الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الربيع العربي» وصعوبة الدور الأميركي

5 نوفمبر 2011 00:01
منذ بداية التدخل الفرنسي- البريطاني في ليبيا، الذي تحول لاحقاً إلى شأن يخص "الناتو" تحت إلحاح بريطاني وأميركي في مارس الماضي، والتعليقات اليسارية في معظمها تفسر هذا العمل باعتباره إمبريالية غربية جديدة، حيث وُصف بأنه جهد يروم الاستيلاء على الاحتياطيات الضخمة من الذهب الأسود التي تزخر به ليبيا، تحت غطاء تدخل إنساني. وعلى الرغم من أنني مستعد - أكثر استعداداً من معظم الناس - للتفكير في أسوأ الدوافع التي قد تحرك الدول، فإنني أجد من الصعب فهم لماذا قد ترغب البلدان الغربية في حرب مكلفة من أجل الاستيلاء على نفط متاح لها أصلاً، وتصل إليه من خلال شرائه في السوق الدولية. والواقع أن أوباما، الذي يُعاقَب حول مواضيع أخرى من قبل الانتخابات التمهيدية للحزب "الجمهوري"، كان يتمتع بقدر من الحكمة والبصيرة حين قال لـ"الناتو" إنه يُفضل القيادة من الخلف. فبتلك الطريقة استطاع الحصول على الإشادة والفضل في الانتصار - في وقت يقوم فيه بالترويج للانتصار، مثلما فعل من قبله قطاع الصحافة الأميركية الساذج وسهل الانخداع - وسمح في الوقت نفسه للفرنسيين والبريطانيين بالقيام بالعمليات الحربية الرئيسية من دون أن يزعجوا "البنتاجون" بشكل مفرط. ومنذ أن قرر القذافي في 2003 أن إعادة إقامة علاقات ودية مع القوى الغربية أمر يخدم مصلحته – حيث قام بتسليم الممرضات البلغاريات، وقدم أسماء المرتكبين المفترضين للهجومين اللذين استهدفا طائرتين أميركية وفرنسية، بل وذهب إلى حد تقديم كبش فداء لسجن اسكتلندي – عمل العقيد على نسج علاقة صداقة متينة مع الحكومات الغربية، حيث استُقبل في العواصم الغربية بترحاب، وقام بنصب خيمته بالقرب من قصر الإيليزيه في باريس، ومكث في البيت الأبيض كضيف، وواظب على المشاركة في عمليات الملاحقة التي كانت تقوم بها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي. آي. إيه" للقبض على إرهابيين عرب حقيقيين أو متخيلين. وكانت "سي. آي. إيه" قد عبدت الطريق قبل ذلك لتعاونه الودي. ذلك أن الرجل الذي قاد الهجوم الذي شنه الثوار على طرابلس في وقت سابق من هذا الشهر، على سبيل المثال، كان معارضاً ليبياً ومن المقاتلين الإسلاميين الذين شاركوا في حرب أفغانستان ضد الروس. وحينئذ، تم تسليمه في ما بعد إلى القذافي من قبل السي آي إيه والبريطانيين، ثم عُذب وسجن لمدة سبع سنوات. ومثلما كتب الخبير في شؤون الشرق الأوسط باتريك سيل، فإن "تعلقه بالمصالح الغربية لا ينبغي التعويل عليه". والواقع أن التدخل الغربي هذا العام، والذي بدأته فرنسا، كان إيديولوجياً في الأصل لأنه مستمد من النزعة التدخلية الليبرالية التي تبناها الغربيون بعد الانتصار الذي حققه "الناتو" في كوسوفو. غير أن التجربة اللاحقة نالت من هذا الحماس وأصابته بالفتور، وهو أحد الأسباب التي جعلت أوباما يقرر مؤخراًَ ترك العراقيين ليدافعوا عن أنفسهم بأنفسهم بدون مساعدة من القوات الأميركية التي سترحل عن البلاد بحلول يناير 2012، وأحد الأسباب التي تفسر انشغال البنتاجون اليوم بكيفية الخروج من أفغانستان وباكستان من دون ترك كارثة وراءه. لقد وضعت الصحوة العربية 2011 الولايات المتحدة في وضع صعب للغاية وبعيد عن الحل. فبعد سنوات من الترويج للديمقراطية في الشرق الأوسط، وحربين وتدخلات أخرى - في الوقت ذاته الذي كانت فيه مضطرة في الواقع للتعاون مع أكثر الأنظمة العربية استبداداً من أجل الدفاع عن المصالح الإسرائيلية – وجدت واشنطن نفسها خلال السنوات الماضية أمام مأزق تلو آخر. الإصلاح الديمقراطي في مصر واليمن؟ دعم حرية الفلسطينيين واستقلالهم؟ في الواقع، كلا. إن الولايات المتحدة مع الديمقراطية نظرياً، ولكنها تجد أن التعامل مع الطغيان والحكم الظلامي أسهل في الممارسة. ولهذا السبب تبدو وزيرة الخارجية الأميركية شاحبة ومضطربة جداً هذه الأيام، تسافر من بلد إلى آخر، وتحاول تحليل وفهم هذه المآزق وطمأنة الأصدقاء المحافظين والموالين للولايات المتحدة بأن كل شيء سيكون على ما يرام، في حين أنها تتمتع بما يكفي من الذكاء لتدرك أن أيامهم قد تكون معدودة، وأنهم قد لا يلتقون مرة أخرى... إنها تهرول في كل مكان - يتساءل المرء متى تنام – لأن الولايات المتحدة بكل بساطة لا تعرف كيف تُخرج نفسها من هذا الوضع الخطير. ومما لا شك فيه أنها تدرك أن باكستان وأفغانستان يمكنهما، بشكل منفصل، أو تحت زعامة أخرى، أن تنقلبا على الولايات المتحدة في وقت مازالت فيه عالقة عسكرياً في واحدة من أكثر المناطق الجغرافية وعورة على وجه البسيطة. والواقع أن ذاك النزاع، الذي يشكل فيه الأميركيون الهدف، ممكن في العراق/إيران؛ حيث قد تبدأ إسرائيل حرباً مع إيران ستتوقع من الولايات المتحدة أن تنهيها. ولذلك، فربما حان الوقت للعودة إلى الوطن. وهذا ما يبدو أن العديد من الناس يقولونه.غير أن إدارة أوباما لا تعرف كيف. ويليام فاف محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة "تريبيون ميديا سيرفس"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©