الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

16 ألف كلم طول الخيوط المستخدمة في الخوذة

16 ألف كلم طول الخيوط المستخدمة في الخوذة
2 نوفمبر 2013 22:31
أبوظبي (الاتحاد) - من يتابع سباقات الفورمولا- 1، لاشك أنه توقف ولو قليلا عند الخوذة التي يلبسها السائقون، وربما مر عليها مرور الكرام، ظنا منه أنها لا تختلف كثيرا عن تلك التي يرتديها سائقو الدراجات النارية، وربما يدهشه أن يعلم مثلا أن عمليات التطوير الأخيرة للخوذة القانونية احتاجت إلى ثماني سنوات كاملة، عكفت خلالها شركات ومراكز بحثية تابعة للاتحاد الدولي للسيارات «فيا» على إجراء بحوث وتجارب قبل التوصل إلى الشكل والمكونات الجديدة للخوذة التي ليس من حق أي سائق أن يشتريها من أي مكان، وإنما يتم الحصول عليها من مصانع معتمدة دون سواها. ولفتت الحادثة الأخيرة التي وقع ضحيتها البرازيلي فيليبي ماسا، سائق فيراري، خلال الفترة الثانية من التجارب الرسمية لجائزة المجر الكبرى، الأنظار إلى الخوذة بكثيرٍ من الاهتمام، حيث وضعت «حادثة ماسا» «القبعة الصلبة» في دائرة الضوء بعد أن لعبت دورا حاسما في إنقاذ السائق البرازيلي من كارثة حقيقية، الأمر الذي برر الأهمية الكبرى التي يوليها القائمون على الرياضات الميكانيكية لسلامة السائقين. وكان ماسا خضع لجراحة طارئة نتيجة ارتجاج في الدماغ ورضوض في الجمجمة إثر الحادث الخطير الذي تعرض له، حيث أصيب في وجهه إثر تطاير قطعة من سيارة مواطنه روبنز باريكيلو، سائق فريق براون جي بي - مرسيدس، ما أدى إلى فقدانه الوعي والسيطرة على سيارته التي انحرفت عن المسار وارتطمت بحائط الاطارات الموازي للمنعطف الرابع وهي تسير بسرعة 250 كلم/ساعة. في الايام الاولى للفورمولا1، كانت السرعة هي العنصر الذي يستحوذ على القدر الاكبر من الاهتمام، على حساب عناصر السلامة. وكان السائق الارجنتيني الاسطوري خوان مانويل فانجيو، بطل العالم في خمس مناسبات، يفضل لبس الـ «بالاكلافا»، وهي عبارة عن قناع بسيط من الصوف يشبه الى حد كبير ذلك الذي يعتمده المتزلجون، ويسمح بظهور الوجه او القسم الاعلى منه «الجبين والعينان والانف» او العينين فقط. ولكن انطلاقا من عام 1953، أصبحت الخوذة إلزامية للسائقين كافة، غير انها لم تكن تشبه بتاتا نظيراتها الحالية التي تعتبر نتاج سنوات من البحث والتطوير. ويشترط الاتحاد الدولي للسيارات فيا معايير محددة للسلامة، وهي تأتي في الغالب صارمة جدا، وخير مثال على ذلك عملية التطوير الأخير للخوذة «القانونية» فيا 8860-2004 استلزمت ثماني سنوات من العمل الشاق. وبعد دراسات عميقة أجريت في مختبر بحوث النقل البريطاني «تي ار ال»، جرى اعتماد المعايير الجديدة من قبل الشركات الثلاث الوحيدة المخولة بصناعة الخوذات الخاصة بسائقي فورمولا-1، وهي «اراي» و»بيل» و»شوبيرث». والجدير بالذكر أن الخوذات المصنعة لدى الشركات الثلاث الزامية بالنسبة الى السائقين، اذ انهم غير مخولين اعتماد خوذة من إنتاج مصنع آخر في ضوء قرار صادر عن المجلس العالمي لرياضة السيارات عام 2004. ورغم ان السرية التي تحيط بالمواد المستخدمة في صناعة الخوذة، الا ان الجزء الخارجي منها يعتمد مكونات صلبة من طبقتين، تستخدم فيها الألياف الصمغية المضغوطة والألياف الكربونية. وفي القسم الداخلي منها، تتركز طبقة من مادة الـ»اراميد» التي تستخدم في العديد من السترات الواقية من الرصاص، يضاف اليها طبقة من الـ «بولي اثيلين»، ومادة ناعمة وسائلة هي نفسها المعتمدة في زي السائق لمواجهة النيران، تضاف اليها كمية من الالومنيوم والمغنيزيوم ومواد أخرى تصنع المزيج اللازم. ويصل الوزن النموذجي للخوذة الى 1250 جراما، علما بانه كلما خف الوزن، كلما كان الضغط اقل على السائق، وهذا بدوره يحد من خطر الاصابة، لكن «حادثة ماسا» في المجر أثبتت أن الخوذة عندما تكون قوية تمتص الصدمات ومقاومة الاختراق. وتتمثل العملية الاهم في اخضاع رأس كل سائق لمسح ضوئي يصار على اثره اعتماد قالب يجري على اساسه بناء الخوذة من الداخل باعتماد ألياف كربونية لضمان التطابق التام مع القالب، ويتألف كل خيط من الالياف المعتمدة من حوالى 12 الف شعيرة، الواحدة منها ارق 15 مرة من شعرة الانسان. ويبلغ طول الخيوط المستخدمة في عملية صناعة الخوذة الواحدة حوالى 16 الف كيلومتر. بعد كل ذلك، يجري جمع الطبقات كافة في وعاء خاص حيث تخضع لعملية ضغط عال ومستمر في فرن خاص بحرارة تصل الى 132 درجة مئوية، اما مقدمة الخوذة فيتم تعزيزها بمواد تكميلية، مثل الالومنيوم والتيتانيوم. وبالإضافة إلى دورها الاساسي في حماية السائق، فان على الخوذة ان تتيح له الرؤية والتنفس. وتأتي التهوية من خلال فتحة صغيرة تقع في مقدمة الخوذة، وهي تقوم أيضأ بتنقية الهواء من زيوت المحركات والكربون ومخلفات غبار الفرامل، قبل ايصاله إلى السائق، واللافت ان حوالى 10 ليترات من الهواء النقي تتدفق الى داخل الخوذة في الثانية الواحدة. اما الجزء الشفاف الذي يرى السائق من خلاله الطريق امامه فهو مصنوع من قطعة رفيعة ثلاثة ملم من مادة الـ «بوليكاربونات» الخاصة، وهي قادرة على تأمين حماية الوجه من اي صدمة، كما انها مقاومة للاشتعال وتضمن رؤية ممتازة. ويميل معظم السائقين إلى استخدام اقنعة ملونة مصبوغة بمادة ضد الضباب لتفادي التغشية. وتخضع الخوذات لاختبارات قاسية تتميز بالدقة نفسها التي تخضع لها السيارات، كالاصطدام بأجسام مختلفة ومن الزوايا كافة بغية الوقوف على مدى قدرتها على المواجهة علما بان الاتحاد الدولي للسيارات يفرض على كل خوذة ان تصمد امام قوة تصل سرعتها الى اكثر من 34 كلم/ساعة بقليل، على الاقل. كما تخضع الخوذات لمجموعة من امتحانات التشوه والتفتيت بهدف تقييمها، فضلا عن اختبار «هانس» الذي يحول دون امكان ارتطام رأس السائق بالمقود، كما يجري اخضاع الخوذة لالسنة اللهب حتى 800 درجة مئوية لمدة 45 ثانية، ولعبور الامتحان، لا يسمح ان تتجاوز الحرارة داخل الخوذة حاجز 70 درجة مئوية. وتتميز مقدمة الخوذة بخصائص وقائية تفرض نفسها من خلال رميها بأجسام مختلفة بسرعة 500 كلم/ساعة، وهنا يمنع ان تصل اثار الاصطدام الى عمق يتعدى 2 ملم ونصف. وعلى غرار «نفق الرياح» الخاص بسيارات الفئة الاولى، فان للخوذات ايضا نفق رياح خاصا بها لضمان الحد الادنى من قوة الجر خلال القيادة السريعة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©