الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

روسيا والعرب تجمعهما المصالح المشتركة وتفرقهما إيران

روسيا والعرب تجمعهما المصالح المشتركة وتفرقهما إيران
3 نوفمبر 2015 00:28
حوار: لهيب عبدالخالق بعد سقوط الاتحاد السوفييتي وانهيار نظام عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية، ظن الجميع أن قوة وحيدة بقيت تتسيد العالم، هي الولايات المتحدة الأميركية، وما حصل بعد ذلك من تداعيات للاستراتيجية الأميركية، لأنها حاولت أن تدخل إلى آسيا فارتدت استراتيجياتها عليها وعلى مناطق المصالح، خرابا واشتعالات في كل منطقة، وبالذات في الشرق الأوسط. وكان لتأخر روسيا في استعادة دورها العالمي، نتائج يرى الخبراء أنها كارثية من وجهة النظر المؤيدة لروسيا، وكارثية أيضا من وجهة نظر أصدقاء الولايات المتحدة، الذين يعتقدون ان النزوع الأميركي للانفراد بالقوة والهيمنة على العالم تسبب بكوارث ولم يكن محسوب النتائج. وفي حوار مع الباحثة الروسية إيلينا سوبونينا مستشارة مدير المعهد الروسي للدراسات الاستراتيجية في موسكو، حول اللاعب الروسي الذي بدأ ولو متأخرا في استعادة دوره، وانعكاسات تلك العودة على قضايا المنطقة العربية وبخاصة منطقة الخليج العربي، والآثار المترتبة على التحالف الإيراني ــ الروسي مع سعي روسيا لاستعادة صداقتها مع العرب والخليج، ومخاوف العرب والخليج من الجار اللدود ايران، على وقع التحذيرات من بلقنة الشرق الأوسط، مقابل التلويح بنظام متعدد الأقطاب اصبح ضرورة لازمة، والتي أشارت إلى أن هناك دولا عربية بأغلبية سنية تؤيد روسيا، في مكافحتها للإرهاب ودورها في سوريا. وأوضحت أن ايران هي شريك استراتيجي لروسيا، ومصر ايضا شريك استراتيجي لروسيا، وانا لست من باب الصدفة أتكلم عن العلاقات الروسية ــ المصرية فهي قديمة. وأضافت في حوارها لـ«الاتحاد»: «لنأخذ مثلا دولة الإمارات، خلال الشهرين الأخيرين بدءا من شهر اغسطس، فقد زار صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة موسكو وسوتشي، والتقى مرتين الرئيس فلاديمير بوتين، وايضا ولي ولي العهد السعودي كان في سوتشي في نفس اليوم، وهذا يعني ان روسيا تسعى لتعزيز علاقاتها مع الدول العربية وأن الدول العربية تسعى لذلك أيضا». ورأت أن تعاون روسيا مع ايران قد يكون فرصة لتطبيع العلاقات بين ايران والعرب، متسائلة «هل ممكن الوصول الى تسوية سياسية في سوريا بدون تحسين العلاقات بين ايران والسعودية، انا اشك في ذلك، هل ممكن حل أزمة اليمن بدون التسوية السياسية ايضا اشك، مستحيل حسم هذه الأزمة بطريقة عسكرية بحتة لابد من التسوية السياسية، ولكن هل التسوية السياسية ممكنة بدون تطبيع العلاقات بين ايران والدول الخليجية والعربية». وأكدت أن روسيا تقوم بهذا الدور، وهي تسعى لذلك، لقد عملت كثيرا من أجل ان تتم بعض اللقاءات بين القادة الإيرانيين والقادة العرب، وعلى سبيل المثال اللقاء بين وزير الخارجية السعودي السابق سعود الفيصل ونظيره الإيراني العام الماضي في نيويورك بمقر الأمم المتحدة، مؤكدة أن روسيا هي التي عملت من اجل ان يتم هذا اللقاء. وبشأن نشوء محور جديد في المنطقة يضم روسيا وكوريا الشمالية وايران وسوريا والذي قد تنضم اليه الصين، وتحذيرات الناتو من خطر هذا المحور قالت سوبونينا إن وصول الناتو الى حدود روسيا خطر جدا وهو مخالف لكل الاتفاقيات التي كانت بين الناتو وروسيا بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، وأضافت «الآن هم يقولون انه لا يوجد شيء مكتوب او اتفاق مكتوب بشأن هذه الشراكة، لكنني عرفت من سياسيين روس كبار ان بوريس يلتسين الرئيس الأسبق لروسيا شخصيا حصل على بعض الوعود من قبل القادة الغربيين بأنه لن يكون هناك توسع لحلف الناتو الى حدود روسيا. وأكدت أن الناتو والغرب يحاولان ضم اوكرانيا وجورجيا وهذا تماما وصولا الى الحدود الروسية المباشرة، مما يقلق روسيا، خاصة انه مع انهيار المعسكر الاشتراكي انتهت معاهدة حلف وارشو، وهي كانت الاتفاقية المقابلة لحلف الناتو، فلنتساءل لماذا حلف الناتو مازال باقيا، من هو عدوه. وقالت ان بلادها تعتقد بأن الناتو كان ممكنا ان يتحول الى منظمة سياسية، لذا فإن بقاءه بهذا الشكل يقلق روسيا. وتحدثت عن السيناريو الكارثي والذي يؤشر اصطفاف دول الغرب ضد محور معين، فقالت إن ما نراه الآن من تطورات الأحداث السياسية هو بالفعل يشبه ما كان قبل الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية، فنحن نرى ازمات متزايدة ومشاكل متزايدة يمكن ان تؤدي بنا الى كارثة حقيقية. وما نراه الآن في الشرق الأوسط هو الكارثة، نحن نتكلم عن كارثة أكبر من ذلك، فلنتصور كيف ستكون معاناة الناس اذا تحولت الأمور الى وضع اخطر من ذلك والذي سوف يشمل ليس فقط منطقة الشرق الأوسط بل مناطق اخرى في آسيا وفي جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق وفي غيرها من مناطق العالم. وأشارت إلى أن المخطط الاستراتيجي الأميركي زبجينو بريجنيسكي قال في كتابه رقعة الشطرنج اشياء كثيرة ومنها ما هو خطير جدا، فمثلا كتب حول امكانية تحول منطقة الشرق الأوسط بمفهومها الأوسع الذي يضم تركيا وغيرها، إلى ما أسماه ببلقان آسيا، وقال انه في المستقبل غير مستبعد ان تتحول هذه المناطق بما فيها تركيا الى بلقان آسيا، ونحن نعرف كيف تفكك البلقان، وكيف كانت هناك الحروب الأهلية بين دول البلقان، بمعنى هو يطرح بلقنة الشرق الأوسط وهو امر خطير جدا، مضيفة أن الأمريكان يتحدثون عن هذا الشيء ولا يستبعدونه، وهذا يعني ونحن نتكلم عن وحدة سوريا ووحدة العراق بأنها مهددة. وأضافت أن بريجينسكي يقول في كتابه انه حتى وحدة تركيا مهددة، فإذا انتهت سوريا كدولة موحدة وانتهى العراق كدولة موحدة فهذا تهديد لتركيا الآن، وهذا يعني ان المنطقة كلها وهي الآن مشتعلة، ستزداد حرائقها اكثر من ذلك، متسائلة هل من الممكن ان نسمح للأحداث ان تتطور بهذا الشكل، نحن في روسيا نعتقد ان اي انسان عاقل سيحاول وقف هذا السيناريو الكارثي، علينا ألا نسمح لتحقيق هذا السيناريو على الأرض. وشددت على أنه «من الضروري جدا ان نتعاون، ان نفهم ان هناك مخاطر مشتركة تهدد الجميع، كما من الضروري ان نتجاوز الخلافات السياسية العابرة من اجل توحيد الجهود ضد هذه المخاطر المشتركة». وأضافت أن عالم العلوم الاجتماعية الألماني وليم بيك، قال ان العالم الحديث هو عالم المخاطر المتزايدة، علينا ان نكون مستعدين لذلك، ولكن عندما نكون في صف واحد وموحد سيكون من السهل علينا مواجهة هذه المخاطر. وبشأن المفاوضات السورية ودخول ايران مع اميركا وروسيا والسعودية، وهل هناك ما يدعو للتفاؤل قالت سوبونينيا، «نعم، هي بداية الطريق، الذي لم يكن سهلا، لكن من الجيد اننا بدأنا نمشي في هذا الطريق». وتحدثت سوبونينا عن التحولات التي تحصل في البنية الدولية والتي تعيد العالم الى القطبية مجددا، وردت على سؤال بشأن إن كان التحرك الروسي دليلا على عودة تلك القطبية، فقالت إن العالم بحاجة للأقطاب المتعددة او التعددية القطبية، وشئنا ام ابينا فإن هذا الشيء سيحصل، لأن الأقطاب تظهر بطبيعة نموها الاقتصادي، وطبيعة طموحاتها السياسية. إن دول آسيا بحاجة لأن يكون صوتها مسموعا، ودول الشرق الأوسط مهما كانت لديها اضطرابات ومشاكل الآن، هي أيضا بحاجة لأن تكون أصواتها مسموعة. وخبرة السنوات الماضية أثبتت أن الهيمنة من طرف دولة وحيدة هي في كثير من الأحوال تؤدي إلى مشاكل اكثر. وأضافت أن الهيمنة الأمريكية فشلت، وأن أول من طرح فكرة الأقطاب المتعددة هو رئيس الوزراء السابق ووزير خارجية روسيا السابق يفجيني بريماكوف، الذي كان يؤمن بأن هذا الشيء لابد منه، وقد تحققت الكثير من أفكاره. كان يتكلم حول المثلث الاستراتيجي بين الهند وروسيا والصين، وقد أصبح ذلك حقيقة وتطورت هذه العلاقة الثلاثية. وأوضحت أن مساعي روسيا في إطار «استعادة دورها القطبي» هو في إطار الإيمان بأن العالم متعدد الأقطاب يعني ايضا نشوء تحالفات جديدة، فروسيا والصين قد تتعاونان في إطار بعض المنظمات وفي إطار بعض التحالفات، مثل منظمة شنغهاي، ومنظمة بريكس رغم انها سياسية لكن اصبحت لديها الآن مؤسسات مالية، وهذا ما يقلق اميركا. وأشارت إلى أن هناك مبالغة في تقدير إمكانيات الصين، فقالت «نعم الصين مستمرة في نموها الاقتصادي ولكن لا تبالغوا في امكانياتها».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©