الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المطروشي: أيادي زايد البيضاء امتدت إلى الإمارات قبل قيام الاتحاد

المطروشي: أيادي زايد البيضاء امتدت إلى الإمارات قبل قيام الاتحاد
6 نوفمبر 2011 01:04
يعد الباحث علي المطروشي، مدير إدارة المتاحف بإدارة الشؤون الثقافية بدائرة الثقافة والإعلام بعجمان، أحد أبرز الوجوه الثقافية الفاعلة في الساحة المحلية التي لعبت دورا بارزا في حفظ الموروث الإماراتي والإسهام في حفظه من الاندثار والضياع، وخاصة فيما يتعلق بالموروث الشفهي والذاكرة الشعبية التي تختزن الكثير من عبق تفاصيل الموروث الإماراتي المحلي، وعلى وجه الخصوص في فترة ما قبل الطفرة النفطية، وما أعقب فترة قيام اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة. (عجمان) - ولد الباحث علي المطروشي قبل قيام الاتحاد، ويقول أتذكر حتى اليوم طفولتي، حيث أبصرت النور في منتصف الستينيات في عجمان، وكان بيت الأهل يقع في «الفريج الشرقي» بعجمان على ساحل البحر قبالة الخور، وكان البيت قريبا آنذاك أيضا من مسجد «ابن جابر»، وكنت حينها وحيد أبوي حيث كان الوالد يعمل في صناعة «قراقير» الصيد بعد أن أمضى قسما كبيرا من حياته يعمل غواصا في مهنة صيد اللؤلؤ وهي السلعة النفيسة في الماضي، ثم قام والدي بعدها بفتح محل لأدوات الصيد ومعدات صيانة السفن عام 1976، وكان يبيع أيضا التمور والهون والدب و«العومة» (السردين الصغير)». ملامح عقد السبعينيات حول بداية تعليمه، يقول المطروشي «في صغري درست في مدرسة المطوعة لتعلم القرآن وكانت تدعى شيخانة بنت تريس القمزي، وبقيت عندها سنة واحدة، ثم نقلني أهلي إلى مدرس آخر هو «خلفان المطوع» ووالدته نافجة بنت عبيد، وكان خلفان هذا كفيفا وإماما للمسجد، وبقيت أدرس عنده سنتين ثم انتقلت إلى مدرسة المرحومة مريم بنت جمعة بن عيادة، وكانت أرملة تتكسب من تعليم القرآن حيث لم تكن هناك هيئة شؤون اجتماعية تدعم الناس أو كبار السن في ذلك الوقت، وقد كانت تلك الكتاتيب مفتوحة رغم التعليم منذ عام 1958 في عجمان، حيث بقيت مدارس القرآن قائمة حتى أوائل السبعينيات حيث انتهت الكتاتيب إما بموت المطاوعة أو اعتزالهم تدريس القرآن بسبب تعب الشيخوخة». ويواصل المطروشي حديثه عن التعليم آنذاك فيقول «وبعدها ختمت القرآن من «مدرسة مري»، وأنا في الصف الرابع الابتدائي، حيث كنت أدرس عندها القرآن بعد الظهر، وأذكر أن والدي رحمه الله أقام مأدبة على شرف ختمي للقرآن الكريم، وبعد تلك المرحلة نقلنا نحن الطلبة الذين تخرجنا من الرابع الابتدائي إلى «المعهد العلمي الإسلامي» بعجمان في العام الدراسي 1975، وبقيت في المعهد حتى أنهيت الصف الثالث الإعدادي، حيث كانت توجد ثلاثة معاهد في الدولة آنذاك، ثم عدت إلى مدرستي السابقة «الراشدية» لاستكمال دراستي الثانوية حتى تخرجت منها عام 1985». وعن ملامح الحياة في عقد السبعينيات، يقول المطروشي «كانت توجد هنالك الكثير من ملامح الحياة التقليدية البسيطة التي كانت سائدة قبل قيام الاتحاد حيث كانت لا تزال تضم دولة الإمارات العربية حينها أربع بيئات، وكان لكل منها طابعها المميز، وهي البيئة البحرية والبيئة الصحراوية والبيئة الجبلية وبيئة الواحات الزراعية، ولكل منها نشاطها الاقتصادي المميز، فمدن الإمارات تعتبر مدنا بحرية نشأت على ساحل البحر بسبب ارتباط النشاط الاقتصادي بالبحر عبر صيد الأسماك واستخراج اللؤلؤ واستخراج حجارة البحر المرجانية لأغراض البناء، إضافة إلى كونه مجالا للسفر البحري على ظهور السفن نحو البلدان الأخرى، وقد اشتغل بالتجارة الداخلية أهل البيئات الثلاث غير البحرية وهم أهل الزراعة والصحراء والجبال، الذين كانوا يأتون إلى المدن الساحلية التي كانت تعرف بعواصم الإمارات السبع من أجل التسوق قبل قيام الاتحاد، حيث كانت تتوفر في المدن البضائع التي يحتاجون إليها كالملابس والسلاح والأثاث والأدوات الحديدية والمواد الغذائية المستوردة من خارج البلاد». النهضة العمرانية يقول المطروشي «تلك المظاهر أخذت في التغير شيئا فشيئا مع قيام الاتحاد، وقد كان التغير تدريجيا لأن العادات والتقاليد والممارسات العامة لا يمكن أن تختفي بين ليلة وضحاها، وكان يتمثل ذلك في الإصرار على اللجوء إلى العلاج الشعبي رغم إنشاء المستشفيات، والبقاء على التعليم في «الكتاتيب» رغم إنشاء المدارس، ولم تبدأ هذه الأمور بالتغير تدريجيا إلا عندما ازدادت واتسعت شريحة المواطنين المتعلمين وخريجي المدارس الحكومية، وصولا إلى افتتاح جامعة الإمارات العربية عام 1977، كما تغيرت التركيبة السكانية أيضا في عقد السبعينيات بسبب كثرة أعداد العمالة الوافدة من مختلف الأقطار، نظرا لوجود فرص عمل كبيرة ناتجة عن بداية النهضة العمرانية التي رافقت قيام الاتحاد حيث لم تكن أعداد المواطنين كافية للاضطلاع بعمل وتنفيذ المشروعات الجديدة، كما لم تكن هناك أعداد كافية من الخبرات والكوادر المواطنة المتعلمة تعليما عاليا، كون البلاد ما تزال آنذاك حديثة العهد بالتعليم النظامي، ولما كان المتعلمون تعليما عاليا يعدون على الأصابع، لم يكن هناك مفر من استقدام العمالة والخبرات من خارج البلاد في مختلف المجالات كالطب والهندسة والتعليم». ويضيف المطروشي «بعد قيام الاتحاد أصبحت عملية التواصل ما بين أبناء دولة الإمارات والشعوب الأخرى أكثر سهولة عبر توفر وسائل المواصلات الحديثة من ناحية، وانتشار وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية من ناحية أخرى، فسعى الإماراتيون للأخذ بأسباب الحياة الحديثة، وكان لا بد من النهل من تجارب الشعوب الأخرى وأخذ أفضل ما عندها، وقد كان لهذا التواصل أثره الكبير على المواطنين الإماراتيين عبر اتساع آفاقهم وثقافتهم وطموحاتهم». ويصل المطروشي للحديث عن المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله، باني نهضة الإمارات الحديثة، فيؤكد «كان الشيخ زايد رحمه الله حاكما واسع الأفق، فقد اتسم ببعد النظر والانفتاح على العالم مدفوعا بطموح التطوير والتغيير، بدءا من إمارة أبوظبي التي تولى حكمها عام 1966، ثم قيادته دولة الإمارات بعد توليه رئاسة اتحادها في 2 ديسمبر 1971، وقد كان للشيخ زايد أياديه البيضاء على بقية إمارات الدولة حتى قبل قيام الاتحاد، حيث قام بتقديم مساعدات ومشاريع إسكانية، حيث بنى البيوت الشعبية في الإمارات وأنشأ المعهد الديني في عجمان عام 1968، وكان يعطي رواتب سنوية لمواطني الإمارات كان يطلق عليها اسم «الشرهة»، حتى اتسعت الشريحة المستفيدة من هذه الرواتب لتشمل جميع من لا يعمل في وظيفة حكومية، وذلك بعد قيام الاتحاد من خلال تأسيس وزارة الشؤون الاجتماعية التي نظمت العمل بقانون الضمان الاجتماعي الذي شمل الرجال والنساء في مختلف أنحاء الدولة». نقلة نوعية عن فترة الثمانينيات في دولة الإمارات، يقول المطروشي «شهدت دولة الإمارات في عقد الثمانينيات نقلة نوعية، حيث احتفلت جامعة الإمارات بتخريج أول دفعة من الخريجين الإماراتيين الذين بدأت تكثر أعدادهم، إلى جانب عودة المواطنين المبتعثين للدراسة في الخارج بعد تخرجهم من جامعات مصر ولبنان ومختلف جامعات العالم، حيث أسهم هؤلاء الخريجون في بناء صرح نهضة الإمارات الحديثة في مختلف شؤونها وجوانبها، ثم تطور التعليم صعودا شأنه شأن جميع ميادين وجوانب الحياة في دولة الإمارات، فنتج عن ذلك شعب ومجتمع مثقف وواع ومحب ومتسامح مع الشعوب الأخرى، وكلما مرت السنوات ترسخت نتائج الأسس المتينة التي قام عليها الاتحاد، أما الحركة الصناعية فبدأت نهضتها مع بدايات الاتحاد من خلال تكوين البنية التحتية وتأسيس الوزارات التي نظمت العمل في هذه القطاعات، حيث كانت تعمل الإمارات على عدم الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل في الدولة، فاتجهت لتنمية القطاع الزراعي والصناعي والثروة السمكية والحيوانية والاستثمارات الخارجية وصولا إلى تطوير مجال السوق العقاري والمجال السياحي». ويضيف «تميزت دولة الإمارات بسعي قيادتها الحثيث لإفادة المواطنين ونشر الخير والرفاهية والسعادة، من خلال توفير الحياة الكريمة لكل مواطن من خلال الخدمات المتميزة المختلفة، وبذلك أصبح المواطن والشعب الإماراتي اليوم من بين قائمة الشعوب الأعلى دخلا بين سائر شعوب العالم من حيث مستوى دخل الفرد ونمط الحياة الحديثة التي يعيشها دون أن يتنكر لجذوره أو يبتعد عنها، وقد كان الشيخ زايد رحمه الله يقول «إن الأمة التي لا ماضي لها، لا حاضر لها ولا مستقبل»، ولهذا فإننا نجد اليوم أن التراث الشعبي الإماراتي يشكل اليوم ركيزة من ركائز هويتنا الوطنية في دولة الإمارات التي يجب علينا الاعتزاز بها وإيصالها إلى الأجيال القادمة، مع الأخذ بعين الاعتبار ضرورة مسألة الجمع ما بين التراث والمعاصرة، وصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، يسير على خطى ونهج والده في مسيرة البناء والتحديث، بصورة تحفظ التوازن الذي ورثه عن أبيه، حيث ينبغي عدم التفريط فيه بتغليب كفة على كفة، فلا ينبغي أن نكون تراثيين يعيشون في الماضي فقط، ولا ينبغي أن نكون حداثيين فقط فننسلخ عن تراثنا وماضينا وتاريخنا وبيئتنا الوطنية». العين سيدة الواحات الزراعية مما يتذكره علي المطروشي أن واحة العين تعتبر كانت أكبر واحات الإمارات، وقد كانت مصيفا لأهل أبوظبي وبعض شيوخ أبوظبي الذين كانوا يقيمون فيها، وقد كانت واحة العين تشكل سبع واحات متفرقة ثم اشتبكت تلك المناطق وتداخلت نظرا لاتساع العمران فأصبحت مدينة كبيرة هي اليوم مدينة العين، وكان أهل العين يأتون إلى دبي في قوافل جمال في عملية (المكدة) وهي عبارة عن نقل وتسويق منتجات واحة العين في مدينة دبي، مثل الفحم النباتي والتمور والسمن البلدي والعسل، وتستغرق الرحلة ذهابا وإيابا خمسة عشر يوما، حيث يتم شراء الأسلحة والملابس والعطور وكل وسائل الترف التي كانت تجلب من المدينة، والتي أتت بدورها من مدن أجنبية عن طريق البحر. المطروشي في لمحات ? ولد في إمارة عجمان عام 1964. ? تنقل في طفولته في ثلاث مدارس كتاتيب ? حاصل على بكالوريوس في الآداب، قسم التاريخ من جامعة الإمارات عام 1989. ? قام بتدريس مادة التاريخ خلال الفترة من 1989-1993. ? شغل منصب مدير متحف عجمان منذ عام 1993 حتى 2001. ? يشغل حاليا وظيفة مستشار ثقافي بدائرة الثقافة والإعلام بعجمان. ? عضو مجلس إدارة النادي الوطني للثقافة والفنون بعجمان ? باحث ومحاضر في الأنساب والتاريخ المحلي والتراث الشعبي. ? له العديد من البحوث والدراسات المطبوعة من بينها: المواهب اللطيفة في الأنساب الشريفة، وعناقيد ثقافية، ومدارس الكتاتيب في إمارة عجمان قبل قيام الاتحاد، ومعه بحث عن المكتبات في عجمان قبل قيام الاتحاد. وبحوث ودراسات غير منشورة حتى الآن.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©