الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لبنان يحاول النأي بنفسه.. والأزمة السورية تطارده

لبنان يحاول النأي بنفسه.. والأزمة السورية تطارده
30 ديسمبر 2012 21:12
فيصل يوسف (أبوظبي)- طغت على كل المشهد السياسي في لبنان طوال العام المنصرم بكامله تقريباً، تداعيات الأزمة في الجارة «التوأم» سوريا. ولوحظ أن سائر تفاصيل المشهد السياسي الداخلي من دوامة الخلاف بين العارضة والموالاة على الصعد كافة، إنما هو محض انعكاس لما يجري في سوريا. ولم تفلح سياسة «النأي بالنفس» التي تبناها لبنان الرسمي إزاء الأزمة السورية منذ اندلاع الاحتجاجات المناهضة لنظام الرئيس بشار الأسد منتصف مارس 2011، في تحصين هذه البلاد التي ظلت «حديقة خلفية» لما يجري في جارتها الكبرى، من رشح تداعيات كادت في غير ما مرة، أن تعيد لبنان إلى أجواء سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي إبان الحرب الأهلية وتلك التي سادت عقي اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري عام 2005. فقد تواترت الاشتباكات الطائفية المرتبطة بالأزمة السورية منذ يونيو 2011 بين الإسلاميين السنة الذين انحازوا للانتفاضة السورية من جهة، و«حزب الله» وحلفائه خاصة العلويين المؤيدين لنظام الحكم في دمشق، من جهة أخرى. وشكلت مدينة طرابلس الساحلية ومناطق الشمال اللبناني بؤراً رئيسية لهذا التوتر في ضوء التركيبة الطائفية المعقدة لهذه الأنحاء، وبجانب المعارك والاغتيالات، ساهمت عمليات خطف متبادل على جانبي الحدود طالت أيضاً مواطنين أجانب، في تأجيج تلك التوترات وما لازمها من تفلتات أمنية. كما ساهمت الاعتصامات وعمليات إغلاق الطرق احتجاجاً على اعتقالات طالت شخصيات متهمة بالارتباط بمسلحي المعارضة السورية، في زيادة حدة الاستقطاب الثنائي بين السنة والعلويين في منطقة الشمال اللبناني. واتسع نطاق الوقفات الاحتجاجية، حيث نظَّم متشددون إسلاميون احتجاجات بمناطق جنوب لبنان، ليعزز بذلك حالة الاحتقان الطائفي، ويسرع وتيرة تصاعد التوترات، وصولاً إلى مرحلة الانفجار بين الفينة والأخرى. كما امتدت التوترات الطائفية إلى العاصمة بيروت، لتنتشر لاحقاً إلى مناطق جنوب وشرق البلاد ما استدعى نشر الجيش اللبناني في طرابلس وفي وقت لاحق في بيروت نفسها. وبجانب البعد الطائفي لحالة الاستقطاب الثنائي في لبنان وما ترتب عليه من توترات، يستبطن الصراع بين الجماعات السنية خاصة المتشددة، والعلويين المتحالفين مع «حزب الله»، بعداً سياسياً متصل بالنزاع الدامي في سوريا. ذلك أن المجموعتين الرئيسيتين المتنازعتين في الشمال اللبناني خاصة، وبقية أنحاء البلاد بشكل عام، مرتبطتان بالصراع المرير بين قوى تحالف «14 مارس» المؤيدة للانتفاضة السورية، مقابل تحالف «8 مارس» بقيادة «حزب الله» الموالي لحكومة دمشق والمدعوم من إيران في إطار ما يسمى بـ «محور المقاومة». وتصاعد التوتر في طرابلس، حيث اندلع قتال يومي 15 و11 فبراير 2012 بين منطقتي جبل محسن التي يهيمن عليها العلويون الموالون لنظام الأسد، وباب التبانة ذات الغالبية السنية التي تدعم الانتفاضة السورية، مما تسبب بمقتل 3 أشخاص من الجانبين، الأمر الذي استدعى تدخل الجيش اللبناني الذي تكبد 6 جرحى على الأقل. في 29 أبريل 2012، صادر الجيش اللبناني شحنة ضخمة من الأسلحة والذخائر كانت في حاملة نقلتها سفينة تسمى «لطف الله - 2» كانت في طريقها إلى طرابلس قبل اعتراضها. وأفادت التقارير، أن هذه السفينة انطلقت من ليبيا، وأن بعض الأسلحة كانت تحمل اسم الدولة نفسها. وبحسب تقارير هيئة الإذاعة البريطانية، فإن الشحنة المصادرة كانت في طريقها إلى مقاتلي الجيش السوري الحر. وتزامناً مع تلك الحادثة، أسفرت اشتباكات بين مؤيدين للمعارضة السورية ومؤيدين سنة لنظام الأسد من جماعة «التوحيد» عن إصابة 4 أشخاص على الأقل. وفي مايو 2012، طالب سلفيون في طرابلس بإطلاق سراح سني متشدد يدعى شادي مولوي إثر اعتقاله بتهمة الانتماء لمنظمة إرهابية مهددين بالقتال إذا ما حاول الجيش اللبناني إزالة حواجز نصبوها على الطرقات بالقوة. وتسبب اعتقال مولوي باندلاع جولة جديدة من المعارك بين إسلاميين سنة ومسلحين علويين في طرابلس. وشهدت ليلة 12 مايو 2012 سقوط 4 قتلى، إثر اندلاع اشتباكات بين مسلحين في المنطقتين المتنازعتين. وشهد مطلع مايو 2012، قيام مسلحين من المعارضة السورية باختطاف 3 لبنانيين في بلدة زيتا قرب الحدود بين البلدين، بينما تم اختطاف 60 عاملاً سوريا في لبنان قبل التوصل لصفقة تبادل في 16 مايو نفسه. وفي 22 مايو تم اختطاف 16 شيعياً لبنانياً قرب حلب أثناء عودتهم من زيارة دينية إلى إيران، فيما تم تحميل المسؤولية لجيش السوري الحر الذي ألقى بدوره، باللائمة على «عصابات مسلحة» ووعد بالمساعدة في إطلاق سراحهم. وطالب خاطفون باعتراف لبناني رسمي بالمعارضة السورية وإدانة من نصر لعنف النظام، لقاء إطلاق الأسرى. ومن بين 11 رهينة بقوا في الأسر تم إطلاق سراح واحد منهم في 25 أغسطس 2012. وخلال الثاني والثالث من يونيو 2012، قتل 15 شخصاً وأصيب أكثر من 60 آخرون باشتباكات في طرابلس مما دعا إلى انتشار الجيش اللبناني في شارع سوريا الذي يفصل بين منطقتي جبل محسن وباب التبانة في طرابلس. بحلول 9 أغسطس، اعتقلت الشرطة اللبنانية الوزير السابق ميشال سماحة الذي اتهمه القضاء بتشكيل «جماعة مسلحة» بغرض إثارة اضطرابات طائفية من خلال «هجمات إرهابية» نيابة عن النظام السوري الذي زوده بمتفجرات. كما اتهم القضاء اللبناني رئيس مكتب الأمن الوطني السوري الجنرال علي مملوك والعميد عدنان في ذات القضية، وأفادت مصادر لبنانية بأن سماحة أقر بالتخطيط لتفجيرات عدة في منطقة عكار وأهداف أخرى شمال لبنان، وطالبت المعارضة ممثلة بائتلاف 14 مارس بتسريع التحقيق وإذا ما ثبتت التهمة، قطع العلاقات مع نظام دمشق ومحاكمة سماحة بتهمة «الخيانة العظمى»، بينما اعتبرت مجموعة 8 مارس الحاكمة قضية سماحة مجرد مزايدات سياسية. في 23 أغسطس، تسببت اشتباكات في أنحاء متفرقة من طرابلس، بتهديد وقف نار هش، ما دعا الجيش اللبناني إلى نشر دباباته في منطقتي جبل محسن وباب التبانة، ورغم عودة الهدوء نسبياً، استمر القتال المتقطع طوال اليوم. وفي اليوم التالي، تجددت الاشتباكات عقب قصف بين مجموعات سنية وأخرى علوية في قبة وجبل محسن وتبع ذلك حرق نحو 7 محال تجارية سنية من قبل مجهولين. كما تصاعدت المعارك بعد مقتل رجل الدين السني خالد البرادعي برصاص قناص خلال اشتباكات في 24 أغسطس بطرابلس. وأفادت تقارير بأن الشيخ البرادعي هو قائد المقاتلين المتشددين السنة في المدينة. اغتيال وسام الحسن شهد يوم 19 اكتوبر اغتيال العميد وسام الحسن قائد مكتب الاستخبارات في قوى الأمن الداخلي ضمن 8 آخرين بانفجار سيارة ملغومة بحي الأشرفية بيروت، أصابت أيضاً نحو 78 آخرين. ويعد مقتل الحسن أخطر عملية اغتيال تشهدها العاصمة بيروت منذ 2008، ناهيك عن أن اسمه ارتبط بالمعسكر اللبناني المناهض لنظام الأسد، مما أثار الاتهامات المباشرة لدمشق وحلفائها «حزب الله» بالضلوع في الحادثة. وكان العميد القتيل قاد التحقيقات التي انتهت إلى اتهام سوريا و»حزب الله» بارتكاب جريمة اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق رفيق الحريري. وأثارت عملية الاغتيال ردود فعل عنيفة في كافة أنحاء لبنان، بينما دعا أحد السياسيين أثناء مقابلة مع قناة «المستقبل» الجماهير إلى الزحف إلى السراي الحكومي مما أدى إلى اشتباكات بين المحتجين والشرطة اللبنانية. وإثر الحادثة، أقام مسلحون سُنة حواجز أمنية في بيروت وبدأوا بتفتيش الحارة، بحسب الهوية الطائفية. واتهم سعد الحريري وعدد آخر من حلفائه في ائتلاف 14 مارس سوريا بالوقوف وراء حادثة الاغتيال، بينما طالبت حركة «المستقبل» رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بالاستقالة الفورية متهمة حكومته بالعجز عن حفظ أمن البلاد. وشهدت طرابلس خلال اليوم نفسه، مقتل أحد أعضاء حركة «التوحيد» الإسلامية، لدى انتشار مسلحين موالين للحريري في المدينة واشتبكوا مع جماعات أخرى مناوئة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©