الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

روسيا: تحديات الخيار الصعب للاستثمار

3 نوفمبر 2013 00:15
ليونيد بيرشيدسكي موسكو كيف تمكن بنك روسي صغير من الحصول على أسعار لأسهمه المطروحة حديثاً في الأسواق تفوق تلك التي حققتها أسهم أضخم منتج للألماس في العالم؟ إن الجواب عن هذا السؤال ينطوي على قصة مثيرة حول الحقيقة التي ينبغي أن يعرفها كل مهتم بالاستثمار في روسيا. وكانت الشركتان المعنيتان بهذه القصة هما: «أنظمة تينكوف الائتمانية» وشركة «آلروزا» الروسية التي تحتكر تجارة الألماس. وقد عمدت كلتاهما الأسبوع الماضي إلى طرح حزمة من أسهمهما الجديدة في الأسواق. وظهر للوهلة الأولى أن «آلروزا» هي الرهان الأفضل بكثير من «تينكوف»، وأن السوق تحمل لها فرصاً أكثر إشراقاً. وتصنف «تينكوف» في المرتبة 59 من بين أضخم البنوك الروسية من حيث قيمة الأصول الثابتة وفقاً لدراسات يجريها موقع إلكتروني رسمي متخصص بتصنيف البنوك. ويعود تأسيسها لعام 2006 من طرف رجل أعمال يُدعى «أوليج تينكوف» الذي كان يعمل في مشاريع ضخمة لتحضير وتجارة اللحوم المجمدة. ولا يمتلك هذا البنك الطموح إلا مكتباً واحداً، ولا يحتاج لأكثر منه لأنه يهتم ببيع منتجاته الخدمية عن طريق الإنترنت ومنها بيع بطاقات الائتمان. ويروّج البنك لخدماته من خلال الإعلانات المكثفة على مواقع الإنترنت الشهيرة، ويصرف البطاقات لمشتريها بشكل مباشر ويقوم بتوصيلها إلى مكاتبهم أو بيوتهم ويستعين بخدمات شبكة البنوك الأخرى للدفع والقبض من وإلى الزبائن. وقد حقق بنك «تينكوف» في عملية الطرح الأولي لأسهمه في السوق الدولية يوم 11 أكتوبر الماضي في لندن، نجاحاً مذهلاً عندما تجاوز الإقبال على شراء أسهمه ما كان يتوقعه بنحو 11 مرة، ليبيع من الأسهم أكثر بكثير مما كان يخطط له. وعندما بلغت المضاربة على أسهمه حدّها الأعلى، حصد البنك من بيعها 3,2 مليار دولار أو ما يزيد عن تسعة أمثال القيمة السوقية المسجلة للشركة رسمياً بتاريخ 30 يونيو الماضي. وأما شركة «آلروزا» التي ورثت احتكار صناعة الألماس عن الاتحاد السوفييتي السابق، فما زالت ملكاً للحكومة. وكانت قد استحوذت على أصول شركة «دو بيرز» الجنوب أفريقية عام 2009 لتصبح أكبر منتج للألماس في العالم من دون منازع. وفي عام 2012 أصبحت تنتج 27 في المئة من الإنتاج العالمي من الألماس. وفي 28 أكتوبر (يوم الإثنين الماضي)، طرحت «آلروزا» إصداراً جديداً من الأسهم في موسكو إلا أنه لم يحقق إلا نجاحاً ضئيلاً. وبيعت الأسهم بأقل من الأسعار المتوقعة وحققت للشركة قيمة سوقية بلغت 8,1 مليار دولار أو ما يمثل ضعف القيمة الاسمية للشركة المسجلة رسمياً بتاريخ 30 يونيو الماضي. والآن، وبعد هذا العرض المقارن، يتداعى السؤال: ما الذي سيدفع المستثمرين إلى المراهنة على هذه القيمة المتدنية نسبياً لمنجزات «آلروزا» في الوقت الذي يؤكد فيه بنك «تينكوف» أنه يمثل الاستثمار الواعد والأفضل؟ وإذا كان يبدو للمرء من الوهلة الأولى أن الجواب عن هذا السؤال بديهي، وأن من الأفضل الاستثمار في بنك «تينكوف»، فسيكون قد وقع في خطأ سوء الحساب. وسنشرح فيما يلي أسباب ذلك. فلقد استعادت أسعار الألماس المستويات المرتفعة التي كانت عليها قبل أزمة الركود المالي العالمي لعام 2008. وبدأت أسواقه تشهد ارتفاعاً من حيث الطلب والأسعار في الصين والهند ودول الخليج العربية والولايات المتحدة. وأصبحت «آلروزا» مرشحة بقوة لجني الكثير من المكاسب الجديدة بعد أن حققت هامشاً تشغيلياً بلغ 33 في المئة من إجمالي قيمة أصولها عام 2012 بما يجعلها شركة الألماس الأكثر ربحية في العالم أجمع. وكانت «آلروزا» قد رسمت خطة طرح أسهمها الجديدة بعد دراسة معمّقة. وانتظرت سنوات طوالاً حتى فهمت أن لحظتها المؤاتية قد دنت. وها هي تعمل على استغلالها بالطريقة غير المتعجّلة. أما بنك «تينكوف»، فهو يمارس نشاطه ضمن صناعة كثيرة التعرّض للأزمات. وكثيراً ما أعرب البنك المركزي الروسي عن مخاوفه من النمو السريع الذي تحققه خدمات القروض غير المأمونة. وقد ارتفع معدل القروض المتعثرة للبطاقات الائتمانية في روسيا بأكثر من 50 في المئة بين شهري يناير وأغسطس ما دفع المنظمين إلى إجبار البنوك على الكشف عن خسائرها الحقيقية بسببها. وعزا بعض المحللين النجاح الذي حققه الطرح الأولي لأسهم بنك «تينكوف» لكون المنظمين المشرفين على أداء البنك وتقودهم شركة «جولدمان ساكس»، نقلوا قصة تطور أعمال البنك إلى لندن. وقال أحد المحللين: «لو أن عملية الطرح تمت في روسيا لكانت أسعار الأسهم أخفض بكثير. ومن المؤكد أن المستثمرين الروس كانوا سيضعون نصب أعينهم المخاطر الائتمانية الكامنة في خدمات بنك «تينكوف» لأنه متخصص بمنح القروض». وفي المقابل سلكت «آلروزا» مسلكاً معاكساً عندما فضلت طرح إصدارها الجديد من الأسهم في سوق موسكو للأوراق المالية تحت إشراف نائب رئيس الوزراء الروسي إيجور شوفالوف وبعض الشركات الاستثمارية المملوكة للحكومة التي طلب منها المساهمة في نجاحها. تجدر الإشارة إلى أن شركة «جولدمان ساكس» هي إحدى الشركات المشرفة على صفقات «آلروزا» أيضاً. وكما هي الحال مع بنك «تينكوف»، فإن معظم أسهم الشركة مبيعة لمستثمرين أجانب. ويكمن الفرق في المقارنة التقييمية لبنك بسيط وشركة عملاقة ضخمة في أنه عندما يتعلق الأمر بأصول روسية، فإن مديري الصناديق الاستثمارية الأجنبية يعبرون عن اهتمام أكبر بالشركات التي تعتمد على التكنولوجيا الرقمية أكثر من تلك التي تعتمد على الأصول الثابتة المملوكة للدولة. وذلك لأن المخاطرة في العمل مع الحكومة الروسية تفوق أكبر الأخطار الائتمانية التي يمكن أن يتعرض لها بنك «تينكوف». وبالطبع، يعبر المستثمرون عن رغبة أكبر في أن تبقى أموالهم في لندن بدل أن تبقى في موسكو. وبقدر ما يبتعدون عن ملاك المنظمين الروس، يكون ذلك أجدى وأفضل لهم، من وجهة نظرهم. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©