السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

القرية التراثية توفر رحلة غنية إلى قلب التاريخ والتراث الإماراتي

القرية التراثية توفر رحلة غنية إلى قلب التاريخ والتراث الإماراتي
3 نوفمبر 2013 20:40
تتهيأ القرية التراثية التابعة لنادي تراث الإمارات هذه الأيام لاستقبال موسم شتاء حافل بالفعاليات والمناشط التراثية، التي تتم في مناخ متفرد ووسط مساحات خضراء تجعل من التجول في جنبات القرية، متعة للعين والنفس لا يستشعرها إلا من خاض هذه التجربة الجميلة، وقام بزيارة القرية التي تحتل موقعاً متميزاً على شاطئ أبوظبي في منطقة الكاسر، التي يقصدها الباحثون عن الهدوء والطقس الجميل الذي تتميز به الإمارات في مثل هذه الأوقات من كل عام، وفي الوقت ذاته مطالعة صور التراث الإماراتي في أبهى صوره، عبر أقسام القرية المختلفة، التي تقع على مساحة 1600 متر مربع، وهذه الرحلة المثيرة في أعماق التاريخ الإماراتي تقدم بشكل مجاني، ولا تكلف الزائر سوى مسافة عشر دقائق من قلب أبوظبي إلى موقع القرية. أحمد السعداوي (أبوظبي) - بين مهرجانات شهرية، ومسابقات تراثية، واحتفالات وطنية بمناسبة أعياد الاتحاد، تعيش القرية التراثية الفترة القادمة حالة من زخم الفعاليات التراثية، ذات الصبغة الجماهيرية، تتم جميعاً وفق توجيهات سمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان، ممثل صاحب السمو رئيس الدولة، رئيس نادي تراث الإمارات، بوصف النادي الراعي والمسؤول الأول عن كافة المناشط والأحداث التراثية التي تجري على أرض الإمارات. صور التراث بالدخول إلى القرية، تطالعك مجموعة من الصور التراثية المبهرة، بين أسواق تراثية وحرف يدوية، وبيوت مختلفة تمثل البيئات الإماراتية المختلفة، صحراوية كانت أو بحرية. فعلى اليمين من مدخل القرية نجد نماذج من البيئة البرية التي عاش فيها أهل الإمارات عبر الزمن ومنها بيت العين وبيت الشعر وبيت اليواني والعريش والحظيرة، والتي تمثل نماذج مختلفة لمعيشة أهل البر باختلاف مناطق سكناهم واختلاف متطلبات الطقس، وتنوع الاستخدامات للمنامة أو الجلوس أو الضيافة التي يظل عنوانها العربي دلال القهوة ومستلزماتها. ويجاوره بيت البحر، حيث كان أهل البحر يقيمون، وفرضت عليهم حياتهم طرازاً من البيوت التي تقيهم لهيب الشمس، وتلتقط لهم نسائم البحر التائهة فتجد البيت مغطى بـ»اليزايا» المصنوعة من سعف النخيل، كما يعلو «البراجيل» فوق مستوى البيت ليأتي بالهواء البارد للداخل مهما كانت حرارة الطقس في الخارج. وفي الطريق إلى بيوت البر والبحر، يجد الزائر المشغل اليدوي النسائي، الذي يعكس قدرة النساء في الماضي على القيام بأدوار إضافية إلى جانب أدوارهن الاعتيادية اليومية، فهن يصنعن، مما توفره البيئة من حولهن من مواد أولية، الكثير من أدوات البيت ومستلزماته، وفي المشغل اليدوي تراهن يبدعن من الصوف وسعف النخيل العديد من القطع النسيجية والأدوات القشية التي تتوزع في مختلف أركان البيت. وفي المقابل، نشاهد معرض السوق الشعبي، الذي يحوي نماذج من منتجات يدوية إماراتية، تأخذ الزائر في تأملات بعيدة حول استخدامات كل قطعة وميزاتها وسر الإبداع الذي بثته في جزئياتها أنامل من ذهب مع سهولة الاقتناء. عبق التاريخ وبالعودة إلى الجهة اليسرى نجد مطعم القرية الكائن في مبنى يفوح منه عبق التاريخ متخذاً مكانه على مياه الخليج مستقبلاً كورنيش أبوظبي، ليستقبل ضيوف القرية بوجباته المتميزة ومراسم ضيافة ضاربة في أعماق الخليج، يجاوره المقهى الشعبي الذي يشغل كوخاً تراثياً يفوح منه عبق التاريخ على جانب أحد ممرات القرية ليستقبل الضيوف بمشروباته الساخنة وبمسلوقاته من الفول والحمص وبمراسم ضيافته المفتقدة في غير هذا المكان. ولأنك في قرية تراثية، فلابد من الوقوف على بعض الآثار المكتشفة في الإمارات، كما هو حال النموذج المصغر لقبر الهيلي من حضارة أم النار، المجاور للمتحف الموجود بالقرية، وفي مواجهته عدد من الدكاكين الشعبية، التي تتيح قراءة مفردات التراث الأخرى والتواصل معها، فقد تجاوزت سلسلة من الدكاكين الشعبية لترحب بك بمحتوياتها من مختلف المنتجات اليدوية والطبيعية المحلية، مثل الخناجر والسيوف ودلال القهوة، والعباءات والشيل والبراقع والعطور والحناء، والتوابل والأعشاب، وغيرها مما يستوقفك دون ملل. وهناك دكان صناعة البشوت، بما يمثله البشت من أهمية اجتماعية في منطقة شبه الجزيرة العربية، وله أيضاً نصيبه من الأهمية في القرية التراثية، إذ يصنع فيها من الصوف وتزين حوافه بالزري المغزول من خطوط حريرية وفضية مطلية بالذهب. يلاصقه دكان النماذج الخشبية للقوارب، كما هي القوارب التراثية متنوعة، فإنك تجدها كذلك عبر النماذج الخشبية التي تغريك حرفية تصنيعها العالية باقتنائها من الدكان الذي تولى صنعها. دكاكين شعبية إلى جانب ذلك، هناك عدد آخر من دكاكين السوق الشعبي، فأنت تطوف على كل ما كان يشكل الصناعات الحرفية واليدوية والتقليدية، ففي كل دكان تقف على أدق التفاصيل، وترى المنتج يخرج من بين يدي صانعه سلعة جلدية أو خشبية أو نحاسية أو زجاجية أو فخارية، كما ترى كذلك دكاكين العطارة والحبوب. البيئة الزراعية لها نصيبها ضمن الشواهد التراثية في القرية، عبر نموذج الثور في الخب المنحدر الذي يطالعه الزائر، يجر الحبل من طرفه البعيد و»المنيور» و»الرشا» ومساند خشبية أخرى تتكالب فوق البئر، تسند الحبل منتشلاً من طرفه الآخر دلو الماء ليصب في «الأفلاج» التي تشكل قنوات الري.. هكذا كان نظام الري «اليازرة». موسم الشتاء من جانبه، يكشف سعيد القبيسي مدير القرية، عن مجموعة من الفعاليات سوف تستضيفها القرية الفترة المقبلة تزامناً مع موسم الشتاء الرائع التي تتميز به دولة الإمارات بين دول المنطقة والعالم، ما يجعلها قبلة للزائرين من أبناء الدولة والوافدين القادمين إليها من كل حدب وصوب. ومن هذه الفعاليات، مهرجان القرية التراثي الشهري الذي يقام بصفة دورية من كل شهر، ويحل موعده القادم في الثلاثين من نوفمبر الجاري والأول من ديسمبر المقبل، ويستمر حتى شهر أبريل من كل عام، ويهدف إلى المحافظة على تراث دولة الإمارات وتعليم وتثقيف الأجيال بتراث الآباء والأجداد، وكذلك تعريف الزوار والمقيمين والسياح الأجانب بألوان التراث المحلي للإمارات وإطلاعهم على أبرز أنشطة النادي التراثية التي ينظمها. ويشمل برنامج المهرجان، عروض الفنون الشعبية الحربية، الألعاب الشعبية، الأهازيج الشعبية، الأكلات الشعبية، الأشغال اليدوية، الحرف البحرية «الطواش»، صناعة شباك الصيد، عروض الصقارة، معارض صور لأنشطة مراكز النادي، عروض فلكية، مشاركات من عدة جهات حكومية وخاصة. وفي الثالث من ديسمبر القادم يقام سباق اليوم الوطني للتجديف فئة 40 متراً، لإحياء هذه الرياضة التراثية العريقة التي يحتفي بها أهل الإمارات من كافة الأعمار. أهم الميادين ويقول القبيسي عن القرية التراثية، إنها من أهم الميادين الجميلة في نادي تراث الإمارات، عبر موقعها على كاسر الأمواج بأبوظبي ومساحتها تزيد على 1600 متر مربع، وهي تمثل المنتجع التراثي الحضاري، وتؤكد بجمالها وحسن ترتيبها رسوخ الماضي، وامتداد الأصالة لتكون معلماً من معالم الحضارة العريقة في الدولة، وعندما تمر في أرجائها الواسعة تلمس عن كثب تفاصيل الحياة اليومية التي عاشها أبناء الإمارات فترة ما قبل النفط، ضمن أركان ومعالم شيدت بأسلوب هندسي يناسب عراقة الماضي برونقه وجماله الأخاذ، ويشكل في الوقت نفسه مصدر جذب للزائر والمهتم والباحث عن التراث. وفي القرية أركان مختلفة، فمن ركن يكشف لك تفاصيل حياة أهل البحر إلى آخر يحاكي حياة أهل البر إلى البئر وقنوات الماء العذب «الأفلاج» القريبة من السوق الشعبي الذي يحتوي بداخله على جميع المنتجات المحلية التي كانت تمارس كحرف محلية من مفردات البيئة، كالمنتجات الجلدية والزجاجية والنحاسية والخشبية ومختلف الصناعات اليدوية. وفي القرية أيضاً، تلاحظ النساء وهن يقمن بالغزل والنسيج من الصوف وسعف النخيل، وبعض الملبوسات القديمة والتي كانت تمثل أهم لوازم الحياة آنذاك، كما تتمتع القرية بمسجد صمم على نمط تراثي جميل، ومتحف يضم بداخله مفردات عدة من كنوز التراث، كما تجد في القرية أيضاً استراحات عدة ومنطقة خاصة بألعاب الأطفال والألعاب الشعبية. اكتساب المهارات ويوضح القبيسي أن الزائر للقرية من الطلاب المنتسبين للنادي يكتسب العديد من المهارات عبر الملتقيات الصيفية والرحلات الدورية إلى القرية التراثية، حيث يمكنه تعلم صناعة الفخار، صناعة النسيج، نقش الخشب، صناعة الزجاج، صناعة الخناجر والسيوف، صناعة فن نوى التمر، صناعة النحاس، صناعة بعض المنتجات الجلدية، ممارسة الألعاب الشعبية، القيام ببعض الرزفات الشعبية، حضور الفعاليات الثقافية للقرية. وهناك عدد من القيم التي يكتسبها الطلاب من خلال هذا الميدان، منها ربط العضو بالبيئة التي ينتمي إليها، غرس الحب والوفاء للماضي الذي خلده الآباء والأجداد، إكساب العضو معلومات متكاملة عن الماضي كأنه يراه رأي العين، إكساب العضو بعض المهارات الحرفية حسب ما يتوافق وميوله الذاتية، حب العمل ونبذ الخمول والكسل والتفاني من أجل الوطن، غرس روح الإبداع في نفس العضو وتشجيع الابتكار والاختراع ورعاية الموهوبين، حيث يتعلم العضو من خلال القرية بعض الحرف اليدوية من خلال الالتحاق بأي ميدان من ميادين القرية عن طريق مدربين ويمكن للعضو أن ينافس غيره. تفاصيل الحياة اليومية يحوي المتحف الموجود بالقرية واقع وتفاصيل الحياة اليومية للإنسان الإماراتي عبر الزمن، ويعرض كل ما كان يرتبط بتلك الحياة من أدوات ومستلزمات، من خلال بناء على شكل قلعة أثرية تزيد مساحته على (500) متر مربع تأخذك الخطى لترى الأدوات الزراعية والأسلحة، وأدوات صيد اللؤلؤ، ودلال القهوة العربية، والأزياء الفلكلورية والحلي وأدوات الزينة عند المرأة، وصوراً قديمة تجسد مراحل الحياة في الدولة، كما ترى عدداً من نسخ المصحف الشريف مكتوبة بخط اليد، وكذلك مجموعات من المسكوكات الإسلامية الفضية والبرونزية والورقية. فعاليات مجانية يمكن للزائر التقاط صور تذكارية تسجل هذه الزيارة الفريدة لواحدة من أهم القلاع التراثية في الإمارات، والاستمتاع بكافة هذه الفعاليات والمناشط بشكل مجاني خلال ساعات عمل القرية الممتدة من التاسعة صباحاً إلى التاسعة مساء طوال أيام الأسبوع.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©