الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

الزينة للعبادة واجبة

20 نوفمبر 2014 23:48
أحمد محمد (القاهرة) كان الناس يطوفون بالبيت الحرام عراة، يقولون لا نطوف في ثياب أذنبنا فيها، وعن ابن عباس وتلاميذه وغيرهم من مفسري السلف، أن العرب كانوا يطوفون بالليل عراة، وإذا حجوا فنزلوا في أدنى الحل نزعوا ثيابهم ووضعوا رداءهم ودخلوا مكة بغير رداء إلا أن يكون للرجل منهم صديق من الحمس «والحمس هم قريش وأبناؤها» فيعيره ثوبه ويطعمه من طعامه، وكانت الحمس لا يخرجون من المزدلفة، والناس كلهم يقفون بعرفات، ويقولون نحن أهل الحرم، فلا ينبغي لأحد من العرب أن يطوف إلا في ثيابنا، ولا يأكل إذا دخل أرضنا إلا من طعامنا، فمن لم يكن له من العرب صديق بمكة يعيره ثوباً ولا يسار يستأجره به كان بين أحد أمرين إما أن يطوف بالبيت عرياناً، وإما أن يطوف في ثيابه، فإذا فرغ من طوافه ألقى ثوبه عنه فلم يمسه أحد. وقد كانوا على تلك الجهالة والبدعة والضلالة حتى بعث الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم، وأنزل الله تعالى: «يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ »، (سورة الأعراف الآية 31). وقال المفسرون، هذه الآية الكريمة رد على المشركين، فيما كانوا يعتمدونه من الطواف بالبيت عراة، الرجال بالنهار، والنساء بالليل، وهذا خطاب لجميع بني آدم وإن كان وارداً على سبب خاص، فالاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب والزينة ما يتزين به الناس من الملبوس، أمروا بالتزين عند الحضور إلى المساجد للصلاة والطواف. وقيل إنهم كانوا يضعون ثيابهم خارج المسجد ويدخلون، فإذا دخل رجل وعليه ثيابه يضرب وتنزع عنه ثيابه، وهذه الآية نزلت مبطلة لتلك الضلالة الجاهلية الفاحشة، ومقررة لوجوب اتخاذ الملابس للستر ولزينة التجمل وإظهار نعمة الله على عباده، وقد أبطل النبي صلى الله عليه وسلم هذه الضلالة، إذ أمر أبا بكر رضي الله عنه، عام حجته سنة تسع، أن ينادي في الموسم، أن لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان. والزينة ما يزين الشيء أو الشخص، والمراد بها هنا الثياب الحسنة المعتادة، وأقل هذه الزينة ما يدفع عن المرء أقبح ما يشينه بين الناس وهو ما يستر عورته، وقد اقتصر بعضهم على هذا لأجل جعل الأمر للوجوب، وإنما يجب لصحة الصلاة والطواف ستر العورة فقط على ما جرى عليه جمهور الفقهاء على اختلافهم في تحديد العورة، وقالوا إن ما زاد على ذلك من التجمل بزينة اللباس اللائق عند الصلاة، ولا سيما صلاة الجمعة والجماعة، وفي العيدين سنة لا واجب، ولكن إطلاق الأمر يدل على وجوب الزينة للعبادة عند كل مسجد بحسب عرف الناس في تزينهم المعتدل في المجامع والمحافل، ليكون المؤمن عند عبادة الله تعالى مع عباده المؤمنين في أجمل حالة لائقة به لا تكلف فيها ولا إسراف. وجاء في السنن عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا صلى أحدكم «أي أراد الصلاة» فليلبس ثوبيه فإن الله عز وجل أحق من تزين له، فإن لم يكن له ثوبان فليتزر إذا صلى، ولا يشتمل أحدكم في صلاته اشتمال اليهود»، وقال: «لا يصلين أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء»، ونهى صلى الله عليه وسلم أن يصلي الرجل في لحاف «ثوب يلتحف به» واحد لا يتوشح به، ونهى أن يصلي الرجل في سراويل وليس عليه رداء، وقال: «خذوا زينة الصلاة، قالوا وما زينة الصلاة؟ قال: البسوا نعالكم فصلوا فيها». والأمر يختلف باختلاف حال الإنسان في السعة والضيق كالنفقة، فمن عنده ثوب واحد يستر جميع بدنه فليستر به جميع بدنه ويصلي به، فإن لم يستر إلا العورة كلها أو العورة المغلظة، وهي السوءتان فليستر به ما يستره، ومن وجد ثوبين مهما يكن نوعهما أو أكثر فليصل بهما، والخلاصة أنه يطلب أن يكون في أوسط حال حسنة يقدر عليها، وقد عد الفقهاء من أعذار ترك الجمعة والجماعة، فقد الرجل للثياب اللائقة به بين أمثاله حتى العمامة للعالم، وهذا الأمر بالزينة عند كل مسجد -لا المسجد الحرام وحده.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©