الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

التقويم الهجري .. رمز هوية الأمة

5 نوفمبر 2015 21:34
أحمد مراد (القاهرة) شدد علماء الدين على ضرورة العمل بالتقويم الهجري والتمسك به دون غيره من تقاويم الأمم الأخرى، ووصفوه بأنه رمز لحضارة الإسلام، وهوية الأمة، وقد ارتبطت به أمجادنا وانتصاراتنا ومآثرنا. وحذر العلماء من خطورة تجاهل التقويم الهجري، حيث إن في إهماله وعدم العمل به تضييعاً للمعالم الشرعية والشعائر العبادية، لأن العديد من العبادات والأمور الدينية مرتبطة به. حركة كونية د. خالد النجار، الكاتب والباحث الإسلامي، يصف التقويم الهجري بأنه رمز لهوية الأمة العربية والإسلامية، موضحاً أن التقويم الهجري في الأساس هو تقويم قمري، سماوي كوني توقيفي، قديم قدم البشرية، وهو ليس من ابتداع علماء الفلك، وليس لعلماء الفلك سلطان على أسماء الشهور العربية القمرية، ولا على عددها أو تسلسلها أو أطوالها، وإنما يتم كل ذلك في حركة كونية ربانية، وتم تحديد عدد الشهور السنوية في القرآن الكريم، حيث يقول الله تعالى: «إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم»، وفي الوقت الذي عبثت أصابع خبراء وعلماء الفلك بتقويم الأمم الأخرى في كل جزئية من جزئياتها، وأسماء شهورها، وأطوالها وهيئاتها وتسلسلها، فإنه لا سلطةَ لهم أو غيرهم على التقويم القمري، حيث لا يستطيع أحد استبدال اسم شهرٍ بشهر، أو موقع شهر بآخر، أو زيادة أو نقص، فهو تقويم كامل لا يحتاج إلى تعديل أو تصحيح، وهو من تقدير الله جل شأنه. ويقول: من مميزات التقويم الهجري أن تاريخنا الإسلامي الحافل، وعباداتنا وأمورنا الدينية كلها ترتبط بالشُّهور القمرية، فالحج والصيام والزكاة، وعدة الطلاق كلها ترتبط بالشهور القمرية، وعلى سبيل المثال فإن الزكاة تدفع إذا بلغ المال نصابها، وحال الحول، أي العام الهجري، ولو اعتمدنا على السنة الميلادية، فمعنى ذلك أننا ننقص من حقوق مستحقي الزكاة، لأن كل 32 سنة ميلادية تعادل 33 سنة هجرية، فإذا كان لدينا زكاة تعتمد على السنة الميلادية التي تزيد 11 يوماً على السنة الهجرية، فإننا نضيع زكاة سنة هجرية كل 32 سنة ميلادية. بداية التأريخ ومن ناحية أخرى يشير د. عبدالمقصود باشا، أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة الأزهر، إلى أن البدء بالتقويم الهجري كان في خلافة الفاروق عمر بن الخطاب فقد رفع إليه صك مكتوب عليه دين لرجل على رجل، ويحل الدين في شعبان، فقال عمر رضي الله عنه: أي شعبان؟ أمن هذه السنة؟ أم التي قبلها؟ أم التي بعدها؟ ثم جمع الناس فقال: ضعوا للناس شيئاً يعرفون فيه حلول ديونهم. كما يروى في سبب البدء بالتاريخ الهجري أن أبا موسى الأشعري كتب إلى عمر أنه يأتينا منك كتب ليس لها تاريخ، فجمع عمر الناس للمشورة فاستشارهم، فقال بعضهم: أرّخوا كما تؤرخ الفرس بملوكها، كلما هلك ملك أرخوا بولاية من بعده، فكره الصحابة ذلك، وقال آخرون: بل أرخوا بتاريخ الروم، فكرهوا ذلك أيضاً، ثم رأوا أن يكون تاريخ المسلمين مرتبطاً بهادي البشرية محمد صلى الله عليه وسلَّم فقال البعض: مِن عام مولده، وقال غيرهم: بل بمبعثه، ورأى آخرون من وفاته، ومال عمر إلى التأريخ بالهجرة لأنها فرقت بين الحق والباطلِ، ثم تشاور الصحابة من أي شهر يكون ابتداء السنة، فقال بعضهم: من شهر رمضان لأنه الذي فيه أُنزل القرآن، وقال آخرون: بل من ربيع الأول وقت مهاجره، واختار عمر وعثمان وعلي - رضي الله عنهم - أن يكون ابتداء السنة من المحرم لأنه شهر حرام يلي شهر ذي الحجة الذي يؤدي المسلمون فيه حجهم الذي به تمام أركان دينهم. ويشدد د. باشا على ضرورة التمسك بالتقويم الهجري، واعتباره التقويم الأساسي لكل الدول العربية والإسلامية، والتأريخ للأحداث العربية والإسلامية بالتقويم الهجري الذي يمثل رمزاً لحضارة الإسلام، ورمزاً لهوية وتاريخ أمة عظيمة امتدت عبر أربعة عشر قرناً من الزمان. تقويم العبادات وتوضح د. إلهام شاهين، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، أن العمـل بالتـــقويم الهجري أمر مهم في حـــياة كل مسلم، حيث ترتبط به العديد من العبادات، ومن ثم فإن تجاهل التاريخ الهجري فيه تضييع للمعالم الشرعية والشعائر العبادية. وتقول : حينما نتحدث عن الشهور الهجرية فإننا نتحدث بشكل أدق وأعمق عن الشهور القمرية التي عمل بها العرب وغيرهم من الأمم قبل الإسلام، وإذا كان التاريخ الهجري الذي بدأ منذ هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة لم يتعد خمسة عشر قرناً من الزمان فإن الشهور القمرية التي يحسب بها ذلك التاريخ موجودة من قبله ومعمول بها منذ خلق الله السماوات والأرض، قال تعالى: «إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم»، وفي هذه الآية إشارة إلى الوحدة الزمنية التي تحسب بها الأعوام وهي اليوم والشهر، وقد ذكرت كلمة «شهر» في القرآن الكريم بصيغة المفرد 12 مرة بعدد شهور السنة. أما كلمة «يوم» فقد ذكرت أيضاً بصيغة المفرد، وقد وردت 365 مرة بعدد أيام السنة، والشهور التي ذكرت في القرآن الكريم غالباً هي الشهور القمرية، وهذه هي الشهور التي تعلمها إبراهيم عليه السلام من جبريل، وكان يحسب بها الأزمنة، ويتعبد عليها، وقد تعلم إسحاق ويعقوب من أبيهما إبراهيم ذلك التقويم القمري، وعملت به ذريتهما من بعدهما، حتى عاش بنو إسرائيل على أرض مصر وكانت لهم حساباتهم الفلكية والشمسية المختلفة، والتي قسم المصريون فيها أيام السنة إلى 365 يوماً على 12 شهراً، وكل شهر 30 يوماً، والباقي وقدره 5 أيام تمت إضافتها إلى نهاية السنة وأطلق عليها أيام النسيء، ونسي بنو إسرائيل ذلك التقويم القمري القديم وساروا بتقويم أهل مصر الشمسي، ثم أعاد لهم نبي الله موسى ذلك التقويم القمري عند خروجهم من مصر، فكان بداية السنة عندهم هو شهر المحرم الذي احتفلوا فيه بنجاة موسى من فرعون ونحتفل نحن به في يوم عاشوراء من نفس الشهر. وتضيف شاهين: أما العرب فتعلموا من إبراهيم وإسماعيل العمل بالتقويم القمري وعملوا به، حيث استخدموا تقاويم مختلفة تعتمد بشكل أساس على حركة القمر الشهرية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©