الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مغادرة أفغانستان.. ممكنة الآن!

30 أكتوبر 2015 21:35
أعلن وزير الدفاع الأميركي «آشتون كارتر» الأسبوع الماضي أن «رواية أننا بصدد مغادرة أفغانستان تعد هزيمة للذات». وأضاف مبرراً التغيير الأخير في نهج الولايات المتحدة تجاه أفغانستان: «إننا لا نفعل ذلك، ولا نستطيع أن نفعله. إننا نواصل النجاح الذي حققناه حتى الآن». ولننحِّ جانباً إشارة وزير الدفاع المشكوك فيها إلى «النجاح» الذي حققته الولايات المتحدة في أفغانستان منذ أن تدخلنا هناك قبل 14 عاماً. إن السؤال الحقيقي هو ما الذي يعنيه كارتر بقول إن الولايات المتحدة «لا تستطيع» المغادرة؟ إن الولايات المتحدة قوة عظمى، وتزهو بنفسها على وجه الخصوص لتفوقها المفترض في المجال العسكري. والقوة تمكن أية دولة من التصرف أو الإحجام عن التصرف وفقاً لما تتطلبه مصالحها وقيمها. وكما ذكر المؤرخ الإغريقي «ثيوكيديس» فإن «الأقوياء يفعلون ما بوسعهم، والضعفاء يتجرعون المعاناة». وباختصار، فإن القوة تمنح، أو ينبغي أن تمنح، هوامش أوسع وخيارات أكثر للتصرف. ولذا فإن على الأميركيين أن يتساءلوا: كيف تتصرف الولايات المتحدة اليوم في غياب الاختيار، كما يعترف كارتر في تصريحاته الكاشفة.. لماذا «لا يمكننا» المغادرة؟ والإجابة على هذا السؤال تتطلب تقدير الورطة التي تجد الولايات المتحدة نفسها فيها، ليس فقط في أفغانستان، بل أيضاً في العراق، حيث تستأنف رحى الحرب الدوران، وقد قيل يوماً ما إنها قد انتهت. وفي كلا البلديـن، مُنيت السياســـة العســـكرية الأمــيركية بفشل عميق. وبعد الإطاحة بالنظام القائم، حاولت القوات الأميركية في كل من البلدين استعادة الاستقرار، مع التعهد بأن تخلق نظاماً جديداً مزدهراً وديمقراطياً. ولكن في أفغانستان والعراق على حد السواء، على رغم النفقات الهائلة والتضحيات الكبيرة، لم تؤتِ الجهود ثمارها، بل إنها اســــتنفدت رغبــة الشـــعب الأميـــركي في بذل المزيد مـــن الجهد هناك. وعلى رغم ذلك، وحتى اليوم، فالقلة في واشنطن هم الذين يعترفون بحجم وتداعيات هذين الإخفاقين. وحقيقة أن مسؤولين بارزين من كلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري، فضلاً عن عدد من كبار المسؤولين العسكريين، يتقاسمون المسؤولية عن سوء التقدير والحسابات الخاطئة التي حدثت طوال الوقت، هذه الحقيقة تساعد على الحفاظ نوعاً ما على جو عام من الإنكار الجماعي. كما أن أعضاء مؤسسة الأمن القومي التي ينتمي إليها كارتر لديهم مصلحة مشتركة في تحويل الانتباه عن مدى اضطراب أدائهم. ولذلك فإن قرار الاحتفاظ ب9800 جندي أميركي في أفغانستان، بعد الموعد النهائي الذي سبق أن أعلنته إدارة أوباما للانسحاب، يمكن أن يوصف بأنه تحول جدير بالملاحظة في السياسة أقل من كونه محاولة لإخفاء الغياب التام لأي سياسة جديرة بهذا الاسم. ثم، هل فكر أحد بجدية أن ما وصفه الرئيس أوباما بأنه «تمديد متواضع ولكنه ذو مغزى لوجودنا» سينهي الأعمال العدائية في أفغانستان نهاية مواتية، عندما لا تستطيع سنوات من الجهود من قبل قوة أكبر بكثير تحقيق هذا الهدف؟ إن ما لدينا هنا هو لفتة تهدف للتعبير عن مظهر العزيمة لمؤسسة طوت الأيام غرضها الفعلي. وبعد أن ورث عن سلفه حربين بدأتا في عامي 2001 و2003، على التوالي، ها هو أوباما بصدد توريث هاتين الحربين للشخص الذي سيخلفه اعتباراً من عام 2017. ويتعين على الأميركيين التفكير في الآثار المترتبة على هذه الحقيقة المزعجة. إن الصراعات التي لا تنتهي في أفغانستان والعراق تشكل حكماً على فن الحكم الأميركي، الذي يتفاقم إخفاقه بفعل الفوضى التي تخيم الآن على مساحات شاسعة من العالم الإسلامي. وهذه هي العواقب التي تنجم عن سوء فهم القوة وسوء استخدام الأداة العسكرية التي كانت تعتبر يوماً ما أنه لا يمكن وقفها. ومن خلال الاعتراف بفشل الجهود العسكرية الأميركية منذ 11/9، من الممكن استعادة الخيار الحقيقي. وهناك بدائل للحرب مفتوحة النهاية التي تدور رحاها في النصف الآخر من الكرة الأرضية. وبعكس إصرار كارتر، بإمكان الولايات المتحدة مغادرة أفغانستان. إن حماية الأميركيين من التهديد المتواضع نسبياً الذي تشكله «طالبان» أو «القاعدة» أو «داعش» لا تتطلب تمركزاً دائماً للقوات الأميركية في الشرق الأوسط الكبير، ولاسيما أن ثمة من يزعم أن وجود القوات الأميركية هناك يســـاهم في الإثارة أكثر مما يساهم في التهدئة. *أندرو باسيفيتش * كاتب ومحلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «تريبيون نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©