الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوروبا الشرقية لا عودة الى الوراء

21 نوفمبر 2014 22:01
يبدو أن الناخبين في بلدان شرق أوروبا المنضوية تحت لواء الاتحاد الأوروبي، وبوحي من دروس التاريخ وعقود طويلة عاشوها تحت القمع الشيوعي وحذرهم من القادة الذين يريدون استغلال سلطتهم، بعثوا رسالة واضحة إلى السياسيين التواقين للاستمرار في الحكم يطالبونهم فيها بإعادة النظرة مرة أخرى، فقد غذت رومانيا في 16 نوفمبر الجاري ثاني بلد في المنطقة ينسف فيه الناخبون خلال هذه السنة محاولات رئيس وزراء تولي رئاسة بعد أن لقي رئيس الحكومة «فيكتور بونتا» مصير نظيره نفسه في سلوفاكيا، «روبرت فيكو»، حيث خسرا معاً الجولة الأولى من الانتخابات. وكان مواطنو أوروبا الشرقية قد اختاروا - في ظل أزمة اقتصادية خانقة طوحت بأوهام اللحاق بركب باقي أوروبا- قادة من أمثال بونتا في رومانيا وفيكو في سولفاكيا، وفيكتور أورهان في المجر، مانحين إياهم تفويضاً واسعاً بعد أن تعهدوا أمام الناخبين بتحسين الظروف المعيشية للسكان، لكن يبدو أن الرومانيين والسلوفاك بعثوا بإشارات واضحة توحي بالرغبة في الانقلاب على هؤلاء السياسيين ومحاسبتهم، وهو ما يوضحه «أوجنيان مينشيف»، المحلل بمؤسسة الدراسات الإقليمية والدولية بالعاصمة البلغارية، صوفيا، قائلاً «في أوروبا الشرقية هناك شعور متزايد لدى الناخبين بوجود مؤامرة تحيكها النخبة تشمل تركيزاً مفرطاً للسلطة، وتورطاً متنامياً في الفساد، وإهمالاً كبيراً للمصلحة العامة، والنتيجة هي رغبة عارمة في تغيير الأوضاع الحالية». وأول مؤشرات التغيير تلك خسارة «بونتا» البالغ من العمر 42 عاماً الانتخابات العامة لمصلحة الحزب الليبرالي بقيادة «كلواس إيوهانيس» بعد أن تقدم على رئيس الوزراء بعشر نقاط خلال الجولة الأولى بسبب تركيزه على محاربة الفساد والحاجة لإعمال سيادة القانون. وفي تلك الانتخابات تعبأ الرومانيون تعاطفاً مع مواطنيهم في الخارج الذين اضطروا للانتظار ساعات طويلة للإدلاء بأصواتهم في الجولة الأولى، وفيما نعت «بونتا» في البداية المتظاهرين الذين خرجوا احتجاجاً على انتظار الناخبين في الخارج بـ«المحرضين» عاد لاحقاً ليخفف من لهجته وليبدو أكثر تصالحاً عله ينجح في استمالة الناخبين الغاضبين. لكن فشل «بونتا» في تكريس سلطته برومانيا جاء فقط ليعكس تراجعاً آخر سبقه إليه رئيس الوزراء السلوفاكي، «فيكتور فيكو»، في انتخابات شهر مارس الماضي، فبعد أن وصل «فيكو» إلى منتصف ولايته الثانية في السلطة أراد إحكام قبضته عليها بتوليه الرئاسة واختيار خليفة موال له، غير أن الناخبين المستائين من عدم وفائه بوعوده الفائتة مثل محاربة الفساد وخلق الوظائف، اختاروا بدلاً عنه رجل الأعمال وصاحب الأعمال الخيرية، أندريج كيسكا، هذا الأخير بعد أن رفض تعيين مرشحي الحزب الحاكم للمحكمة الدستورية تعهد باستخدام صلاحياته الصورية لمواجهة تمدد فيكو. ويبقى «فيكتور أورهان» في المجر الوحيد بين بقية القادة في أوروبا الشرقية الذين استطاعوا الذهاب بعيداً في ترسيخ سلطتهم، وذلك حتى دون السعي لاحتلال منصب الرئيس، فقد استخدم رئيس الوزراء المجري أغلبية الثلثين التي أمنها في الانتخابات البرلمانية لعام 2010 للسيطرة على مؤسسات البلاد، بيد أن أغلبيته البرلمانية لم تحل دون خروج آلاف المواطنين للاحتجاج ضد سياساته، تلك الاحتجاجات استمرت حتى الأيام القليلة الماضية عندما تجمعت حشود كبيرة من المواطنين أمام البرلمان مطالبة بوضع حد للفساد المستشري ومساءلة الحكومة من قبل الشعب، فبعد ثلاثة أشهر على فوزه الثاني في الانتخابات العامة. وتحديداً في شهر يوليو الماضي، دعا أورهان إلى استبدال الليبرالية الديمقراطية التي يطمح لها جل المواطنين بما سماه «الدولة غير الليبرالية»، مستشهداً بمثالب الانتقال الديمقراطي التي عرفتها المجر منذ سقوط الشيوعية والصعوبات التي رافقت تلك العملية، مشيراً أيضاً إلى نماذج للاحتذاء مثل روسيا والصين وتركيا. لكن وبحسـب ما يقول «أولاف بوينكي»، مديـر مكتب برلين للمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية «تعطي انتخابات سلوفاكيا وبعدهـا انتخابـات رومانيـــا أملاً بأن النمــوذج الذي يــروج له أورهان في المجر ليس بالضرورة المستقبل الأمثل لأوروبا الشرقية. كما أن العديد من المراقبين في العواصم الأوروبية وبروكسل يشعرون بالارتياح من أن العملية الديمقراطية والثقة بالمبادئ الأوروبية ما فئت تحظى بصدى طيب في أنحاء المنطقة». زولتان سيمون - المجر ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©