الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المعجزة الألمانية... والحاجة إلى الإصلاحات

2 نوفمبر 2013 00:10
سودها ديفيد-ويلب باحث بارز في مكتب برلين لصندوق مارشال الألماني تتعثر محادثات تشكيل إئتلاف ألماني حاكم في قضية وضع حد أدنى للأجور مما ينم عن قصر نظر في السياسة الألمانية. فبعد فوز ميركل بالانتخابات يتعين على الحكومة المقبلة التي من المحتمل أن تكون «ائتلافاً عظيماً» بين حزب ميركل، «الاتحاد الديمقراطي المسيحي»، والحزب «الديمقراطي الاشتراكي» أن تركز على قضايا محورية تمس الجيل المقبل، الذي أُهمل في غمرة التركيز على تحقيق التوازن في الموازنة. وقد تكون ألمانيا قصة ناجحة تريد دول أخرى أن تحاكيها، لكن قصة القوة هذه تخفي ضعفاً مثل شبكات السكك الحديدية والطرق السريعة العجوز والاستثمارات الضعيفة في التكنولوجيا وضعف البنية السكانية وهي أمور يتعين معالجتها الآن إذا أرادت البلاد تفادي التعثر لاحقاً. فعلى كل حال، فقد كان يطلق على ألمانيا في تسعينيات القرن الماضي فحسب «رجل أوروبا المريض» ويمكن أن يحدث هذا مرة أخرى. وبعد 25 عاماً تقريباً من توحيد الألمانيتين، ظلت البلاد منقسمة عندما يتعلق الأمر بالبنية التحتية وإن لم يكن بالطريقة التي قد يعتقدها القارئ. فالمدن في ألمانيا الشرقية الشيوعية السابقة تزدهي بمحطات قطارات جديدة لامعة وطرق سريعة ناعمة بينما نظم النقل في الكثير من مناطق ألمانيا الأخرى مهملة. وتقول الحكومة في ولاية «نورث راين-فيستفاليا» أكثر الولايات سكاناً، والتي بها شركات كبيرة مثل شركة صناعة الأجهزة «ميلا» وشركة الأدوية «باير» إن 300 جسر يتعين إصلاحها في المدى القصير ويتعين إصلاح 700 أخرى في وقت لاحق. وتقول دراسة للمعهد الألماني للأبحاث الاقتصادية في برلين إنه للحفاظ على التفوق الألماني التنافسي يتعين على الحكومة أن تنفق 6.5 مليار يورو إضافية (تسعة مليارات دولار) في العام لصيانة الطرق والسكك الحديدية. وتقول «جماعة التحالف من أجل السكك الحديدية»، إن مسحاً يشير إلى أن ما تنفقه ألمانيا كنسبة لكل فرد على نظام قطاراتها الشهير بانضباطه أقل من أي من الدول الأخرى السبع التي شملها المسح فيما عدا إسبانيا. ويجعل موقع ألمانيا وقطاع التصدير فيها الذي يشكل 52 في المئة من إجمالي ناتجها المحلي، واحدة من أكبر الأسواق الأوروبية للدعم اللوجيستي برأس مال دائر سنوي يبلغ 200 مليار يورو. والمشكلة أصعب فيما يتعلق بإمدادات ألمانيا من الطاقة. فعلى الحكومة أن تخطط بسرعة لانتقال طموح من الطاقة النووية إلى الطاقة الخضراء التي أصبحت خياراً اضطرارياً بعد كارثة «فوكوشيما» في اليابان عام 2011 عندما تراجعت ميركل فجأة عن تعهدها باستمرار تشغيل محطات البلاد النووية. وأي ائتلاف تشكله ميركل سيواصل هذه السياسة وهي تقليص توليد الطاقة الحالية في ألمانيا بنسبة 18 في المئة. وقد تثير صناعة الطاقة بالفعل القلق إذا لم تستطع أن تنقل الكلفة إلى المستهلكين الألمان الذين يدفعون بالفعل أعلى سعر للكهرباء في أوروبا. والأسرة المؤلفة من أربعة أفراد ستشهد ارتفاعاً فيما تدفعه سنوياً للكهرباء يبلغ نحو 60 يورو بحلول نهاية العام المقبل. وعلى الحكومة المقبلة أن تصلح قانون البلاد للطاقة المتجددة لتفحص تأثير مثل هذه الصدمة في الأسعار. ويجب على الحكومة المقبلة أن تلتفت إلى دعوة اتحاد الصناعات الألماني لعقد مؤتمر للمساهمين في غضون 100 يوم من تولي زمام الأمور والنظر في إنشاء وزارة كبيرة خاصة بالطاقة. وتحظى الهندسة الألمانية والقوة الألمانية في المشروعات المتوسطة والصغيرة بإشادة حول العالم لكن البلاد لم تنتج أشياء ذات قيمة في قطاع التكنولوجيا العالمية باستثناء شركة «ساب» التي تنتج برامج الكمبيوتر. وسارع السياسيون الألمان بالضغط من أجل خصوصية المعلومات نيابة عن ناخبيهم لكنهم يجب أن يفكروا في خلق بيئة أفضل للاستثمار والابتكار في التكنولوجيا لإبقاء البلاد مزدهرة في المستقبل. وبالإضافة إلى الحزم العريضة لنقل البيانات واتباع سياسات، مثل تخفيف الضرائب عن المستثمرين، تستطيع ألمانيا أن تدعم شركات ناشئة لتحقق نمواً وتخلق وظائف. وتبلغ نسبة الأنشطة الاستثمارية المبتدئة في ألمانيا نحو خمسة في المئة بحسب مرصد الاستثمار العالمي مقارنة مع 13 في المئة في الولايات المتحدة. وتشكيل ائتلاف من المحافظين والديمقراطيين الاشتراكيين سيكون في أفضل وضع لينفذ استثمارات مطلوبة لتحقيق رخاء لألمانيا على المدى الطويل. والمال يمكن توفيره. فقد أشار صندوق النقد الدولي إلى أن ألمانيا تتمتع بمرونة إجراء تخفيضات خاصة على نسبة ضريبة المبيعات في البلاد البالغة 19 في المئة (فقد دفعت الفنادق على سبيل المثال نسبة سبعة في المئة منذ عام 2010). ويتوقع محللون أن العودة للنمو سينتج زيادة نسبتها 2.5 في المئة في عائدات الضرائب بنهاية العام. وأخيراً، فبينما يبلغ تعداد سكان ألمانيا نحو 80 مليوناً، يتوقع مكتبها الاتحادي للإحصاء تقلصاً في عدد السكان يبلغ خمسة ملايين بحلول عام 2030. وسوف تنكمش الفئة التي تقل أعمارها عن 20 عاماً لأقصى درجة بينما ستزيد الفئة التي أعمارها أكبر من 65 عاماً بنحو 33 في المئة مما يمثل ضغطاً على الموازنة لدفع معاشات تتزايد من ضرائب تتقلص. ويتعين على الحكومة أن تعالج هذا بجعل مكان العمل أكثر جاذبية للنساء، ففجوة الأجور بين النساء والرجال في ألمانيا هي الأعلى في أوروبا وتبلغ 22 في المئة. وبدلا من تحويل المال إلى إعانات رعاية الأطفال للأمهات ربات البيوت، على الحكومة أن تخلق المزيد من مراكز رعاية الأطفال وتيسر عملية طلب تأشيرات لمهاجرين من أصحاب المهارات. وخلف الأبواب المغلقة، لا مفر من التوصل إلى حلول وسط بشأن قضايا مثل الحد الأدنى للأجور أثناء المساومة على مقاعد الحكومة، لكن بمجرد تولي زمام الأمور تحتاج الحكومة لإلقاء نظرة بعيدة المدى. فالعالم بحاجة لاستمرار المعجزة الاقتصادية الألمانية. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©