الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فن النفخ في الزجاج مهدد بالزوال

4 نوفمبر 2011 00:45
الصرفند (ا ف ب) - في الصرفند، تلك المدينة الفينيقية القديمة التي كانت تعرف بـ “سربتا”، تفتخر عائلة خليفة بدرايتها في فن النفخ في الزجاج... ولكنها بين قلة ما زالت تحافظ على هذا الإرث اللبناني القديم العائد إلى آلاف السنين. ويلتقط محمود الذي توهج وجهه جراء حرارة الفرن البدائي المصنوع من حجارة الآجر والمخصص لتذويب الزجاج، كتلة نارية لزجة بواسطة عصا، ويحولها في غضون دقائق إلى جرة مزخرفة. ويقول وهو ينفخ بحذر في العصا المضادة للتأكسد “إن جميع أفراد عائلتي تعلموا هذا الفن منذ الصغر”. منذ سن الثانية عشرة، بدأ محمود يراقب والده وعمه وهما ينفخان في الزجاج. وقد تطلب منه الأمر 7 سنوات ليتعلم الحرفة. في المشغل الصغير في الصرفند، حيث ينام العمال ويتناولون طعامهم على وقع حسيس النار، يشرح عمه علي خليفة (48 عاما) أن هذه “الحرفة تنتقل من جيل إلى جيل ويمارسها حالياً نحو ستة من أفراد عائلتنا”. ويستخدم العمال القناني وغيرها من السلع المصنوعة من الزجاج الأبيض التي ترميها المصانع ويحولونها إلى “تحف جميلة”، على حد قول علي. ويعزى اختراع حرفة النفخ في الزجاج إلى الفينيقيين الذين طوروها خصوصاً في مدينة سربتا التي تقع على ساحل البحر الأبيض المتوسط بين صيدا وصور في جنوب لبنان. وبحسب إحدى الأساطير، كان بعض التجار الفينيقيين يطهون طعامهم على شاطئ رملي في قدر مدعم بكتل من النطرون “كربونات الصوديوم”، عندما رأوا مادة غريبة تقطر منها فأدركوا أن الزجاج قابل للتمدد. وقد انتشرت في الماضي مشاغل حرفية كثيرة على طول الساحل تهتم بنفخ الزجاج، لكن هذا الفن يكاد يندثر اليوم مع رواج استيراد التحف الصناعية بخسة الثمن. ويتأسف علي قائلا “في الماضي، كنا نعمل لمدة شهرين من دون توقف ثم نستريح لعشرين يوما. أما اليوم فنعمل 15 يوما ونستريح لمدة ثلاثة أشهر”، مشيرا إلى أن البيع تراجع بنسبة أكثر من 50% خلال السنوات الأخيرة. ويقول أوهانس خوستكيان، مدير عام مؤسسة “عزم للحرف والفنون” التي تدعم الأعمال الحرفية لتوفير فرص عمل للأكثر عوزا، “باستثناء المتاجر الكبيرة لتسويق الحرفيات، يبيع تجار كثر نماذج منتجة في الخارج وخصوصا في الصين، مدعين أنها صنعت في لبنان”. ويتكبد الحرفيون تكاليف باهظة. فالفرن الذي يعمل على المازوت مثلا، يبقى مشتعلاً على مدار الساعة (ليلا ونهارا) طالما هناك طلب، الأمر الذي يكلفهم 250 دولارا لكل 24 ساعة. أما في ما خص الأسعار، فتتراوح بين ستة دولارات لكوب واحد من الزجاج و600 دولار لثريا مصنوعة من الزجاج المنفوخ.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©