الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«داعش» والأمراض الاستوائية

1 نوفمبر 2015 23:04
ينصب الاهتمام العالمي حالياً على تحسين الأنظمة الصحية في غرب أفريقيا بعد تفشي وباء إيبولا، لكن موجة جديدة من الأمراض الاستوائية المعدية تهدد جنوب أوروبا وشمال أفريقيا والشرق الأوسط. والظهور غير المسبوق للأمراض الاستوائية في جنوب أوروبا خلال السنوات القليلة الماضية موثق جيداً. فقد ظهرت حمى الضنك في جزر ماديرا قبالة سواحل البرتغال عام 2012، وظهر مرض شيكونجونيا في إسبانيا هذا العام. وعادت المالاريا إلى اليونان بعد التخلص منها في ستينيات القرن الماضي، ورسخ فيروس غرب النيل قدمه في أنحاء جنوب أوروبا. وعدوى هذه الأمراض ينقلها البعوض الموجود حالياً في المنطقة. والبلهارسيا التي تنتقل عبر قواقع المياه العذبة، ظهرت لأول مرة في جزيرة كورسيكا، وظهرت الدودة الكبدية المسببة لسرطان القناة الصفراوية في إيطاليا. ومازلنا نحقق في أسباب تحول جنوب أوروبا إلى «منطقة ساخنة» للأمراض الاستوائية. ومن الأسباب المحتملة، التراجع الاقتصادي في اليونان وإيطاليا وإسبانيا، والذي قد يكون أدى إلى إبطاء الجهود القومية للرعاية الصحية العامة. ومن الأسباب المحتملة أيضاً ارتفاع درجة حرارة الكوكب، وهو ما قد يخلق ظروفاً مناسبة لسقوط الأمطار تناسب الحشرات وحاملات الأمراض الأخرى التي تظهر في المناخ الاستوائي. لكن يتعين الأخذ في الاعتبار أيضاً الصراعات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. فقد ظهر فيروس إيبولا في غينيا وسيراليون وليبيريا، ويرجع هذا في جانب منه إلى أن الأنظمة الصحية في هذه الدول ضعيفة بسبب سنوات من الصراع وهجرة البشر. ونفس هذه الأسباب متوافرة حالياً في المناطق التي تحتلها «داعش» والجماعات المتشددة في سوريا والعراق وليبيا واليمن. إننا نشهد بالفعل عواقب الاحتلال طويل الأمد لـ«داعش» وما ينشأ عن ذلك من توقف إجراءات الرعاية الصحية العامة في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الإرهابية. وهذا يتضمن عودة ظهور أمراض يمكن الوقاية منها باللقاحات مثل شلل الأطفال والحصبة، كما يتسبب في زيادة أمراض الليشمانيات التي تعرف في سوريا باسم «لعنة حلب» بسبب قدرتها على تشويه وجوه الشباب. والليشمانيات هي أمراض طفيلية ينقلها الذباب الرملي في المناطق الصحراوية. وحمى الضنك تنتشر حالياً في الشرق الأوسط وأنحاء من شمال أفريقيا، بينما يظهر فيروس كورونا للشرق الأوسط من حين إلى آخر في شبه جزيرة العرب.. وهذه الأمراض تمثل تهديدات إضافية لجنوب أوروبا. وليس من الواضح بعد مدى تأثير هجرة البشر من مناطق البحر المتوسط والشرق الأوسط في ظهور الموجة الجديدة من الأمراض الاستوائية. لكن من الواضح أن حزاماً كبيراً من الأراضي يمتد من إسبانيا والمغرب غرباً إلى آسيا الوسطى وإيران وشبه جزيرة العرب شرقاً، قد يصبح مصدراً للأوبئة التي تعرض العالم للخطر. ويتعين التصرف بسرعة للرد على هذا التهديد. وتتضمن الإجراءات الأساسية اللازمة عملية فحص موسعة لأمراض استوائية معينة والقيام بدراسات لفهم كيفية انتقال هذه الأمراض بشكل أفضل وموطن نشأتها. واستهدفت قائمة أولويات عالمية للأمن الصحي دُشنت العام الماضي، ودعمتها مجموعة الدول الصناعية السبع، معالجة بعض هذه القضايا الملحة. ويتعين، ما استطعنا لهذا سبيلا، تعزيز جاهزية إجراءات الصحة العامة على جانبي البحر المتوسط. وأخيراً نحتاج إلى تدشين تدخلات طبية جديدة، وخاصة اللقاحات، استعداداً لهذه الأمراض. ومن الدروس المستفادة أنه لا يمكننا الاعتماد على شركات العقاقير الكبيرة في إنتاجها، لأن لقاحات الأمراض الاستوائية ليست مربحة مالياً. بل يتعين أن تدخل شراكة غير هادفة للربح لتطوير المنتج، مثل معهد سابين للقاح أو مركز تطوير اللقاح في مستشفى تكساس للأطفال.. يتعين أن تدخل هذا المجال للقيام للقيام بما يلزم، بما في ذلك بناء قدرة موازية لتطوير البنية الأساسية للقاحات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ونحتاج أيضاً إلى آليات تمويل مبتكرة لتطوير هذه المنتجات في الوقت المناسب وتقديمها بكلفة منخفضة للسكان المعرضين لهذه الأمراض الذين يعيشون في أحدث المناطق الساخنة هذه. العالم غط في سبات بينما استبد إيبولا بغرب أفريقيا. وعلينا ألا نرتكب نفس الأخطاء في الشرق الأوسط ومنطقة البحر المتوسط. بيتر هوتيز* *رئيس معهد سابين للقاح ومركز تطوير اللقاح في مستشفى تكساس للأطفال ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©