الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

اللجوء إلى الله طريق فك الكُرُبات

5 نوفمبر 2015 21:33
أخرج الإمام البخاري في صحيحه عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما- أَنَّ ?رَسُولَ ?الله?- صَلَّى ?الله عَلَيْهِ ?وَسَلَّمَ- ?كَانَ ?يَقُولُ ?عِنْدَ ?الْكَرْبِ: لا ?إِلَهَ ?إِلا ?الله الْعَظِيم ?الْحَلِيم، ?لا ?إِلَهَ ?إِلا ?الله ?رَبّ ?الْعَرْشِ ?الْعَظِيمِ، ?لا ?إِلَهَ ?إِلا ?الله ?رَبّ ?السَّمَاوَاتِ ?وَرَبّ ?الأَرْضِ ? وَرَبّ ?الْعَرْشِ ?الْكَرِيمِ) (?أخرجه البخاري)?. هذا الحديث حديث صحيح أخرجه الإمام البخاري في صحيحه، في كتاب الدعوات، باب الدعاء عند الكرب. من المعلوم أن الحياة الدنيا دارُ ابتلاء واختبار، فمن سرَّه زمن ساءته أزمان، فالإنسان معرَّض للشدائد حيناً، والفرح والسرور حيناً آخر، وتلك هي سنة الحياة، كما في قوله تعالى: «وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ» (سورة الأنبياء الآية 35). والإنسان الذي يعمر الإيمان قلبه، يلجأ إلى الله سبحانه وتعالى دائماً في السراء والضراء، يشكره على نعمائه ويسأله العون وتفريج الكروب، لأن ثقته بالله عظيمة، فالليل مهما طال فلا بُدَّ من بزوغ الفجر، وأما غير المؤمن فيضعف أمام الشدائد، فقد ينتحر، أو ييأس، أو تنهار قواه، ويفقد الأمل، لأنه يفتقر إلى النزعة الإيمانية، وإلى اليقين بالله. المواقف الإيمانية فقد ذكر الإمام ابن حجر– رحمه الله– في كتابه فتح الباري بشرح صحيح البخاري، في شرح الحديث السابق: (.. وَقَالَ ابْنُ ?بَطَّالٍ: حَدَّثَنِي أَبُو ?بَكْرٍ ? الرَّازِيُّ، قَالَ: كنت بِأَصْبَهَانَ عِنْدَ أَبِي ?نُعَيْمٍ ?أَكْتُبُ ?الْحَدِيثَ، ?وَهُنَاكَ ?شَيْخٌ ?يُقَالُ ?لَهُ أَبُو ?بَكْرِ ?بْنُ ?عَلِيٍّ، ?عَلَيْهِ ?مَدَارُ ?الْفُتْيَا، ?فَسُعِيَ ?بِهِ ?عِنْدَ ?السُّلْطَانِ ?فَسُجِنَ، ?فَرَأَيْتُ ?النَّبِيَّ?- ?صَلَّى ?اللَّهُ ?عَلَيْهِ ?وَسَلَّمَ ?- ?فِي ?الْمَنَامِ، ?وَجِبْرِيلُ عَنْ ?يَمِينِهِ ?يُحَرِّكُ ?شَفَتَيْهِ ?بِالتَّسْبِيحِ ?لا ?يَفْتُرُ، ?فَقَالَ ?لِي ?النَّبِيُّ- ?صَلَّى ?اللَّهُ ?عَلَيْهِ ?وَسَلَّمَ?-: ?قُلْ لأَبِي ?بَكْرِ ?بْنِ ?عَلِيٍّ: يَدْعُو ?بِدُعَاءِ ?الْكَرْبِ ?الَّذِي فِي ?صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ حَتَّى ?يُفَرِّجَ ?اللَّهُ ?عَنْهُ، ?قَالَ: ?فَأَصْبَحْتُ ?فَأَخْبَرْتُهُ، ?فَدَعَا ?بِهِ ?فَلَمْ ?يَكُنْ ?إِلا ?قَلِيلاً ?حَتَّى ?أُخْرِجَ) (فتح الباري بشرح صحيح البخاري 11/‏‏151-152)?. وعند دراستنا لسيرة رسولنا– صلى الله عليه وسلم– نجد أنها مليئة بالمواقف الإيمانية التي ترشدنا إلى وجوب استقبال الهمّ والحزن بنفس محتشدة وعزم قوي، ومن المعلوم أن رسول الله– صلى الله عليه وسلم– كان يُرشد أصحابه إلى كلّ خير، كما كان يعلمهم ضرورة الاستعانة بالله سبحانه وتعالى في جميع الأمور، كما جاء في الحديث: (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخدريِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَاتَ يَومٍ المَسْجِدَ، فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ أَبُو أُمَامَةَ جَالِساً فِيهِ، فَقَالَ: يَا أَبَا أُمَامَةَ مَاليِ أَرَاكَ جَالِساً في المَسْجِدِ في غَيْرِ وَقْتِ صَلاةٍ؟ قَالَ: هُمُومٌ لَزِمَتْني وَدُيُونٌ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: أَفَلا أُعُلِّمُكَ كَلاماً إِذَا قُلْتَهُ أَذْهَب اللهُ عَزَّ وَجَلَّ هَمَّكَ، وَقَضَى عَنْكَ دَيْنَكَ، فَقَالَ: بَلى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: قُلْ إِذَا أَصْبَحْتَ وَإِذَا أَمْسَيْتَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبُخْلِ وَالْجُبْنِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ وَقَهْرِ الرِّجَالِ) (أخرجه أبو داود) قَالَ: فَعَلْتُ ذَلِكَ، فَأَذْهَبَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ هَمِّي وَقَضَى عَنِّي دَيْني. عروة بن الزبير بن العوام -رحمه الله-، أحد الفقهاء السبعة بالمدينة المنورة، وكان عالماً بالدين صالحاً كريماً، والده الزبير بن العوام– رضي الله عنه – حواريّ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وأحد العشرة المبشرين بالجنة، وأمه أسماء بنت أبي بكر الصديق- رضي الله عنهما- الملقبة بذات النطاقين، وقد ذكرت كتب السيرة أن ساق عروة بن الزبير-رحمه الله- قد بُترت، كما توفي أَحَدُ أولاده، فلما أُدخل على أهله، بادرهم قائلاً: لا يَهُولَنَّكم ما تَروْن، فلقد وهبني الله عز وجل أربعة من البنين، ثم أخذ منهم واحداً وأبقى لي ثلاثة، فله الحمد، وأعطاني أربعة من الأطراف، ثم أخذَ منها واحداً وأبقى لي ثلاثة، فله الحمد، وأيمُ الله (أحلف بالله)، لئن أخذ الله مني قليلاً، فلقد أبقى لي كثيراً، ولئن ابتلاني مرَّةً، فَلَطَالما عافاني مرات. المؤمن الحقيقي لقد ضرب عروة بن الزبير بن العوام -رحمه الله- مثالاً للمؤمن الحقيقي الذي لم يُسيطر عليه الهمّ والغمّ والحزن، بل صبر واحتسب ورضي بقضاء الله وقدره، فاستحق بفضل الله الأجر العظيم يوم القيامة إن شاء الله، جزاء وفاقاً على صبره وإيمانه. أخي القارئ: ما أظن عاقلاً يزهد في البشاشة، أو مؤمناً يجنح إلى التشاؤم واليأس، وربما غلبت الإنسانَ أعراضٌ قاهرة فسلبته طمأنينته ورضاه، وهنا يجب عليه أن يعتصم بالله كي ينقذه مما حلَّ به، فإن الاستسلام لتيار الكآبة بداية انهيار شامل في الإرادة، يطبع الأعمال كلها بالعجز والشلل، وتأمل يا أخي قدرة الله سبحانه وتعالى، نارٌ لم تحرق إبراهيم، وسكينٌ لم تقتل إسماعيل، وبحرٌ لم يُغرق موسى، وحوتٌ لم يأكل يونس – عليهم جميعاً صلوات الله وتسليماته-، (قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (سورة التوبة الآية 51)، فكن مع الله ولا تبالِ.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©