الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

شركات المعلوماتية الهندية تسعى إلى استدامة النمو

شركات المعلوماتية الهندية تسعى إلى استدامة النمو
11 نوفمبر 2011 23:01
لم تعد شركات التكنولوجيا الهندية في مرحلة المراهقة، فشركة انفوسيس ستحتفل هذا العام بمرور 30 عاماً على تأسيسها وتقاعد مؤسسها الرئيسي ووصفه زملاؤه بصاحب الرؤية الثاقبة نظراً لأنه أول من بدأ صناعة تكنولوجيا عالمية المستوى في الهند، ومع ذلك تشهد أكبر ثلاث شركات هندية في هذا المجال “تي سي اس” و”انفوسيس” و”وايبرو” تراجعاً نسبياً تجسد في انخفاض أسعار أسهمها مؤخراً. فالشهر الماضي هبطت أسهم تي سي اس (التي كانت قد شهدت انتعاشاً ملموساً في مطلع العام) حيث سجلت الشركة نتائج ربحية مخيبة للآمال. كما تراجعت أسهم وايبرو خلال هذا العام بل زادت تراجعاً مؤخراً في أعقاب الإعلان عن أداء الشركة في ربع السنة الأخير الذي خيب الآمال أيضاً. يعكس هذا التقلب إلى حد ما مخاوف المستثمرين من كساد في العالم المتقدم الذي تحقق فيه الشركات الثلاث معظم أرباحها، ولكنه يثير أيضاً سؤالا حول ما إن كانت هذه الشركات الثلاث في مرحلة عمرها الحالية لاتزال قادرة على الاستمرار في نموها النشط. وما يخشى منه هو إنها ربما تسلك مسار نوكيا التي حافظت لسنين على هوامش عالية في تحد صارخ للعديد من المشككين، ثم فجأة ثبت صحة رأي أولئك المتشككين. الأزمة المالية العالمية وفيما يتعلق بتراجع الاقتصادات الغنية فإن الماضي القريب يعد سابقة مرعبة، فخلال الأزمة المالية العالمية تباطأ نمو إيرادات شركات المعلوماتية إلى ما يقارب الصفر نظراً لقيام العملاء وخصوصاً الماليين منهم بتقليص الإنفاق تقليصاً شديداً. غير أن النشاط استرد عافيته، حيث استعاد العملاء شجاعتهم وضاعفوا جهودهم في تقليص التكاليف من خلال عمليات التعهيد وإعادة هيكلة مؤسساتهم. ومن المأمول حاليا أن يكون العملاء أقل ذعراً. وتؤكد هذه الشركات الثلاث الكبرى على عدم وجود تباطؤ فجائي في الإنفاق وعلى استمرار خططها الضخمة لتعيين موظفين جدد في الهند (يعمل في الشركات الثلاث نحو نصف مليون موظف معظمهم في وطنهم الأم). قام ناتاراجان تشاندا سيكاران الرئيس التنفيذي لشركة تي سي إس بزيارة أكثر من 100 عميل في أنحاء العالم في الأشهر الثلاثة الفائتة وقال: “إن أولئك العملاء يمارسون أعمالهم ويديرون شركاتهم بطريقة منهجية وهم يدركون أن الوضع في الولايات المتحدة وأوروبا سيستغرق وقتاً ليتعافى”. ولكن حتى إن لم تقع كارثة مالية، ماذا عن قدرة صناعة التكنولوجيا على النمو طويل الأجل؟ في ذلك قال كيه في كاماث رئيس مجلس إدارة إنفوسيس: “أعتقد أنه مايزال أمام صناعة التكنولوجيا مجال للنمو رغم كل الظروف وأمام الهند خصوصاً مجال مفتوح وواعد”. ويتوقع المتفائلون أن تتوسع مجالات التعهيد وتستمر. واستعان رواد مثل جنرال إليكتريك بشركات هندية في بادئ الأمر ثم تبعتها المصارف، وقد يكون القطاع الخاص في الغرب هو التالي. وربما لم يفكر القائمون على المشافي في أوهايو بعد في أداء نتائج فحوصهم التشخيصية من الهند، ولكن الأذكياء في مومباي يأملون في ذلك. كذلك من المنتظر والمأمول أن تمتد عادة التعهيد من جغرافيتها الرئيسية المتمثلة في الدول المتحدثة بالإنجليزية الغنية إلى مناطق أخرى مثل جنوب أوروبا واليابان والأسواق الصاعدة. وتتوقع هيئة صناعة تكنولوجيا المعلومات بالهند ناس كوم أن تنمو السوق إلى ثلاثة أمثال حجمها خلال الفترة بين عام 2008 وعام 2020. وطالما طرحت أسئلة عما إن كانت هذه الشركات الثلاث قد أصبحت كبيرة إلى درجة تصعب معها إدارتها. حتى الآن تتضاعف هذه الشركات حجماً كل بضع سنوات دون استنفاد الطاقات البشرية المتميزة التي تتخرج من نظام تعليم متدن في الهند. غير أن كبر الحجم ربما يتسبب في عواقب غير محسوبة. وقال ميميش جوشي محلل المعلوماتية في سي ال اس ايه للوساطة إن أكبر عملاء تلك الشركات يوشكون بلوغ حد النمو الأقصى. صحيح أن سيتي جروب تدفع 350 إلى 400 مليون دولار لشركة تي سي اس ولكن هل ينتظر أن تزيد هذا المبلغ بنسبة 20% في السنة؟. تراجع العملاء سبق للشركات الهندية أن نجت من تراجع العملاء من قبل، فعلى سبيل المثال بي تي جروب شركة الهاتف البريطانية التي كانت في السابق من أكبر العملاء لم تعد تتسم بقوتها السابقة. ومع ذلك من المرجح أن ينمو أكبر المنفقين (من المعتاد أن يشكل أكبر عشرة عملاء 20 إلى 25% من مبيعات كل شركة من شركات المعلوماتية الثلاث. على نحو أقل من الباقين الأمر الذي سيقلص النمو عموماً). وهناك اعتبار آخر يتمثل في أن نسبة البطالة العالية والمحنة الاقتصادية في العالم المتقدم ربما يفرض قيوداً سياسية على التعهيد في الهند، وفي إحدى المقابلات التي أجريت في شهر مايو الماضي مع أحد كبار المسؤولين في انفوسيس اس جوبالاكريشنان أشار إلى أن زيادة تحرك العمالة في الثلاثين عاماً الماضية تزامنت مع نمو قوي. أما الآن في الوقت الذي يعاني فيه الغرب من الركود هناك مخاوف من التراجع والتقلص. ومنذ وقت قريب تعاني شركات تكنولوجيا المعلومات الهندية من صعوبة الحصول على تأشيرات سفر موظفيها إلى الولايات المتحدة من أجل التنسيق مع عملاء فيما يخص مشروعات كبرى هناك. حيث أفادت إحدى الشركات بأن معدل رفض طلبات التأشيرات قد تضاعف إلى 40%، ومن المؤكد أن الضغوط السياسية بشأن البطالة تعد عاملاً رئيسياً في ذلك الرفض. استراتيجية جديدة غيرت شركات تكنولوجيا المعلومات مؤخراً استراتيجيتها نتيجة شبه توقف كبار عملائها عن النمو والقيود السياسية على التعهيد والضغوط على أجور العمالة في الهند. ويبدو أنها قررت عدم الاكتفاء بمجرد الاستفادة بتكاليف العمالة المنخفضة في الهند واعتزام أن تصبح مبتكرة ومبدعة لملكية فكرية والإقدام على مقاولات الاستشارة. وكانت هذه الصناعة قد تطورت من قبل إذ بدأت في تسعينات القرن الماضي بمجرد متابعة السوفتوير والنظم التي كان يصممها ويملكها الغير. ثم وقعت أزمة عام 2000 المعلوماتية التي قامت فيها الشركات الهندية بالمساهمة في إنقاذ العالم من كارثة غير مسبوقة وهو الأمر الذي عزز مكانة تلك الشركات. وفي خلال السنوات الخمس الفائتة كان مسعى الشركات الهندية إلى التطور مرة أخرى متجاوزاً التنافس على الأسعار. وكان آخر مسعى إلى تجسيد ذلك هو تقديم “الحلول” وهي حزمة من الخدمات تباع بصفة مستمرة بأسعار مغرية تتفاوت بين تصميم وتشغيل تطبيقات السوفتوير وتقديم استشارات إعادة هيكلة الشركات للعملاء. غير أن تلك الأنشطة المعقدة لا تشكل سوى أقل من 10% من إيرادات الشركات الهندية اليوم، حسب نوشيركاكا الخبير في ماكنزي اند كومباني الاستشارية. فشركات مثل اي بي ام واكسنتشير يمكن أن تنتقد وتشك في قدرة وتطور منافسيها الهنود. غير أن العملاء على ما يبدو بدأوا لا يميزون بين من يشترون منهم الحلول وهناك مثال على ذلك هو بزوغ برنامج salesforce.com الجاهز المرتكز على الشبكة العنكبوتية الذي يساعد الشركات على إدارة موظفي مبيعاتها. وهذا يعني أن حواجز الدخول قد سقطت. وبالتأكيد تأمل الشركات الثلاث الهندية في ذلك وتنشغل في إنفاق الكثير على تعزيز قدرتها على تقديم خدمات عالية القيمة. وقال كالا إنها لو استطاعت تنفيذ ذلك على النحو الصحيح فإن مبيعاتها من هذا النشاط يمكن أن ينمو سريعاً. وتسير شركات تكنولوجيا المعلومات الهندية حالياً على نفس هذا النهج سعياً إلى تحقيق نمو مستدام. نقلاً عن: «ذي ايكونوميست» ترجمة: عماد الدين زكي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©