الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

وصفات «الإنترنت».. مصيدة لرواد المواقع

وصفات «الإنترنت».. مصيدة لرواد المواقع
5 نوفمبر 2015 21:46
أشرف جمعة (أبوظبي) تجرّعت مايا العذاب سنوات طويلة، جراء اتباعها وصفة وجدتها على موقع «فيسبوك» لعلاج تساقط الشعر، وتضاعفت مشكلتها، وفقدت كمية شعر كبيرة. وهناك ضحايا كثر لوصفات علاج «مزيفة» على بعض مواقع التواصل الاجتماعي، تضمنت أدوية وأعشاباً تباع من دون ترخيص، وتصل إلى المريض في عقر داره، إلا أنه يقع في مزيد من المشكلات الصحية. شرك الجهل ويؤكد استشاري طب الأسرة في مستشفى مركز الخليج للتشخيص الدكتور مالك مكارم أن عالم التواصل الاجتماعي عنصر مهم في انتشار وصفات علاجية «مدمرة». ويقول: «الإنسان بطبعه يبحث عن الحلول السريعة، مما يجعله يقع في شرك الجهل تارة والاحتيال تارة أخرى»، ونحن في عصر العلم والمنجزات الطبية الكبرى، والمفترض أن يدرك رواد التواصل الاجتماعي قيمة الطب، وأن يتحققوا من هوية الوصفة، وما إذا كانت معتمدة من جهة رسمية وتم تجريبها. ويرى أن عمليات التسويق الكبيرة، التي تشهدها هذه المواقع، تمثل عامل إغراء وتحد واضح لمهنة الطب والبحث العلمي، وأمر غريب أن يجزم بعض الأفراد بأن لديهم علاجاً للبواسير والكبد والسكري والسرطانات والشلل وتساقط الشعر إلخ. استشر طبيباً يقول الدكتور جاسم المرزوقي، استشاري الطب النفسي: إن النفس البشرية تخضع لجوانب نقص، فضلاً عن أن هناك سمات شخصية تختلف من فرد إلى آخر ما يجعل أحدهم يقبل اتباع وصفة للنحافة من دون التحقق من مصدرها، في حين يرفضها آخر بشكل قاطع، فالجهل هو المسيطر على الأول، أما الثاني فقد احتكم للعقل والعلم معاً. ويرى أن بعض أفراد المجتمع لديه هوس بالجديد، وأنه قيمة مضافة للحياة، وهنا تكمن المشكلة فليس بالضروري أن يكون الجديد والغريب هو ذروة الحل لمشكلة مرضية ما، كما أن الوقوع في شرك تجارب الآخرين معضلة أخرى، وبعض رواد التواصل الاجتماعي يكتب على «تويتر» أو «فيسبوك» مشكلته الصحية والطريقة التي تخلص بها من عارضه المرضي، فيظن أحد المستخدمين أن طريقة العلاج هذه تلائمه، ما يدخله في دوامة أخرى مع أنه من الأفضل أن يستشير طبيباً، بحيث لا يستقي معلوماته الطبية من المواقع، بل من أفراد قد يتبين أنهم يروجون لشركات وهمية. ويقول: «من الطبيعي أن نبحث عن حلول لهذه المشكلة العصرية من خلال التوعية بمخاطر الإنترنت فليس هو الطبيب الخاص، ويجب أن يعرف رواد مواقع التواصل الاجتماعي أن هناك جهات موثوقاً بها تصدر عنها الأدوية، ما يتطلب رفع درجة الوعي عبر وسائل الإعلام المختلفة، وتسليط الضوء على هذه الظاهرة خصوصاً وأن صحة الإنسان غالية جداً»، ناصحاً بضرورة توخي الحذر وعدم الوقوع في شرك المحتالين ومدعي الطب. بائعو الوهم وتقول شيماء خليفة، في إدارة التثقيف والتعزيز الصحي في وزارة الصحة: «الوصول للوزن المثالي حلم كثيرين، مما يجعل بعضهم يلهث وراء الوصفات العلاجية المدمرة والخلطات المجهولة المصدر»، مضيفة «الغريب أن هناك من يظن أن طبيبه الخاص موجود على صفحات الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي». وتوضح أنه من المفترض ألا يستخدم الشخص أية وصفات علاجية أو خلطات إن لم تكن صادرة عن جهات مختصة، وبنصيحة من الطبيب المعالج. وتتابع «التوعية مهمة جداً، ولها دور في الحفاظ على الصحة العامة، وتسهم إدراك أفراد المجتمع لخطورة الأدوية التي تباع «أون لاين» لكون بعضها مجهول المصدر والتركيب». حبوب الرشاقة من بين الذين مروا بتجربة صعبة بحثاً عن الوصول إلى وزن مثالي أحمد الجنيبي، الذي نشأ منذ صغره وهو يمارس رياضات مختلفة حتى أصبح جسده كتلة من العضلات، ما أعطاه ضخامة مفرطة مدعومة بقوة، لكنه مل هذا الجسد المنتفخ. ويورد أنه من خلال تواصله عبر «فيسبوك» وجد أن بعض الأصدقاء ينشر اسم «حبوب للرشاقة»، فسأله عن مصدرها واتضح أنها تباع عبر الإنترنت من إحدى الدول الأوروبية، مشيراً إلى أنه اشترى منها الكمية المطلوبة التي تكفيه لمدة أربعة أشهر لكن النتائج كانت غير مرضية، فقد بات يعاني شعوراً دائماً بالإرهاق، وافتقاداً حاداً للشهية، وزيادة في نبضات القلب، وسعالاً من وقت إلى آخر، كل ذلك في غضون خمسين يوماً، ما دفعه للخضوع لعلاج طبي مكثف للتخلص من آثار الدواء. ويؤكد أنه بعد هذه «التجربة المريرة» أصر على نشر قصته علي صفحته الخاصة في «فيسبوك» لتكون عبرة للآخرين. جمال البشرة قصة أخرى كانت بطلتها امرأة تبحث عن جمال البشرة مقيمة في أبوظبي، وتذكر أنها استسلمت لأحد الإعلانات على «إنستجرام» عن خلطة سحرية لتبييض البشرة، وإكسابها لوناً من النضارة والحيوية الدائمة غير أن المروجة لها -بعد أن تواصلت معها- أخبرتها بأن هذه الخلطة لها طريقة معينة في الاستخدام، ويجب الحذر في أثناء وضعها على البشرة. وتقول إنها اشترت الخلطة وبدأت في استخدامها وفي غضون عشرين يوماً ظهرت بقع كثيرة على وجهها، ما جعلها تحزن بشدة من هذا الخطأ الذي ارتكبته إذ لم تحاول السؤال عن مصدر هذه الخلطة، وهل الجهات الصحية المعنية أقرته أم لا، كما أنها لم تضع لخسارتها المادية أي وزن، مؤكدة أنها تستعد للسفر حالياً لأحد المراكز المشهورة المتخصصة في آسيا لعلاج البشرة. وترى أن مشكلة رواد التواصل الاجتماعي ومستخدمي الإنترنت تكمن في أنه ليست لديهم ثقافة تجعلهم يتعاملون مع مثل هذه الدعايات الطبية المزيفة بالحذر الكافي. النساء أكثر استجابة يعتقد الكاتب والباحث خالد الروسان أن الكثير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي ليس لديهم الوعي الكافي بحقيقة المنتج الطبي، لافتاً إلى أن بعضهم يقع تحت تأثير القصص المؤثرة التي يرويها بعض من استخدموا أدوية خارج نطاق المنظومة الطبية الرسمية ما يدفع بعض الذين يبحثون عن أحلام صحية معينة إلى التجريب من دون الاهتمام بالمصدر الذي يتعاملون معه وهو ما يستوجب التدقيق وتحري حقيقة الدواء أو العشب الطبي. ويرى أن المرأة تكون أكثر استجابة من الرجل للعقاقير الطبية التي يروج لها بعض رواد التواصل الاجتماعي لكونها تبحث عن الجمال والصحة، ولديها اهتمامات واسعة في هذا الشأن، مشيراً إلى أن تناقض الدراسات الطبية، التي تصدر عن مراكز بحثية متخصصة يجعل عديدا من أفراد المجتمع يلجؤون إلى تصديق مروجي الأدوية، التي تباع «أون لاين» عبر الإنترنت. السبيل الأمثل يقول الخبير الدولي في مجال تطوير الذات والتميز الدكتور عماد الدين حسين: «أصبحت مواقع التواصل ساحة للإعلانات في كل المجالات، وهذا نوع من التطور الذي يتماشى مع طبيعة العصر، لكن التأكد من هوية كل ما يطرح عبر هذه المواقع يعتمد على ثقافة معينة، وهي غائبة بنسبة ما، لذا يترتب الكثير من الآثار السلبية على بعض المستخدمين من جراء شراء الأدوية من مصادر تكاد تكون مجهولة، أو عبر تجريب وصفات طبية غير مستوفية لشروطها ولم يثبت تجريبها. ويرى أن السبيل الأمثل لمواجهة المشكلة يجب أن يكون من خلال إكساب مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي الثقافة اللازمة، ومن الأفضل أن يكون عبر التوعية المباشرة على المواقع نفسها. واقع مرير تنبه رئيسة الاتحاد العالمي للتزيين على مستوى دول الخليج منال حسن إلى أن التعامل مع المناطق ذات الحساسية الخاصة من الجسم مثل الوجه وفروة الرأس من قبل اختصاصي التزيين في الصالونات تحتاج إلى خبرة، لافتة إلى أن مثل هؤلاء المختصين قد تكون لديهم أخطاء فماذا عن الذين يذهبون إلى البيوت من دون ترخيص، ويضعون خلطات للشعر والوجه والجسم مجهولة الهوية، مشيرة إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت تعج بالأسماء والإعلانات لمن يدعون بأن لديهم وصفات لعلاج الشعر والبثور والهالات، ولديهم الخبرة. دور رقابي يؤكد النقيب جمعة البادي، مدير فرع الشرطة المجتمعية في أبوظبي بمركز شرطة خليفة، إن التوعية بمخاطر الإنترنت من الأهمية بمكان في المجتمع خصوصاً وأن هناك قوانين ودوراً رقابياً، لكن الوقاية في كل الأحوال من أفضل سبل العلاج، وذلك عبر تعاون مثمر مع مكتب ثقافة احترام القانون بحيث يتم عمل حملات توعية في المدارس، وبعض الجامعات للتعامل الأمثل مع الإنترنت، وعدم الوقوع في شرك الشركات الوهمية التي تروج لأدوية أو أعشاب غير صادرة عن جهات رسمية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©