الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«تشاؤل»

21 فبراير 2010 20:35
حكاية نصف الكوب حكاية جدلية، يراه البعض مملوءاً فيقال إنه متفائل، ويراه آخر فارغاً فيتهم بأنَّه متشائم، وهناك من رآه نصف مملوء، ونصف فارغ، ويقال إنه واقعي، تصورات لا تنتهي ترتبط بكوب من الزجاج صب فيه أحدهم ماء ليتفلسف علينا، هل كنت متفائلة حين اخترت اسم عمودي الجديد ربما، وربما لم أكن، وعلى الأرجح سيعتقد الساخرون أني كنت عطشانة، وهذا وارد أيضاً، خاصة وأني من أنصار شرب 8 أكواب ماء يومياً. في الحقيقة أردت أن أخرج من «حالة المزاج»، وهو الاسم القديم لعمودي لشيء ملموس أكثر، لنظرتي المتأرجحة ما بين الواقع والخيال فكان «نصف كوب» اختياراً أفضل ليحوي آرائي المتحركة «بتشاؤل» مابين التفاؤل والتشاؤم. أشعر أنهم يخدعوننا بحكاية نصف الكوب هذه، فمن قال إن الناظر إلى فراغ نصف كوبه متشائم أساساً، ربما يكون هو المتفائل لا صاحب النصف المملوء، في الواقع أن تنظر إلى نصف كوبك الفارغ، وأنت تدرك بأن ما لديك مجرد «نصف»، ما تستحق يعني أنك تملك الطموح والحماس لإكمال الكوب، يجب ألا ترتوي بنصف كوب من حقك، وعليك إذن أن تشحذ الهمة والطموح كي تملأ كوبك بأكمله. بينما من يرضى بنصف الكوب من حقه، ويعتقد بأنه امتلأ فهذا انسان لا يملك الطموح الكافي، ولا حتى الاستعداد للحصول على الأفضل، ما رأيكم الآن هل انقلبت حكاية نصف الكوب؟ أما يكفي هذا لإثبات أنها صارت جدلية كالبيضة والدجاجة أيهما جاء أولاً؟ هذه الخيارات والآراء الكثيرة في حكاية من كلمتين (نصف كوب) هي ما جعلتني أعتقد بأن النظرة للحياة لا تكتفي بنصف مملوء ولا ترضى بنصف فارغ، هناك دائماً مساحة من الطموح والجد في داخلنا يجب أن تملأ بالمعرفة والحرص، وفي عيوننا مساحة مماثلة يجب أن لا تغض الطرف أن فراغ العيوب التي نراها من حولنا، ولا ترضى بالإمتلاء الكاذب من الإيجابيات البسيطة. كم مرة رضينا بأقل مما نستحق ونحن ساخطون (هذه ليست قناعة فالقناعة محتومة بالرضا) لقد كنا وقتها ضحية نصف الكوب المملوء، وربما نحن الآن ( بغضبنا على ما حصل ) ضحية النصف الفارغ! ياله من نصف موجود مفقود يتأرجح بتأرجح أفكارنا ومشاعرنا، ينقلنا من خانة البهجة لخانة الغضب وما بينهما فرق كبير، هذا الكوب الذي أوهمنا علماء التفكير بقصته هو الذي يؤرقنا الآن، هل كوبك نصف كوبك مملوء عزيزي القارئ أم أنه فارغ؟ لا تفكر كثيراً، عليك أن لا ترضخ لمسألة النصف، ابحث عن الكمال، كن طموحاً وتأكد من أنك تستحق أكثر من ما لديك، وإن كنت مستعجلا.. اكسر الكوب.. واشرب مباشرة من الزجاجة!
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©