السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أم متوحد تضع الألبان والأجبان في قفص الاتهام

أم متوحد تضع الألبان والأجبان في قفص الاتهام
5 نوفمبر 2015 21:54
خورشيد حرفوش (القاهرة) كانت لحظة فارقة وصادمة عندما أبلغنا الطبيب أن طفلنا متوحد. وأصبح أملنا الوحيد أن نتمكن بمساعدة العلاج السلوكي من تعليمه بعض المهارات الاجتماعية. وبعد التشخيص، قضيت ساعات في البحث عن أسباب هذا التحول المفاجئ في حالة ابني، وعثرت على كتاب عن طفل متوحد اعتقدت أمه أن سبب أعراضه حساسية من الحليب. فتذكرت أن ابني كان يشرب نصف جالون من الحليب يوميا. وتذكرت وقتها أيضاً أن أمي أخبرتني أنها قرأت عن أولاد يعانون من التهاب الأذن المزمن وكانت لديهم حساسية ضد الحليب والقمح. ونصحتني أمي أن أمنع ابني عن هذه الأغذية ومتابعة صحة أذنه. وتذكرت أن ابني أصيب بالتهاب الأذن عندما كان عمره 11 شهراً بمجرد تحويله من تناول حليب الصويا إلى حليب البقر، فقد كان يتناول حليب الصويا منذ ولادته لأن عائلتي معرضة للحساسية. ولما لم يكن لدي شيء أخسره قررت وقف كل منتجات الألبان من غذائه. ما حدث بعد ذلك كان معجزة، توقف طفلي عن الصراخ، كما قل الوقت الذي يقضيه في القيام بحركات متكررة، وبنهاية الأسبوع الأول سحبني من يدي ونزلنا الدرج معا. وللمرة الأولى سمح لأخته أن تمسك يده وتغني له. وبعد أسبوعين، وكان قد مر شهر على زيارة المعالجة النفسية، زرنا طبيبة أطفال مشهورة في مجال النمو لنتأكد من تشخيص التوحد. ووصفنا لها التغيرات في سلوكه بعدما أوقفنا إعطائه منتجات الألبان، لكنها نظرت لنا بحزن وقالت: «إن ابنكما متوحد، ومع اعترافي أن موضوع الحساسية للحليب مهم لكنني لا أعتقد أنه يمكن أن يكون مسؤولاً عن حالة الطفل وعن تحسنه مؤخراً». تسبب كلام الطبيبة في تثبيط عزيمتنا، لكن كل يوم يمر كان يحمل معه تحسنا له. وبعد أسبوع، جلس في حجري وتلاقت نظراتنا فابتسم، فبكيت. أخيرا بدأ يعرفني. وبات ينام بصورة طبيعية، ورغم أنه لم يبلغ الثانية، إلا أننا ألحقناه بحضانة للتعليم الخاص لثلاثة أيام في الأسبوع، وبدأنا برنامجاً مكثفاً للنمو. ولأن زوجي باحث في علم الكيمياء، وضعنا نظرية مسؤولية الحليب عن سلوك طفلي موضع الاختبار، فأعطيناه كوبين منه ذات صباح، وفي نهاية اليوم كان يمشي على أطراف أصابعه، مصدراً أصواتاً غريبة، وممارسا كل السلوكات التي كان نسيها تقريبا. وبعد أسابيع لاحظنا أن بعض السلوكات الغريبة عادت مرة أخرى، وبالبحث وجدنا أنه قد تناول قطعة جبن في الحضانة. وهكذا أصبحنا متأكدين أن منتجات الألبان مسؤولة بطريقة ما عن التوحد لديه. وأرسلت للدكتورة المعالجة شريط فيديو يصور ولدي وهو يلعب مع والده وأخته، فاتصلت بي قائلة: «أعترف بالهزيمة. لقد تحسن ابنك بصورة ملحوظة». وعن طريق الإنترنت اكتشفت مجموعة مساندة لأطفال التوحد، فسألتهم: «هل يمكن أن يكون مرض التوحد لدي ابني له علاقة بالحليب؟» فأخبروني عن باحثين في هذا الموضوع مثل «ريشلت» في النرويج، و«شاتوك» في إنجلترا، وكيف أنهم وجدوا براهين مبدئية تؤيد ما عاشه أهالي كثيرين لمدة أكثر من 20 عاماً أن منتجات الألبان تفاقم أعراض التوحد. وشرح زوجي لي أن هناك نظرية تقول إن أجسام بعض المتوحدين يكسرون بروتين الحليب المعروف باسم «الكازيين» إلى ببتيدات تؤثر على المخ بالطريقة التي تؤثر بها عقاقير الهلوسة. واكتشف علماء مركبات تحتوي على أشباه أفيونيات في بول أطفال متوحدين. وقرروا في نظريتهم أن هؤلاء الأطفال إما أنهم يفتقرون إلى أنزيم يكسر هذه الببتيدات بصورة طبيعية ويحولها إلى صورة قابلة للهضم، أو أن هذه الببتيدات كانت تتسرب بطريقة ما إلى مجرى الدم قبل أن تهضم. وأدركت أن هذه المعلومات منطقية، فقد شرحت لي لماذا كان طفلي ينمو بطريقة طبيعية في أول سنة، عندما كان يتناول حليب الصويا فقط، كما فهمت لماذا أصبح متلهفا على شرب الحليب فيما بعد، إذ أن أشباه الأفيونيات عقاقير مسببة للإدمان. وأخبرني زوجي أن هناك نوعا آخر من البروتين يتم تكسيره إلى صورة سامة، وهو بروتين الغلوتين الموجود في القمح، والشوفان، وهو يضاف إلى الأغذية المعلبة، وأخذت قراراً بمنع الجلوتين أيضاً من غذاء ابني، وكان علي أن أتعلم كيفية طهي وجبات خالية منه. وفي عمر الثالثة قرر الأطباء أنه شفي من التوحد. وفي الاختبارات الاجتماعية واللغوية كان معدله ثمانية أشهر أكبر من عمره، كما حقق النتائج نفسها في اختبارات الاعتماد على النفس والمهارات العضلية، ثم التحق بمدرسة عادية، وأصبح واحداً من أكثر أطفال الفصل بهجة وكلاماً ومشاركة. واليوم، عمره ست سنوات، وهو واحد من أشهر الأطفال في المدرسة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©