الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فلسفة العودة إلى المستقبل

فلسفة العودة إلى المستقبل
15 مارس 2007 01:08
يعرض أحد مستشرفي التطور التكنولوجي المعاصرين صورة رائعة للأشكال التي ستؤول إليها سيارات العقد الثاني أو الثالث وما بعدهما من القرن الحادي والعشرين؛ حيث يتنبأ بأن تتحول إلى ما يشبه القطع الفنية التشكيلية التي نراها في المتاحف؛ ويتوقع أيضاً من خلال هذه الرؤية أن تصبح أكثر السيارات التي نراها الآن جمالاً مجرد تركيبة غريبة تدعو إلى الهزء والسخرية إذا ما قورنت بتلك التي ستظهر قريباً· ويفضّل الكثير من نقّاد فنون التصميم الذين عاينوا الطلائع الأولى التي بدأت بالظهور من تلك السيارات، أن يصفوها بأنها تدشّن مرحلة (العودة إلى المستقبل) بعد أن استعاروا هذه العبارة من اسم ثلاثية قصصية شهيرة في أدب الخيال العلمي كتبها في عام 1985 روبرت زيميكيس وبوب جيل لتتحول منذ ذلك الوقت إلى فيلم سينيمائي شهير حصد بضع مئات الملايين من الدولارات من شبابيك التذاكر· ولقد يكون من المهم في هذا المجال فكّ عقدة التناقض الكامن في هذا التعبير، لأن من البديهي أن يعود الإنسان إلى الماضي لا إلى المستقبل؛ ويفسّر هؤلاء هذه العبارة بطريقة فلسفية تعبر بصدق عن أهم توجّه في فن تصميم سيارات المستقبل، لأنها ستستعير الكثير من الملامح التشكيلية الراقية للسيارات الكلاسيكية القديمة، إلا أنها ستفوز أيضاً بأكثر التكنولوجيا المستقبلية تقدماً· وبهذا يمكن القول أن هذه الفلسفة لا تعني أكثر من مجرد التعبير عن فكرة الجمع بين الماضي والمستقبل في تشكيلات تصميمية جديدة تنطوي على الكثير من عناصر التجديد والإبداع· وقديماً، كانت كلمة (مستقبل) توحي بالانتظار عشرات السنين حتى يحل عصر ما أو تظهر آلة ما؛ أما الآن فلقد تعرّض هذا المفهوم لنوع من القوة الضاغطة حتى بدأ الناس يفهمون منه أنه لا يعني أكثر من الانتظار لبضع سنين وربما عدة أشهر· ومما يؤكد ذلك أن بعض سيارات المستقبل بدأت تظهر بالفعل في المعارض العالمية، ومنها مثلاً السيارة ذات الاسم الغريب (رينسبيد إكسيزيس) التي تعرض الآن في معرض جنيف الدولي للسيارات· رينسبيد ·· السيارة العجيبة يمكن للمرء أن يستخلص من خلال النظرة الأولى لـ(رينسبيد إكسيزيس) أنها لا تنتمي إلى أجيال السيارات التي نراها الآن، بل إنها تمكنت من الجمع بين أناقة السيارات الكلاسيكية والتقنيات الرفيعة لسيارات المستقبل· وتبدو فيها بوضوح الكثير من التراكيب والابتكارات الهندسية الجديدة مثل الهيكل المصنوع من نوع من البلاستيك الشفّاف والمقصورة ذات الشكل الأنبوبي الشبيه بنفق ركاب الطائرة الذي يضم المقاعد· ويتضح من هذا التركيب المتطور أن الكثير من أجزاء هياكل السيارات المعدنية الثقيلة التي نستخدمها اليوم لن تكون ضرورية بعد الآن، ولا بد أن يتم الاستغناء عنها في المستقبل بعد أن اتضح أنها لا تشكل أكثر من عبء مادي على الشركة الصانعة وتزيد من وزن السيارة من دون طائل، مما يزيد استهلاك السيارات من الوقود· ثم إن هذه الثورة المنتظرة في تصميم السيارات سوف تؤدي إلى ابتداع سيارات أقل تلويثاً للبيئة بسبب خفتها ومرونتها وتطور محركاتها وأجهزة معالجة عادم الاحتراق· وعندما يتحدث خبير السيارات ستيف سيلير المتخصص باستشراف ما يطرأ عليها من تطورات، عن (رينسبيد إكسيزيس)، فإنه يفضل استخدام التعابير التي تحمل الكثير من معاني المبالغة؛ فهو يصفها بأنها نموذج حي عن سيارات المستقبل التي يمكنها أن تفعل كل شيء، فهي قادرة حتى على الطيران والإبحار على السطوح المائية واختراق أوعر الطرق وهي تلبس حلّتها الأنيقة التي تبدو فيها وكأنها مقتطعة من أحد أفلام الخيال العلمي· وإذا كان من العسير علينا أن نفهم ما إذا كان سيلير يعني بقدرة (رينسبيد إكسيزيس) على الطيران أنها قادرة بالفعل على التحليق فوق الأرض، أم أنه استخدم هذا التعبير المجازي لمجرد الإيحاء بما تنطوي عليه من مرونة؛ إلا أننا نستطيع على أقل تقدير أن نفهم أن هناك تغيرات هائلة في انتظار صناعة السيارات في المستقبل القريب· ويقول سيلير إن معظم سيارات المستقبل سوف تصنع من أخف المواد المعروفة على سطح الأرض وخاصة منها البلاستيك الشفاف الذي يمكن أن يرى المرء من خلاله كافة الأجهزة الميكانيكية للسيارة، بالإضافة إلى المقاعد وواجهة القيادة والركاب أيضاً؛ ولهذا فلن يكون بوسع بريتني سبيرس أو باريس هيلتون الاختفاء عن أعين المعجبين بهما عندما سيستقلان واحـــدة من هذه السيارات· وقد لا يرى الناظر المتمعّن بـ(رينسبيد إكسيزيس) أن تصميمها مبني على أساس التوفير الشديد في استهلاك الوقود إلا عندما يعلم أن وزنها أقل من نصف وزن أية سيارة من التي نعرفها الآن، والتي تنتمي إلى الفئة ذاتها· وهي تتسع لراكبين فقط لأن الإحصائيات تدل على أن 25 بالمئة من مقاعد السيارات المتحركة في العالم تكون مشغولة بالركاب، مما يقتضي توفير هذه المقاعد الزائدة التي لا لزوم لها· ويدفع (رينسبيد إكسيزيس) محرك متطور مصمم بشكل خاص لحرق الإيثانول وتحرير الطاقة 150 حصاناً من الطاقة الميكانيكية التي تنساب عبر ناقل حركة مرن إلى العجلتين الخلفيتين· ولما كان وزن السيارة لا يزيد عن 750 كيلوجراماً، فهذا يعني أن الاستطاعة الوزنية للمحرك التي تساوي النسبة بين استطاعة المحرك ووزن السيارة تبلغ 200 حصان للطن، مما يجعلها من أكثر السيارات قدرة على التسارع والانطلاق· ويمكن للمرء أن يستخلص من هذه المواصفات أن عهد السيارات الثقيلة التي تتصف بالغباء الشديد يؤذن الآن بالرحيل ليفسح المجال أمام سيارات المستقبل الخفيفة واللعوب والذكية والتي تبدو وكأنها دمى كبيرة قادرة على فعل كل شيء· كمبيوتر فوق العجلات وعند الحديث عن سيارات المستقبل، لا يجوز التوقف عند الشكل وإغفال الحديث عن المضمون· فسيارات المستقبل التي ينتظر ظهورها فوق الطرق، هي (كائنات ذكية) بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى· وقبل الحديث عن مستويات الذكاء هذه، لا بد من الإشارة أيضاً إلى أن أحدث سيارة من طراز (أكورا تي إل) تتضمن جهاز عرض فيديو وكمبيوتر ونظام اتصالات فوري يعمل بتقنية تمييز الأوامر المنطوقة وتخبرك بمضمون بريدك الإلكتروني· ولم يعد من الجائز القول إن هذه هي واحدة من سيارات المستقبل طالما أنها أصبحت معروضة بالفعل في الأسواق· وينقل ماي وونج محرر السيارات في وكالة أسوشييتدبرس من معرض للسيارات الذكية نظم مؤخراً بمدينة سان خوزيه بولاية كاليفورنيا وعرضت فيه (أكورا تي إل) إشارته إلى أن من يستقل هذه السيارة لن يتذكر أبداً خصائصها الميكانيكية المتفوقة، والتي تتمثل بمحرك قوي تبلغ سعته 3,5 لتر ويمكنه تحرير 286 حصاناً من الطاقة الميكانيكية، لأن ما شحنت به من وظائف جديدة أكثر إثارة للحواس· ويعبر عالم شاب يدعى آرون بريست يبلغ من العمر 23 عاماً فقط ويعمل في معهد سكريبس للبحوث في مدينة سان خوزيه بولاية كاليوفورنيا عن هذه التطورات بعبارات بليغة، حيث يقول: (إن التكنولوجيا وحدها هي القادرة على تقديم كل ما يبحث عنه البشر من خدمات؛ ونحن نلاحظ كيف أن الناس ما عادوا يهتمون بما يوجد تحت غطاء المحرك بقدر ما يهتمون بما يوجد داخل السيارة ذاتها)· ويمكننا اليوم أن نرى في السيارات النادرة التي يمتلكها بعض الأثرياء مداخل الإنترنت اللاسلكية إلى البورصات العالمية للوقوف على أسعار الأسهم والأوراق المالية· وهذه ليست إلا إحدى المؤشرات الأولى لاقتراب عصر (السيارات التفاعلية) التي ترتبط أشد الارتباط بمحيطها الاجتماعي والتجاري، حتى عندما تكون منطلقة بسرعة 200 كيلومتر في الساعة· ويرى البعض أن هذه ليست إلا خطوة أولى نحو عصر تتخاطب فيه السيارات فيما بينها من أجل توفير حوادث الاصطدام· ويتحدث تقرير وونج أيضاً عن تطور لوحة القيادة الإلكترونية التي تدعى (تيليماتيكس)، فيشير إلى أنها شهدت مؤخراً تطوراً مدهشاً، بحيث باتت تقدم باقة شديدة التنوع من الخدمات المهمة التي تتعلق بتقديم المعلومات المفصلة عن الرحلة ووضعية أجهزة السيارة كلها· وبدأت بعض شركات صناعة السيارات بإضافة المزيد من الخدمات الجديدة إلى السيارات بما فيها حاملات الأكواب التي تتضمن جهازاً لغلي القهوة أو تسخين وتبريد المشروبات، وأنظمة الإرشاد والتوجيه الناطقة· ومن أغرب هذه الأنظمة الجديدة ذلك الذي يأمر السيارة بفتح الأبواب عندما يقترب منها صاحبها لمسافة ثلاثة أقدام (متر واحد)·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©