الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

أحمد مراد: اللغة العربية غير واقعية ..لذلك لا أستخدمها

أحمد مراد: اللغة العربية غير واقعية ..لذلك لا أستخدمها
4 نوفمبر 2015 17:21

لم يسبق أن أثار كاتب حالة من الجدل حول أعماله، كما يحدث هذه الأيام، مع الكاتب أحمد مراد.

في حين يتهمه بعض النقاد بالإفراط في استخدام العامية على حساب الفصحى، واقتباس رواياته من أعمال غربية، يمنحه القراء موقعاً ثابتاً في قائمة الكتاب الأعلى مبيعاً، وجمهور السينما يؤكد انحيازه له بعد الإقبال على فيلمه «الفيل الأزرق»، المأخوذ عن روايته، التي تحمل نفس الاسم، رغم أن الفيلم لا يصنف فيلماً تجارياً.

في هذا الحوار، يجيب أحمد مراد.. عن كل الأسئلة المثارة حوله.

.. يتحفظ فريق من النقاد على استخدامك للعامية.. ويراك آخرون متأثراً في رواياتك بالشكل الغربي للكتابة؟ 

ــ أستخدم اللغة العامية لأنها تنقل روح العصر، وتكشف عن ماهيته، فيمكن لقارئ بعد عشرين عاما أن يقرأ الرواية ليكتشف روح العصر الذي كتبت فيه الرواية. كما أن اللغة العامية تكشف عن المستوى الاجتماعي للشخصيات. أما الفصحى، فتجعل الشحاذ مثل الملك، لا فرق بينهما، يتحدثون لغة متشابهة، مسطحة إلى حد كبير، وهذا ليس عيبا في اللغة. فالعربية الفصحى لغة غنية جدًا، ولكن طريقة قراءتها توحي بهذا التسطيح. ولذلك، لا يمكن أن أجعل بطل الرواية يطلب من صيدلي (برشام)، فيقول له «أعطني القرص»، فستكون صعبة وغريبة على القارئ. اللغة العربية لا يتحدثها القارئ في الشارع، فكيف لي أن أكتب بها رواية؟ ولماذا أستخدم لغة لا نستخدمها في واقعنا؟ وأنا هنا لا أمجّد ذلك، ولكن لابد أن تعبر الرواية عن واقع نعيشه. وهناك رواية لمصطفى مشرفة عنوانها «قنطرة الذي كفر» وهي مكتوبة من الألف إلى الياء بالعامية. ورغم ذلك، أثنى عليها الكثيرون، ومنهم الكاتب الكبير يوسف إدريس، وكان لا يكتب باللغة العامية، ولم يعتبر أن الكتابة بالعامية نقص أو عيب.

أما عن الاقتباس من الغرب، فلا يوجد ما يسمى بالاقتباس في المطلق، والسؤال هنا: ما العمل أو النص الذي اقتبست منه إحدى رواياتي؟ كما أن ما جاء في رواية «فرتيجو» مثل الصورة التي التقطها البطل ليدور حولها لغز الرواية، جاء بشكل مختلف في فيلم «ضربة شمس» لنور الشريف في السبعينيات، وجزء آخر من الرواية حول فضيحة لرئيس تحرير إحدى الصحف. ألم يشاهد القارئ هذا في واقعه؟. أقصد أن ما كتبته جزء من الواقع، ولا علاقة له بالروايات الأجنبية.

كما أنه لا يمكن أن يُتهم أي كاتب بالاقتباس من روايات غربية لمجرد أنه يكتب بشكل فيه إثارة. فنجيب محفوظ كتب بهذه الطريقة في روايته  «اللص والكلاب» أي أن هذه الطريقة في الكتابة معروفة منذ سنوات، وكل ما في الأمر أنني بدأت الكتابة بهذه الطريقة بعد زمن من  الاختفاء.

..بعض النقاد يعتبر كتاباتك امتدادا لكتابات نبيل فاروق وأحمد خالد توفيق.. فكيف ترى ذلك؟

ـــ هذا وصف غير دقيق، لأن كل جيل يسلم الراية للجيل الذي يليه. فجيل العقاد وطه حسين سلم الراية لجيل نجيب محفوظ ومعاصريه. وجيل محفوظ سلم الراية إلى جيل الثمانينيات. لهذا، فالمقولة صحيحة ولكنها غير مكتملة. فأنا جزء من جيل، ولست مرتبطا بشخص معين.

..هل يغضبك تصنيف رواياتك أنها روايات بوليسية؟

ــ أنا غير مؤمن بفكرة تصنيف الرواية، وأشعر أن التصنيف ساذجٌ إلى حد كبير، كما أن الرواية البوليسية في التصنيف العالمي تعني أن الرواية تدور حول من قتل، وكيف قُتِل، وأين أداة الجريمة، وهذا غير موجود في رواياتي، ولا أسعى إلى الكتابة عن هذا النوع. فأنا ألعب على المنطقة الاجتماعية داخل الروايتين الأولى والثانية، و«الفيل الأزرق» أرى أنها قصة حب، ولكنها متعددة الجوانب. أما «1919»، فهي رواية تاريخية وبعيدة تماما عن الثلاثة. حتى إن الإثارة في الرواية تعتبر مغلفة للأحداث حتى تكون -أي الأحداث- مشوقة أكثر. لكن في النهاية الفكرة الاجتماعية هي الأساس، وأحاول دائمًا أن تكون مميزة.

..مسرحية «الفيل الأزرق» حصلت على جائزة أحسن عرض سينوغرافي في مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي. وقبلها، وصلت للقائمة القصيرة لجائزة «البوكر»، بجانب حصولك على جائزة البحر الأبيض المتوسط للثقافة.. فما الذي تمثله لك الجوائز؟

ــ الجوائز تسعدني جداً، ولا يمكن أن أقول إنها لا تهمني، لأنها تعني وجود لجنة معينة رأت أنني الأفضل وأستحق هذه الجائزة، لكن الجائزة الحقيقية هي القراء، واستمرار رغبة القارئ في اقتناء أعمالي هي الجائزة الحقيقية التي تهمني كثيراً، وأتمنى استمرارها دائماً. 

..كيف ترى العلاقة بين أرقام المبيعات ونجاح الكاتب؟

ــ بالتأكيد، هناك كتّاب لا يقدمون نصوصا أدبية مميزة وتحقق رواياتهم مبيعات كبيرة. هناك روايات تباع بشكل كبير لأسباب مختلفة منها الحظ، أو ظروف المجتمع، أو اسم الكاتب الذي يتحول إلى علامة أو ماركة، فتباع أعماله لمجرد وجود اسمه على الغلاف، ولكن الاستمرارية طويلة المدى لا يمكن أن تكون لكاتب غير جيد.  

..بعد نجاح أعمالك في جذب الجمهور تلفزيونياً وسينمائياً، هل يمكن أن تتفرغ لكتابة السيناريو على حساب الرواية؟

ــ طالما هناك قراء، وأشخاص جدد يدخلون إلى عالم القراءة من خلال رواياتي، فسيجعلني ذلك لا أفكر أن أتجه إلى كتابة السيناريو، خصوصا أنني أرى رسالة القراءة أقوى بكثير من رسالة السينما، لأن الأفلام موجودة منذ فترة طويلة. أما الرواية، فقد أهملت لسنوات طويلة، كما أن الرواية تدفع القارئ بشكل أكبر إلى التفكير وأن يسبح في الخيال. 

..نجاحك على مستوى الرواية والسينما، هل دفعك للاستقالة من العمل مصوراً برئاسة الجمهورية؟

- مازلت مستمرا بعملي، ولا يؤثر إطلاقاً على كتاباتي الأدبية، أو الفيلم الذي يجري إعداده. فأنا أرى أنه كلما ضاق الوقت، نشعر بقيمته أكثر، ونستغله بشكل أفضل وأكثر إيجابية. كما أن الأدب في مصر لا يمكن الاعتماد عليه كمصدر دخل. ولو اعتمدت عليه، يمكن أن أضطر لكتابة رواية في مدة قصيرة احتياجا للمال، دون تركيز، ودون أن أعطيها حقها، ويتحول الأمر لعبء، وهذا يؤثر بكل تأكيد على قيمة ما أكتبه. وأفضل أن تكون الكتابة هواية إلى الأبد، لأن تحويلها إلى مصدر دخل سيقلل من قيمتها بداخلي، ويجعلني أنجزها بسرعة دون حب واهتمام. 

..هل استفدت من مهنة التصوير في كتابتك للرواية؟

ــ بجانب عملي مصوراً، أنا خريج قسم تصوير سينمائي في معهد سينما، والتصوير أعطاني فكرة الاهتمام بالتفاصيل، وكيفية الاختزال، والتعبير بجملة واحدة، أو لقطة معينة عن معنى كبير. ولذلك، فعندما أريد الكتابة عن مكان معين، أذهب أولاً لأقوم بتصويره، ثم أكتب عنه، حتى أراه بشكل أفضل.

..باستثناء لقائك بالرئيس عبد الفتاح السيسي، لا تكشف عن مواقفك السياسية أبدا.. فهل يمكن أن نقرأ لك عملا يتناول أحداث الثورة؟

- الكتابة عن الثورة تستلزم مرور زمن، حتى أرى هذا المشهد من بعيد. مع بداية ثورة يناير، تخيل الجميع أن من في الميدان يد واحدة. وفي 30 يونيو، اتضح لنا أنه كانت هناك أجندات ومخططات من جوانب مختلفة. وما قاله عمر سليمان من وجود أجندات رغم السخرية من حديثه، ثبت بعد وفاته ومرور ثلاث سنوات أنه كان صحيحا، وأن هناك من نزل إلى الميدان طمعا في السلطة. إذاً، من سيكتب بتأثر لحظي سيختلط عليه الأمر. لابد أن يكون لدى الكاتب تراكم، وهدوء حتى يسيطر على ما يكتبه.

..ماهو الجديد على أجندة أحمد مراد الروائية والسينمائية؟

ــ أعمل الآن على الانتهاء من كتابة سيناريو روايتي الثانية «تراب الماس»، بحيث يمكن الانتهاء من الفيلم بشكل كامل في يناير 2016. كما أني مستمر في كتابة رواية جديدة، بدأتها منذ عام تقريباً، لكن ربما ستحتاج مزيداً من الوقت مع اهتمامي بفيلم «تراب الماس» ليقدم مفاجآت عدة  للجمهور.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©