القيادة العابثة

الحديث عن المصائب والعواقب التي تنجم عن حوادث السيارات أصبح ممجوجاً من كثرة ما تطرقت إليه وسائل الإعلام، إلا أن هذا ليس مبرراً بأي حال لتجاهل هذه الظاهرة الخطيرة، خاصة بعد أن تزايدت أعداد السائقين اللهاة الذين يعتبرون السيارة وسيلة لإحياء مشاهد ''الأكشن'' التي يتابعونها عبر التلفزيون· وأصبح من الشائع جداً أن ترى عشرات السائقين وهم يثرثرون عبر الموبايل وهم يقودون في الطرق المزدحمة· وتكثر أيضاً مشاهد محبي ''التسلل'' بسياراتهم بين صفوف السيارات وهم يمارسون ما يمكن أن يسمى ''القيادة الإرهابية'' التي تعرضهم وتعرض غيرهم لأخطار كبرى· وينضم الآن إلى هذا المشهد المخيف عنصر جديد ليزيد من هذه الأخطار· فبعد الموبايل، يأتي الآن دور الأجهزة الرقمية اليدوية كمشغلات الموسيقى والكمبيوتر اليدوي واللاب توب لتشكل سبباً جديداً لصرف السائق عن ممارسة مهمة القيادة الآمنة· وأصبحت ''القيادة اللاهية'' قبل أيام الشغل الشاغل لوسائل الإعلام في الولايات المتحدة على أثر حادث مؤسف وغريب سجل في ولاية كاليفورنيا عندما مات سائق سيارة على أحد الطرق السريعة في مدينة لوس أنجلوس الأميركية بسبب انصرافه عن القيادة أثناء تشغيل اللاب توب فانحرفت سيارته واصطدم بسيارة آتية من الاتجاه المعاكس· ويدور حديث الصحافة الأميركية التي تتعرض لهذه الظاهرة الآن حول المطالبة بسن المزيد من القوانين الصارمة التي تمنع ممارسة كافة السلوكات التي من شأنها أن تصرف أذهان السائقين عن القيادة بما فيها تناول الأطعمة والأدوية المنوّمة واستخدام الأجهزة المختلفة وخاصة الموبايل· وكانت لهذه الحملة الصحفية نتائجها المباشرة حيث قدّم مشرعو ولاية واشنطن اقتراحاً بسنّ قانون يحظر على السائقين القراءة أو الكتابة أو إرسال البريد الإلكتروني أثناء القيادة· وتأتي أهمية هذه الإجراءات بعد تزايد الوسائل التي تصرف الذهن عن القيادة، وحيث لم يعد السكوت عن السلوكيات الخطيرة التي ينتهجها بعض العابثين بسياراتهم مقبولاً أبداً· المحرر adnanod@maktoob.com