السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أردوغان وحزبه.. فوز من رحم الهزيمة

3 نوفمبر 2015 21:56
بعد فترة أقل من نصف عام، خسر خلالها قبضته على البرلمان التركي، استعاد حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا أغلبية حاسمة أمس الأول في انتخابات خاطفة ومثيرة. وتمثل الانتخابات التي جرت انقلاباً سياسياً كبيراً للرئيس رجب طيب أردوغان، الذي يقبع على هرم السلطة في الجمهورية التركية منذ 13 عاماً، ويتطلع الآن على الأرجح إلى تعزيز أركان حكمه. وقبيل انتخابات الأحد الماضي، كانت الغالبية العظمى من مراكز استطلاع الرأي والمحللين السياسيين يتوقعون برلماناً بلا أغلبية، ومن ثم عملية تشكيل ائتلاف محفوفة بالمخاطر كان من شأنها تعقيد مخططات أردوغان الخاصة بشأن السلطة. ولكن بحلول عشية الأحد، حصل حزب أردوغان الحاكم على نحو 50 في المئة من الأصوات، ومن المتوقع أن تشكل حكومة حزب واحد مرة أخرى. وقد فاجأت هذه النتيجة كثيراً من الخبراء. وفي هذا السياق قال «بولينت علي رضا»، خبير الشؤون التركية لدى «مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية» في واشنطن: «إن هذه الانتخابات كانت بمثابة استفتاء على أردوغان، الذي غامر وفاز». وبدأت مقامرة أردوغان عندما انتقد نتيجة الانتخابات العامة في يونيو الماضي، التي خسر فيها حزب العدالة والتنمية أغلبيته البرلمانية. وقد عجز أحمد داوود أوغلو، حليف أردوغان، عن تشكيل حكومة ائتلافية، ممهداً الطريق أمام جولة جديدة من الانتخابات التي أمل أردوغان أن تفضي إلى استعادة وضع «العدالة والتنمية». ولكن في غياب حكومة مستقرة، تراجع اقتصاد البلاد الهش بدرجة أكبر، بينما تتراجع الليرة التركية في الوقت الراهن عند أدنى مستوياتها التاريخية. وقد واجهت أنقرة أيضاً ارتفاعاً في أعمال العنف خلال الصيف الماضي. وعاد دخان الحرب الأهلية التي استمرت عقوداً ضد الانفصاليين الأكراد إلى الحياة مرة أخرى، وضرب إرهابيون يُشتبه في انتمائهم إلى تنظيم «داعش» الإرهابي أهدافاً في مدن تركيا، بما في ذلك أنقرة، حيث أدى تفجير مزدوج ضد حشد يساري إلى مقتل أكثر من 100 تركي في أسوأ سلسلة هجمات إرهابية في تاريخ البلاد الحديث. ويقول منتقدو أردوغان إن جو التوتر والاستقطاب المحيط بالسياسة التركية كان نتيجة مباشرة لنموذجه الشعبوي. ولكن أردوغان يقول إن حكم حزب العدالة والتنمية منفرداً هو أفضل ضمانة لأمن تركيا ومصالحها القومية. وقد أخبر المراسلين، يوم الأحد، بعد التصويت في مدرسة بحي «كيسيكلي» بإسطنبول، بأنه قد أصبح من الواضح مدى أهمية الاستقرار لدولتنا، وعلينا جميعاً احترام نتيجة الرغبة الوطنية. وكانت الرسالة التي وجهها كثير من الناخبين هي أن الحكم ستصدره نتائج الانتخابات. واعتبر «سوات كينيكليجلو» الكاتب وعضو البرلمان السابق، أن النتيجة تظهر أن الناخبين الأتراك يهتمون بالاستقرار والاقتصاد أكثر من الحقوق وحرية التعبير والأشياء الأخرى المهمة في أية ديمقراطية طبيعية. وكان أردوغان يرغب في أن تمنح انتخابات يونيو الماضي «العدالة والتنمية» الأغلبية العظمى في البرلمان على نحو يمكنه من تعديل النظام السياسي التركي، والفوز بمزيد من الصلاحيات التنفيذية كرئيس. وخلال السنوات الأخيرة، واجه بعض خصوم أردوغان في وسائل الإعلام تخويفاً ورقابة وحتى اعتداءات جسدية. ودأبوا على اتهامه بأنه سيصبح حاكماً مستبداً، يطلق التنديد الدائم بما يتصوره مؤامرات وتهديدات أجنبية. وكان هناك شعور سائد قبل الانتخابات بأن أردوغان رئيس ضاع في متاهته الشخصية، ولكن انتهى به المآل متفوقاً على المعارضة التركية. وفي هذا السياق قالت «كارين كينار» الصحافية التلفزيونية التركية والمعلقة البارزة: «لا أتذكر كم المقالات التي قرأتها عن نهاية أردوغان، في إشارة إلى تشكك وسائل الإعلام الدولية في نجاح الرئيس التركي، وعلى رغم ذلك برهن مرة أخرى على أنه لاعب قوي في السياسة التركية». وبدوره شبه «علي رضا» أردوغان بالرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون في قدرته على التأكيد والتواصل مع الناخبين. وفي الساعات الأولى من صباح يوم الأحد، خرج رئيس الوزراء المنتصر، داوود أوغلو، إلى شرفة مقر حزب العدالة والتنمية في أنقرة أمام جمهور من المؤيدين المحتفلين، وأثنى على أردوغان، مؤسس الحزب الحاكم، ورئيس الوزراء لثلاث فترات متتالية بين عام 2003 و2014. وقال: «إن تركيا الجديدة ستبنى بقيادة الرئيس أردوغان»، فردت الجماهير «الله أكبر، الله أكبر». وكذلك أكد المحلل السياسي «سيفتين جورسيل» لقناة «سي إن إن ترك» الإخبارية أنه: «يبدو أن سياسات حزب العدالة والتنمية التي تهدد الناس بعدم الاستقرار قد آتت أكلها، ويجب أن نأخذ بعين الاعتبار أن نصف المجتمع لا يثق في الرئيس أردوغان». إيشان ثارور - إسطنبول يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©