الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جميلة الزعابي: الاتحاد فتح الباب أمام المرأة للانخراط في كل الأعمال

جميلة الزعابي: الاتحاد فتح الباب أمام المرأة للانخراط في كل الأعمال
10 نوفمبر 2011 20:42
تعلمت كيف تقف في وجه الموت، خبرت الحياة من خلال سيارة الإسعاف، أتقنت مهنتها وأعطتها من وقتها الكثير، وعلمت من حولها احترام وتقدير ما تقوم به، فكان أولادها وأهلها خير سند ودافعا لها لشق طريق النجاح، إنها جميلة الزعابي الملقبة بـ”أم الإسعاف”، وهو لقب حصلت عليه بعد مشاركتها في إطفاء حريق في دبي، دام 17 ساعة متواصلة، وقبل ذلك أسهمت في إنقاذ العديد من الأرواح. وقصة كفاحها تضيء محطات في مسيرة تأسيس الدولة عقب الاتحاد. (أبوظبي) - كانت أمنية والد جميلة الزعابي أن تكون ابنته الكبرى ممرضة، ولكن لم تتوافر لديها الرغبة في ذلك، فوجدت نفسها لا شعورياً متجهة لهذا المجال ملبية شعور والدها، وهكذا التحقت بمدرسة التمريض في القوات المسلحة، وأنهت شهادة الدبلوم العالي، ومن ثم أحست بأن هناك رغبة جامحة في داخلها تشدها لسيارة الإسعاف والعمل بها. ورحلة حياة الزعابي تجمل رحلة نشأة الدولة حيث عاصرت من خلال دراستها التطور الذي عاشته البلاد في مرحلة ما بعد الاتحاد بدءا من العمران ومرورا بالروابط الاجتماعية وصولا إلى تشكل ملامح دولة فتية على طريق التقدم. حياة بسيطة ترجع الزعابي بذاكرتها إلى مرحلة قيام الاتحاد، فتقول “عاصرت السبعينيات فكانت الحياة بسيطة تحمل كل معاني الأسرة الممتدة التي تمرر القيم والرسائل للجيل الجديد آنداك، تشعرك بالدفء والحنان، يلفها الكثير من الألفة والحميمية، وكانت البيوت بسيطة، وكان بالنسبة لنا المركز التجاري “برج الشيخ راشد آل مكتوم رحمه الله”، أطول مبنى في دبي، ومن ثم واكبت التطور العمراني وخط سيره، وها نحن في غضون 40 سنة نمتلك أطول برج في العالم “برج خليفة”. عن الطفرة العمرانية في الإمارات، تقول الزعابي “أصبحنا ننافس أكبر مدن العالم بما لدينا من طفرة عمرانية، وأصبحنا نمتلك مجموعة من الموانئ العالمية، وأطول برج في العالم، وأطول مركبة إسعاف في العالم وأجمل مبان على مستوى العالم، وكل هذا يزيدنا فخراً”. وعن العلاقات الاجتماعية وعن الترابط الذي كان يسود فترة السبعينيات بداية الاتحاد، تقول الزعابي “مجتمعاتنا كانت بسيطة ومترابطة، وما كان يقع عند الجار يساعد فيه كل الفريج، أما الآن فقد تراجع ذلك وهذا أحسبه ضريبة الطفرة العمرانية، ويرجع ذلك في نظري لشكل المنازل في السابق، بحيث كنا نعيش في بيوت شعبية متقاربة، أما الآن فأصبحنا نعيش في فلل ذات طوابق متعدده أو بنايات شاهقة، أقصد أن هناك انقطاعاً أو تشتتاً للأسرة الممتدة، ففي السابق حتى ولو تزوج الابن يبقى مع ذويه ويترعرع الأطفال أمام ناظري جديهما، أما الآن فالكل يفضل بعد الزواج الاستقلال بذاته وتكوين أسرة صغيرة مكونة من الأم والأب والأطفال فقط”، مشيرة إلى أن تراجع دور الأسرة الممتدة مؤثر جدا. وتشير الزعابي إلى أن الصعوبة كانت تكمن في جنسها، بحيث شكل خروج المرأة في بداية السبعينيات للدراسة أو العمل مخالفة للأعراف الاجتماعية. إلى ذلك، تقول “في البداية أقول إن أي أساس لأي بناء يكون صعبا، والتعميق فيه يكون الأصعب، ولكنه يكون صلباً ومتيناً ولذا كنت أنا حجر الأساس لهذه المهنة في بلدي الغالي، وكان تقبل الناس لوجود امرأة في هذا المجال هو أصعب ما واجهت، وذلك نابع من نظرة المجتمع إلى المرأة بأنها لا تقوى على الأعمال الشاقة وتغيرات المناخ ومنظر الدماء والحوادث الأليم، بينما كان هدفي إثبات العكس، وفعلا وصلت إلى مرادي والدليل على ذلك التحاق الكثير من الجنس الناعم بهذه المهنة”، لافتة إلى أن الاتحاد سهل دخول المرأة إلى كافة قطاعات الأعمال. وتضيف الزعابي “كان العكس يحدث في الأسرة، بحيث كنت أجد كل الدعم من جميع أفراد أسرتي ، كانت دائماً والدتي تحثني على المثابرة، وتقول بكلماتها البسيطة “أنت أم وأخت وبنت رجال، وقبلك كانت الصحابيات يمتهن هذه المهنة، وهي أجمل حلي ممكن أن تتزين به المرأة لأنه باب رحمة وعطاء”. التدرج المهني عن تدرجها ودراستها، تقول الزعابي “بدأت ممرضة في مستشفى عسكري ومن ثم مسعفة على متن سيارة الإسعاف والآن مديرة للإشراف الفني في مؤسسة دبي لخدمات الإسعاف، وإن دل هذا على شيء فيدل على احتواء حكومتنا الرشيدة وإعطاء الثقة لأبنائها بأنهم قادرون على تحدي المستحيل، وأنهم لم يضعوا فوارق بين الجنسين”. عن أهم موقف مؤثر في حياتها، تقول الزعابي “هي المحطة التي وقفت أمامها مذهولة ،زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي إلى بيتي المتواضع ليتوجني بلقب “أم الإسعاف”، ما يؤشر على أن حكومتنا تسلط الضوء على كل مجتهد وأنها غير غافلة عن جهودنا ولذا فتحت باب التميز على مصراعيه وباب العلم لأخذ ما يكفي لرفع شأن هذا البلد”. تضيف “هذا اللقب عزيز جدا على قلبي، حيث حصلت عليه على إثر الحريق الذي شب في المنطقة الصناعية في دبي، قبل سنتين، وتطلب منا الأمر جهوداً كبيرة ومضنية للعمل على إخماد هذه النيران، وقد داومت حينها أكثر من 17 ساعة متواصلة دون راحة لإنقاذ الأرواح”. وتوضح الزعابي “أنا أول مسعفة إماراتية، عملت كممرضة في القوات المسلحة، حيث تخرجت من مدرسة التمريض في القوات المسلحة، عملت في مستشفى زايد والمستشفى العسكري، ونظراً لظروف وفاة زوجي رحمه الله، تركت العمل في القوات المسلحة والتحقت بالشرطة، وكان ضرورياً أن أكون بقرب أولادي بعض الوقت ليسترجعوا اتزانهم بعد وفاة والدهم، وبعدها بدأت العمل من خلال سيارة الإسعاف وهنا وجدت نفسي أعشق عملي ومستعدة للتضحية من أجله، وبدأت تتحقق أحلامي بإنقاذ أرواح الناس، أمدني هذا العمل بالثقة في النفس، حيث عملت كفنية طب طارئ”. وتتابع “وبدأت الأبواب تتفتح لتحقيق حلمي الكبير بالقرب من هو محتاج لرعايتي، حيث وأنا أعمل على أرض الواقع وبشكل مباشر مع الأزمات القلبية والحالات الطارئة وبدأت أعرف مكامن القوة والضعف عندي، فوجب أن أستكمل تعليمي وبحثت في كل الاتجاهات لصقل مهاراتي الحياتية قرأت كثيرا، وكوني صاحبة القرار في عملي فكان علي أن أرفع كثيرا من التحديات بالعلم والمعرفة وبكثير من الجهد، وخاصة في هذه المهنة التي تجعل الفرد في مواجهة مع الموت يومياً والخطأ غير مسموح به أبدا، فخطأ بسيط قد يودي بحياة الناس، فصرت أعيش تحديا مع نفسي وكل حالة تصادفني تشكل بالنسبة لي مدرسة في التعلم. وفي الاحتكاك مع الميدان والحالات لا تتشابه دائما، لهذا يجب أن يكون فنيو الطب الطارئ على دراية كبيرة بعملهم، ويعملون على متابعة آخر المستجدات فيه، وقبل كل شيء الإحساس بالمسؤولية وحب ما يقومون به من عمل ويؤمنون أنهم يقدمون خدمات جليلة جداً للناس”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©