الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التجسس الأميركي... واتفاق «العيون الخمس»!

التجسس الأميركي... واتفاق «العيون الخمس»!
3 نوفمبر 2013 00:14
هاوارد لافرانشي محلل سياسي أميركي بينما تستعد برلين وباريس لمواجهة واشنطن بشأن مزاعم عمليات تجسس أميركية كبيرة عليهما، قد ترمق العاصمتان الحليفتان لندن بعين الحسد. وتنضوي بريطانيا وكندا وأستراليا ونيوزيلندا تحت اتفاق «العيون الخمس» المبرم منذ عقود مع الولايات المتحدة بألا يتجسس أي طرف على الآخر. ويعتقد بعض المسؤولين الألمان أن المستشارة الألمانية عندما تحدثت الأسبوع الماضي عن ضرورة التوصل إلى «اتفاق» مع الولايات المتحدة بشأن الاستخبارات وجمع المعلومات ربما كانت تفكر في نموذج اتفاق «العيون الخمس» بالذات. ولكن على رغم ما قد يبدو على الولايات المتحدة من ندم بشأن مزاعم التجسس التي طالت ملايين اتصالات الأوروبيين وقيل إنها طالت حتى الهاتف المحمول للمستشارة الألمانية نفسها، فإنه لا يرجح أن توسع إدارة أوباما اتفاق «العيون الخمس» لفترة ما بعد الحرب العالمية الثانية ليشمل حلفاء مقربين آخرين مثل ألمانيا وفرنسا. ويقول خبراء من الاستخبارات والأمن القومي الأميركي إن ثمة أسباباً للعزوف عن إرساء سابقة -خاصة مع استمرار انتشار الاستياء من تجسس وكالة الأمن القومي الأميركية وجمعها للمعلومات في دول أخرى- وصولاً إلى إدراك حقيقة كون حاجات الاستخبارات الأميركية تختلف الآن كثيراً عما كانت عليه في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية. وفي هذا السياق قال جوناثان لورانس الأستاذ المساعد في العلوم السياسية في بوسطن كوليدج والمتخصص في العلاقات الأميركية الألمانية «إن علينا مسؤولية تقديم اعتذار صادق وطمأنة حقيقية، ولكن لا يمكننا أن نغفل حقيقة أننا لسنا العدو وأن لديهم أعداء... يجب علينا ألا نغفل حقيقة أن الدول الأوروبية ليست تابعة لنا ولكنها بدرجة ما خاضعة لحمايتنا... نحن نوفر مظلة أمن على امتداد العالم ومصالحنا تتداخل كثيراً مع مصالحها». وقد عبرت ألمانيا وفرنسا في الأيام القليلة الماضية عن رفضهما للممارسات المزعومة لعمليات التجسس الأميركية الموجهة، وجمع المعلومات واسع النطاق، بينما أشار مسؤولون إلى أن وفوداً استخبارية من البلدين ستتوجه بسرعة إلى واشنطن لمعالجة القضية والسعي للتوصل إلى ما وصفه فرانسوا أولاند بأنه «ميثاق شرف» جديد للعمل الاستخباراتي. ولكن ردود فعل الحكومتين اختلفت منذ ذاك الحين. فقد قالت مصادر رسمية يوم الاثنين الماضي إن هناك ترقباً لوصول رؤساء أجهزة الاستخبارات للبلدين في واشنطن على رغم أنه من غير المرجح حالياً أن يصلوا قبل نهاية الأسبوع. ولكن على الجانب الآخر، بينما يهتم الفرنسيون بوضع قواعد جديدة ولا يركزون كثيراً على الاتفاقات التي قد تقيد أنشطة الأجهزة الاستخبارية، فهم لا يتحدثون عن إرسال أية وفود إلى واشنطن أو اجتماعات رفيعة المستوى خاصة، على الأقل اجتماعات معلنة. ويقول بعض المحللين إنه إذا سعت ألمانيا وفرنسا إلى التوصل لاتفاق مع الولايات المتحدة بشأن جمع المعلومات فلن يكون هذا إلا أحد الجوانب. فمع توسع الغضب ليصل إلى إسبانيا، فقد تواصل الفضيحة تضخمها مع تسرب آلاف الوثائق الأخرى التي سرقها المتعاقد السابق في وكالة الأمن القومي الأميركية أداورد سنودن. فقد استدعت الحكومة الإسبانية يوم الاثنين الماضي السفير الأميركي في مدريد ليقدم «تفسيرات» بعد أن نشرت صحيفة «إلموندو» اليومية تقريراً عن رصد وكالة الأمن القومي الأميركية لأكثر من 60 مليون اتصال أجراه إسبان في شهر واحد. واستهدفت عملية الرصد التي تشبه ما حدث في فرنسا، جمع أرقام هواتف مشتبه فيهم «إرهابيين» وربطها في نهاية المطاف بأرقام أخرى بحسب ما قال مسؤولون أميركيون. ولكن هذا التبرير لم يهدئ المخاوف الأجنبية فيما يبدو. وقد وصف وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل جارثيا مارجالو هذا النشاط بأنه «غير مقبول» وبأنه إذا تأكد فقد «يضر بالثقة» بين البلدين. واعتبرت أشيلي ديكس أستاذ القانون في جامعة فيرجينيا، والتي عملت في السابق مساعدة للمستشار القانوني للشؤون السياسية العسكرية في وزارة الخارجية الأميركية أن إحدى «السلبيات الكبيرة» لدخول الولايات المتحدة في اتفاق استخباراتي ملزم مع ألمانيا ستكون «إرساء سابقة قد تدفع دولاً أخرى للسعي إلى اتفاقات مشابهة». وتقول ديكس إن الولايات المتحدة لن تخسر معلومات استخباراتية بتوسيع الاتفاقات الملزمة فحسب، بل سيتعين عليها أيضاً أن تفكر في احتمال أن ينتخب بلد مثل ألمانيا في مرحلة ما حكومة غير صديقة مما «يعقد» عمل الحكومات الأميركية المقبلة. وكانت الإدارة الأميركية قد أشارت في الأيام القليلة الماضية إلى أن أوباما مستعد فيما يبدو للتفاوض بشأن فرض قيود جديدة على جمع المعلومات وأساليب هذا الجمع، فيما يبدو أنه مسعى لتهدئة أصوات الاحتجاج الآتية من أوروبا. وقالت كاتلين هايدن المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأميركي في بيان صدر مطلع الأسبوع إن الإدارة الأميركية تتطلع للاجتماع مع مسؤولين ألمان بشأن هذه القضية. وأضافت «لقد أجرت الولايات المتحدة محادثات مع مسؤولي الاستخبارات الألمان في الشهور الماضية... واتفقت قيادات كلا البلدين على تعزيز التعاون». ولكن على رغم كلمات التهدئة الصادرة من البيت الأبيض، يشكك بعض الخبراء في العلاقات الأميركية الألمانية في احتمال أن يبرم أوباما مع ألمانيا أو أي حليف آخر اتفاقاً طويل الأمد مثل ذلك المبرم مع بريطانيا. ويقول هؤلاء الخبراء إن هذا صحيح بشكل خاص مع الأخذ في الاعتبار الخلافات المحورية بين ألمانيا وأميركا، ومنها العلاقات التجارية الألمانية بالصين وإيران والتعامل مع روسيا في ظل قيادة بوتين. وتقول ديكس إنه على رغم سلبيات توسيع الاتفاقات الملزمة التي تقيد جمع المعلومات في دول أخرى، فإن تكلفة عدم فعل هذا سترتفع، بعد أحدث فضيحة لأن هناك دولاً تهدد برد أكثر تكلفة مثل تقييد التعاون الاستخباراتي. وكتبت ديكس على موقع مدرسة القانون في جامعة فيرجينيا على الإنترنت أن الولايات المتحدة ربما تستطيع تقليص الضرر وتهدئ حدة المخاوف على الجبهة الأوروبية بفرض بعض القيود، ولكن هذا لن يهدئ غضب دول أخرى مثل البرازيل والمكسيك التي يرجح أن تتمسك بالمطالبة بإبرام اتفاقات خاصة بها هي أيضاً مع الولايات المتحدة. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©