الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هيلاري مانتل.. الداهية والأيقونة

هيلاري مانتل.. الداهية والأيقونة
25 أكتوبر 2012
“إنها الأكثر دهاءً وتمكُّنا من الحيلة” من بين الروائيين الانجليز الأحياء، هكذا وصف العديد من النقّاد هيلاري تامبل حين فازت روايتها “قصر الذئب” العام 2009 متقدمة على روائيين منافسين أقوياء من بينهم جنوب الإفريقي جيه أم كويتزي (نوبل للآداب 2003) هو الذي لم تفلح روايته “فصل الصيف” آنذاك في انتزاع الموقع الأول رغم أهمية موقعها في المنجز الروائي لصاحبها. وعندما فازت روايتها “ارفع الأجساد الميتة” بجائزة (المان بوكر) البريطانية المرموقة لهذا العام قال رئيس لجنة التحكيم، محرر الملحق الأدبي لصحيفة “التايمز” اللندنية خلال الفترة من من 1992 وحتى 2002، بيتر ستوتارد: “إن مانتل تستحق هذا التقدير المزدوج استحقاقا فريدا” وبعدما وصف الرواية ذاتها بأنها “مأثرة عظيمة” للأدب الانجليزي. بذلك لم تصبح هيلاري مانتل، الأم لثلاثة أبناء ذات الستين عاما، أول امرأة تفوز بالجائزة لمرتين فحسب بل هي أيضا أول روائي انجليزي ينضم لقائمة من الروائيين من الذين حازوا الجائزة لمرتين عبر تاريخها الطويل الذي يمتد لأربعين دورة سنوية طال استمراريتها البعض من التقطع والعثرات. الأول منهما هو كويتزي ذاته الذي حاز (المان بوكر) أول مرة العام 1983 عن روايته “حياة وأزمنة مايكل كيه”، ثم العام 1999 عن روايته “خزي”، والثاني هو الروائي الاسترالي الذي فاز بالجائزة لأول مرة العام 1988 عن روايته “أوسكار لويشيانا” ثم العام 2001 عن روايته “التاريخ الحقيقي لكيلي غانغ”. هكذا تتميز مانتل عنهما أنها استطاعت أن تظفر بالمان بوكر لمرتين لا يفصل بينهما سوى دورتين فقط. بين روايتين وكما بات معلوما، فإن رواية “ارفع الأجساد الميتة” هي الرواية الأخيرة ضمن ثلاثية روائية تضم “قصر الذئب” التي صدرت العام 2009، و”المرآة والضوء” التي ستصدر لاحقا ثم الرواية التي يتم تسليط الضوء عليها الآن بعد هذا الفوز المميز، إذ صوّت لصالحها أربعة محكمين من أصل خمسة. وهذه الثلاثية الروائية تتعرض لفترة تراجيدية تاريخية جرت أحداثها في البلاط الانجليزي بدءا من العشرينات من القرن السادس عشر وحتى الستينات من ذلك القرن، حيث تتعقب حياة توماس كرومويل احد مستشاري الملك الانجليزي هنري الثامن، وتتتبع المصير التراجيدي الذي انتهت اليه احدى زوجات هنري، آن بولين. في “قصر الذئب”، لا وريث للملك هنري الثامن فيخلفه على العرش في الوقت الذي يرفض فيه البابا طلبه بطلاق زوجته ليتزوج بغيرها، لكن مستشاره الأول الكاردينال وولسي يشحنه بطاقة الجرأة اللازمة للإقدام على إجراء الطلاق ومخالفة رغبة البابا بوصف ذلك وسيلة أخيرة لولادة وريث للعرش من أصلاب هنري الثامن الذي بدا الأمر مدوّخا بالنسبة له. في هذه الأثناء تظهر الحاجة لشخصية رجل الدين الشاب الطموح كرونويل، التلميذ الأكثر نجابة في مدرسة الكاردينال السياسية، وابن الحداد الذي عاش حياة قاسية ونال معاملة صارمة من أبيه، والذي أبدا وعيا ينم عن عبقرية سياسية كانت مباغتة للطبقة الحاكمة آنذاك. وبقوة تخييلية ديناميكية تدير الروائية هذا العالم المليء بالدسائس والمكائد والأحداث ذات الطابع التراجيدي في بلاط هنري الثامن، فضلا عن الاستقطابات الحادّة على المستويين الاجتماعي والاقتصادي في مملكة بدا كما لو أنها موشكة على الأفول. تستمر هيلاري مانتل في اللعبة التاريخية ذاتها في “ارفع الأجساد الميتة” والأجواء ذاتها متعقبة المصير ذاته لشخصيتها الرئيسية كرنويل، الذي ليس بشخصية تاريخية على الأرجح أو أنه قد يكون كذلك حقيقة لكن دون الدور التاريخي الذي تنمحه إياه مانتل في روايتها الثانية. وإذا كانت “قصر الذئب” قد شهدت خروج شخصيات رئيسية وثانوية من المشهد الروائي بإماتتها غالبا، فإن “ارفع الأجساد الميتة” قد دخلت إلى متنها شخصيات أخرى رئيسية وثانوية لكنها ظلّت محصورة في دورها المنوط بها والذي يتمثل في إذكاء النار تحت الأحداث التي تصعّد من الأبعاد الدرامية لمصائر شخصيات تقترب من مصيرها المحتوم على نحو لا يبتعد كثيرا عن مصائر الشخصيات في الدراما الشكبيرية. وبحسب أحد النقاد فإن تقنية الكتابة الروائية لدى هيلاري مانتل تسمح لها أن تتلاعب بخفة في مصائر شخصياتها، إذ تترك لمخيلتها أن “تلعب” مع التاريخ الرسمي الانجليزي وتعيد تدويره وإنتاجه بذكاء وبحيث يبقى ما هو تاريخي في الرواية مثلما هو عليه إنما تجعله المخيلة الروائية هنا أكثر درامية وتراجيدية. والفارق بينهما، أي بين الروايتين، أن حضور الذات الراوية ـ أي هيلاري مانتل نفسها ـ أكثر نصوعا حيث من الممكن العثور على جوانب شخصية في ماضيها وذكرياتها وقد تناثرت هنا وهناك، وتحديدا عند حديثها عن الشخصيات النسائية. أيضا رأى البعض من مراجعي الكتب أن مهارة هيلاري مانتل في الوصف والسرد هي في الرواية الثانية أكثر تألقا وإتقانا منهما في “قصر الذئب” إذ بدت تنحاز أكثر للاختصار والتكثيف وأميل للإشارت المختزلة والإيماءات الموحية التي يتضمنها السرد وبما يكشف للقارئ الأبعاد الجوّانية لهذه الشخصية أو تلك عبر الاستفادة من أكثر من فن وتحديدا السينما، وليس الإرث السردي وطرائقه وأساليبه ومدارسه التي تعرفها هيلاري مانتل جيدا بوصفها ناقدة وكاتبة مقالة وتمارس كتابة مراجعات الكتب في حقل الرواية، رغم أنها في اختصاصها الأكاديمي قد درست علم الاجتماع. بلا إيديولوجيا لكن من الملاحظ إجمالا أن هيلاري مانتل لا تتخذ موقفا إيديولوجيا معلنا من التاريخ الذي تتعامل معه بالمعنى الروائي التخييلي ولا حتى بالمعنى السياسي المحض، بل إنه لم يمكن العثور عليه من مواقفها السياسية التي يمكن أن تحيلها إلى الجانب الليبرالي أو الجانب المحافظ تجاه ما يجري راهنا في بلادها أو في العالم، كسواها من المثقفين الانجليز الذين حازوا جوائز مرموقة مثل هارولد بنتر مثلا لا حصرا. هيلاري مانتل، كما في أعمال سابقة، تتأرجح في صنيعها الروائي بين الذاكرة الشخصية والماضي الشخصي من جهة، ثم السرديات التاريخية الكبرى والمؤثرة من الجهة الأخرى، لكنّ المزج بينهما يتم بدهاء بالفعل. وربما يكون مفيدا هنا أن نذكر أن هيلاري مانتل، ذات الأصول الإيرلندية، قد عاشت حياة كاثوليكية صارمة في طفولتها حيث كانت البكر بين ثلاث أخوات، وانفصل أبوها، الذي لم تره منذ بلغت الحادية عشرة، عن أمها وتركها فقيرة مع بناتها اللواتي تفرقن في ما بعد على العديد من الأديرة، حيث يرجح البعض أن شخصية “كرونويل” كما هي في الرواية قد جاءت متأثرة بذكريات هيلاري مانتل البعيدة وبماضيها الشخصي. وخلال السبعينات والثمانينات كانت عرضة لآلام نفسية وغير نفسية اضطرت للتخفيف من بعضها بإجراء عملية جراحية في الثمانينات، بل أجرت إنها مكثت في المستشفى العام بعد فوز “قصر الذئب” بجائزة (المان بوكر) وكتبت بعض من المذكرات التي نُشرت في لندن ريفيو أوف بوكس تحت العنوان: “لقاء الشيطان، أو تلبية نداء الشيطان”. وفي سياق ذي صلة بكتابة هيلاري مانتل الروائية وحضور الذكريات والماضي الشخصي في صنيعها الروائي، وبقدر من الاستطراد، فقد تزوجت هذه الروائية من جيرالد ماكوين وعاشت فترة من الزمن بصحبته في بوستوانا، ثم في مدينة جدّة حيث كان زوجها جيولوجيا، أي خبيرا في حقل التنقيب عن آبار البترول. أقامت مانتل هناك لأربع سنوات، وأنجزت كتابها الذي ينتمي إلى جنس المذكرات: “أحد ما كي يزعجك” ونشرته في “لندن ريفيو اوف بوكس” أيضا، غير أنها استعادت تلك التجربة في روايتها “ثمانية أشهر في شارع غزة”، والذي ربما هو شارع في مدينة جدة يحمل اسم غزة. في هذه الرواية تعتمد هيلاري مانتل على ذكرياتها الشخصية وخبراتها المباشرة التي تراكمت لديها عبر السنوات السبعينية الأربع تلك لتتحدث عن ذلك “التصادم” في القيم بين الثقافة الاسلامية من جهة والغرب الليبرالي من جهة أخرى، والتي تقوم باستكشافها عبر العلاقة الغامضة التي تربط بين عائلتين متجاورتين إحداهما أجنبية غربية والأخرى محلية عربية تعيشان في شقتين متقابلتين في بناية في ذلك الشارع في جدّة الذي يحمل اسم “غزّة”. وهذه الرواية “ثمانية أشهر في شارع غزّة” التي نشرت العام 1988 لم تفز بأي جائزة محلية أو سواها لكنها حازت إشادة نقدية عالية لتمكن هيلاري مانتل من سيطرتها على المادة التاريخية الشخصية وتوجيهها روائيا بإحكام بحيث يبقى التاريخي تاريخيا مثلما سبقت الإشارة إلى ذلك. القائمة القصيرة هي “شيء نادر ورواية إنجليزية حقيقية عظيمة، حيث تستكشف الكاتبة نقاط التقاطع بين النفسي الفردي والسياسي الأوسع عبر شخصيات ذات غنى ضخم تفيض عنها الأحداث العَرَضية في إطار من التاريخ عندما كانت إنجلترا لا تزال مجتمعا نصف صناعي، فتبدو هذه الشخصيات تراجيدية بقدرها وجياشة بعواطفها وعظيمة بمعاناتها وبسالتها”، هذا ما ذكره، تقريبا بياني الإعلان عن الفوز بجائزة (المان بوكر) لهذا العام وللعام 2009 في ما يتصل بـ”ارفع الأجساد الميتة” و”قصر الذئب” على التوالي، لكن ماذا بشأن الروايات الأخرى التي وصلت إلى القائمة القصيرة للجائزة؟. قبل الخوض في الحديث عنها، فهناك ما يمكن قوله بقَدْر من الثقة، ويتعلق بلجنة التحكيم. إنها تتشكل في العادة من خمسة لتكون هناك أغلبية في حال تمّ التصويت، يكون من بينهم رئيس له صوت واحد وأربعة محكمين قادمين من مواقع ثقافية وحقول إبداعية ونقدية ليس شرطا أن يمت بصلة لحقل الرواية لكنه على تماس معها، ما يعني أن الذائقة التي تتحكم في النظر إلى تميّز الصنيع الروائي هنا أو هناك هو ذائقة ثقافية عامة ومنفتحة لكنها قد تكون عرضة للانحياز باتجاه “مزاج ثقافي” سائد، على نحو من الأنحاء، ليس شرطا أنه قادر على إدراك الفوارق النسبية بين أهمية هذه الرواية وتلك وتحديدا على صعيد تقنيات الكتابة الروائية والتجديد فيها. أيضا مَنْ تابع تعليقات الجمهور سواء على الموقع الالكتروني للجائزة نفسها أو موقع متجر الكتب المعروف “أمازون” فسيجد أنه كان أميل إلى الرواية التي يحضر فيها التاريخ الانجليزي لا سواه مما يتناوله الروائيون، وتحديدا الروائيون المهاجرون. والمثال على ذلك الرواية التي ضمتها قائمة (المان بوكر) القصيرة لهذا العام، للمؤلف جيت ثاييل ذي الأصول الهندية بعنوان “ناكروبوليس”، والذي يتعرض فيها للتاريخ الحديث لمدينة مومباي القديمة والصراع العرقي فيها بين المسلمين والهندوس والمسيحيين أواخر السبعينات من القرن الماضي، وذلك مع أن هذه الرواية حازت إعجاب نسبة لا بأس بها من الجمهور بدا من الأسماء والهيئات أنهم بريطانيين من أصول آسيوية. وذلك يعني أن “مزاج القراءة” الروائية السائد لدى الناس يؤثر أيضا في توجهات أعضاء لجنة التحكيم واختياراتهم، حيث بالضرورة الأمر هنا نسبي تماما لكنه أيضا يتأثر من جهة أخرى بما يقوله نقّاد معروفون في ملاحق مراجعات الكتب عن الروايات الست في بريطانيا وأميركا التي هي أيضا سوق واسعة للرواية الانجليزية وكذلك كندا بنسبة أقل، لذلك غالبا ما تُنشر الرواية على جانبي المحيط الأطلسي في توقيت واحد، في سياق استثماري ثقافي. أما رواية “حديقة ضباب المساء”، التي احتلت موقعها في القائمة القصيرة، فهي للمؤلف ليان توان إنغ الذي تعود أصوله إلى ماليزيا، فهي تجري خارج بريطانيا وتتناول حكاية محامية شابة تبحث عن خلاص فردي خلال الاحتلال الياباني لبلادها، فتذهب إلى مرتفعات المالايا حيث تبدأ الحكاية هناك وتنتهي هناك. أيضا من المؤكد أن ديبورا ليفي من أصول بريطانية صميمية إلى ان روايتها “بيت السباحة” تذهب باتجاه بعيد حيث تتناول أثر الحياة المعاصرة على الأفراد باستكشاف الآثار المدمرة للكآبة من خلال حكاية عن فريق من السياح البريطانيين الذين يزورون الريفييرا الفرنسية ويقيمون لأسبوع هناك تجري فيه الأحداث لتنتهي الرواية بنهاية هذا الأسبوع. يعني هذا الأمر أن “بيت السباحة” ربما تكون أقرب إلى الرواية النخبوية التي قد تذكّر قارئ عادي بما يودّ أن ينشغل عنه. أما “المنارة” للانجليزية أليسون مور فتتناول “شقاء” اجتماعيا عاديا إذ من خلال رجل متوسط العمر انفصل عن زوجته وها هو الآن يقف على سطح عبّارة متجها إلى ألمانيا ويصحب معه ابنه التي أهملته أمه، حيث يعيش الطفل هناك عزلة المكان وانشغال الأب بعائلة جديدة وغياب الأم. وأخيرا، إلى “المظلة” للروائي ويل سيلف، وهي الرواية التي تنافس “ارفع الأجساد الميتة” إذ تعود إلى مرحلة إنتاج الجنون المهول والمتبادل بين المم الأوروبية في فترة الحرب العالمية الأولى، عبر تتبع الحكاية المعقدة لإلتري ديث صاحبة النزعة النسوية المصابة بمرض يعرف باسم “التهاب الدماغ النوامي” الذي بأوروبا كلها وكذلك بالطبيب زاك بوسنر الذي يقضي صيف تلك الحرب يعتني بمرضاه المصابين بالمرض عينه بإعطائهم منشطات ذات فاعلية كبيرة تُنتج الجنون الموازي لجنون الحرب وحماقاتها. «كل يوم أشعر إني مبتدئة» عقب فوزها قالت هيلاري مانتل أنها انتظرت حوالي عشرين عاماً لتحصل على هذه الجائزة، وهاهي ذا تحصل على اثنين وإنها تشعر بسعادة غامرة تكاد تفقدها توازنها. وهذا العام، اجتاحت مانتل سباقاً من 144 متسابق، قبل أن تحتل مكانه في القائمة القصيرة المكونة من ست روايات. وتقول مانتل عن الجائزة، أنها حينما بدأت في الكتابة مرة أخرى، نست كليةَ أنها قد فازت بالجائزة سابقاً، حيث أن كل يوم له مشاكله ومسائله الخاصة به، وكل يوم تشعر بأنها مبتدئة، وهذا هو ما جعلها تقدم أفضل ما عندها. أما فكرة كتابة ثلاثية عن توماس كرومويل أحد مستشاري الملك الإنجليزي هنري الثامن ورئيس الوزراء في ذلك العهد فقد خطرت على بالها حينما كانت في العشرينيات من عمرها ولكنها لم تكن في وضع يسمح لها بالكتابة لأكثر من ثلاثة عقود. وردا على سؤال عن ما الذي سوف تفعله بالمال الذي فازت بِه بالجائزة (خمسين ألف جنيه إسترليني أي ما يعادل واحد وثمانين ألف دولار) ردت ساخرة بأنها سوف تنفقه على المخدرات، وموسيقى الروك آند رول. ولكن جدياً قالت بأنها سوف تنفقه على معاشاها على الرغم من أنها قالت أنها ستظل تكتب لسنة أخرى منذ مرضها الأول والذي منعها من الكتابة أغلب الوقت لسنة 2010. ويبدو إن الفوز بالجائزة للمرة الثانية قام بتحميس مانتل باستكمال كتابة الكتاب الثالث لثلاثيتها التاريخية والذي تفكر في إعطائه اسم “المرآة والنور”. ويجري الآن محاولة تبني الروايتين “أحيوا الجثث” و”قاعة الذئب” في مسلسل من ستة أجزاء لهيئة الإذاعة البريطانية. ويذكر أن مانتل قد رفضت عروض تحويل الروايات إلى أفلام حيث أنها شعرت بأن الحبكة الروائية معقدة ولا تناسب إلا حلقات تلفيزيونيه. وقد ولدت هيلاري مانتل بسوق البلدة جلوسوب الكائن بمنطقة ميدلاند الشرقية (الإقليم الجنوبي الشرقي) بمقاطعة هاي بيك بإنجلترا في 6 يوليو عام 1952 كالأخت الكبرى لثلاثة أطفال من سلالة أيرلندية. والتحقت بكلية لندن الاقتصادية ثم نُقِلَت إلى جامعة شيفيلد والتي تصنف ضمن أفضل 100 جامعة بالعالم وأفضل 20 جامعة بالمملكة المتحدة وحصلت على بكالوريوس في الفقه عام 1973. بعد التخرج، عملت مانتل بقسم العمل الاجتماعي بمستشفى للمسنين ثم كمساعدة مبيعات بمتجر كبير، وفي عام 1974 بدأت في كتابة رواية عن الثورة الفرنسية والتي نُشِرَت لاحقاً بسم “مكان لقدر أكبر من الأمان”. وفي عام 1977 انتقلت مانتل مع زوجها العالم الجيولوجي جيرالد مكوين بجمهورية بوتسوانا، وهي بلد يقع جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا الجنوبية. هي محمية بريطانية سابقة تعرف باسم بيتشوانا لاند واعتمدت بتسوانا اسمها الجديد بعد أن تم استقلالها ضمن دول الكومنولث يوم 30 سبتمبر 1966، والتي كانت قد تزوجته عام 1972. وقبل ذلك قضى الزوجان أربع سنوات بمدينة جدة بالمملكة العربية السعودية وقد نشرت مذكراتها عن هذا الوقت تحت اسم “شخص ما ليتم إزعاجه”. وخلال العشرينات من عمرها عانت مانتل من مرض شديد الألم، تم تشخصيه في البداية على انه مرض نفسي، وأخذت أدوية مضادة للذهان، والمفارقة أن هذه الأدوية أنتجت أعراض ذهان وهوس ولهذا رفضت مانتل استشارة الأطباء لعدة سنوات، ولكن في زيارتها لبوتسوانا قرأت كتاباً عن الوصفات الطبية وأدركت أنها تعاني من التهاب حاد ببطانة الرَحِم، وقد أكد التشخيص بعض الأطباء في لندن. وتسببت العملية الجراحية لها بجعلها غير قادرة على الإنجاب، فأخذت بتناول المنشطات التي سببت بزيادة وزنها بشكل ملحوظ حيث تغير شكلها تماماً.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©