غادر المنتخب اليمني «خليجي 22» تاركاً خلفه صورة جميلة، بعد أن ظهر بصورة مغايرة لما ظهر عليه في مشاركاته الست السابقة التي لم يتجاوز خلالها حاجز النقطة الواحدة، حيث قدَّم أداءً متطوراً مثَّل مفاجأة للكثيرين من متابعي كأس الخليج، فأمتع جماهيره الغفيرة التي ساندته بقوة وحماس في الرياض، وأصبح حديث البطولة ومحط أنظار الإعلام الخليجي.
أكتب اليوم عن المنتخب اليمني بعيداً عن المبالغة في تقييم مستواه الفني، فما زال اليمنيون إلى الآن في مسيرة البحث عن الفوز الخليجي الأول، غير أن ما لفتني هو ثبات المستوى في المباريات الثلاث التي خاضها منتخب اليمن، إضافة إلى التنظيم الجيد للخطوط الثلاثة والانضباط التكتيكي العالي، وبروز الفرديات المهارية المنسجمة داخل منظومة جماعية تلعب بطريقة دفاعية محكمة، تتناسب مع إمكانات الكرة اليمنية في الفترة الحالية، وهو ما يعكس تكيُّف لاعبي اليمن وانسجامهم مع مدربهم الواقعي ميرسولاف سكوب الذي ترك بصمة واضحة على أداء لاعبيه، وتمكن أخيراً من إعادة صياغة الصورة النمطية عن الكرة اليمنية. وسبب سعادتنا بالحضور الجيد لليمن في «خليجي 22»، هو أننا ندرك ما تواجهه الكرة اليمنية من صعوبات لا حصر لها، فالدعم الحكومي غائب عن الاتحاد اليمني لكرة منذ أكثر من عام، والمباريات الدولية محظورة في ملاعب اليمن بأمر «الفيفا»، ناهيك عن تدهور الأوضاع الأمنية والسياسية في البلاد على مدى الأشهر الماضية، وما لذلك من انعكاسات سلبية على الاستقرار النفسي للاعبين اليمنيين، ورغماً عن كل الظروف القاسية، كان المنتخب اليمني نداً قوياً للمنتخبات الخليجية التي واجهها، ليستحق بذلك ما ناله من إعجاب. بصراحة، ودون أدنى استصغار، كان الخليجيون يتهامسون فيما بينهم بأن رؤساء الاتحادات الخليجية هم الأكثر سعادة بانضمام اليمن لدورة الخليج، باعتبار أن منتخب اليمن سيكون «حصالة نقاط» لبقية المنتخبات الخليجية، وضيفاً دائماً على المركز الأخير، ما يضمن لهم حفظ ماء الوجه، ولمنتخباتهم الحصول على المركز ما قبل الأخير على أسوأ تقدير، وها هو منتخب اليمن يحقق قفزة نوعية في «خليجي 22»، ويسير بخطى جريئة نحو تغيير الانطباع السائد عنه، لافتاً نظر كل المنافسين والمراقبين.
نعم، لم يفز منتخب اليمن بأي مباراة، ولكنه ظهر بعزيمة قوية، وخرج من الرياض بصورة مشرفة أسعدت شعب اليمن في عز المحن، وهذا يكفي.
عدد اليوم
