وفي الصين على سبيل المثال، أصبحت الأجهزة اللوحية المعدلة التي لا تزيد تكلفة الواحد منها على 80 دولاراً، واسعة الانتشار والاستخدام. ومع ذلك، تتعلق أبل بالأمل في الصين، حيث يقدم الناس إما على شراء الأجهزة الرخيصة أو آي باد دون اللجوء لمنتج آخر.
وفي مثل هذه السوق التي تتسم بالتغيير السريع، ربما يتغير كل ذلك بنفس السرعة. لكن من المؤكد في الوقت الحالي، أن المستهلكين موعودين بطرح الكثير من المنتجات في الأسواق المختلفة.
وأعلنت آبل مؤخراً زيادة حجم عقودها مع موريدها من أجل زيادة إنتاجها من الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر اللوحي، حيث تعتزم نقل إنتاج الكمبيوتر اللوحي آي باد ميني إلى شركة كومبال كوميونيكشنز الموجودة في تايوان. وتسعى آبل إلى توسيع قاعدة مورديها لتحسين قدراتها التنافسية في مواجهة الشركات الأخرى.
وارتفعت مبيعات أجهزة الكمبيوتر اللوحي بنسبة 3% على أساس سنوي خلال الربع الثالث في كوريا الجنوبية، وباعت شركات الكمبيوتر اللوحي الكورية الجنوبية والأجنبية 122 ألف وحدة في الفترة من يوليو إلى سبتمبر مقارنة بـ118 ألف وحدة في الفترة نفسها العام الماضي، وتمثل الأرقام أيضاً زيادة طفيفة من 114 ألف وحدة بيعت خلال الربع الثاني.
وأعلنت شركة سامسونج إلكترونيكس مؤخرا ارتفاع الأرباح التشغيلية الفصلية بنسبة 26? إلى مستوى قياسي جديد، جاء موافقاً للتوقعات ومدعوماً بانتعاش كبير في قطاع رقائق الذاكرة في الوقت الذي يتباطأ فيه نمو مبيعات الهواتف الذكية.
نقلاً عن «إنترناشونال نيويورك تايمز»
ترجمة: حسونة الطيب
عدد اليوم
