الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

تغيير شامل في قطاع التجارة

تغيير شامل في قطاع التجارة
8 مارس 2007 23:44
لم يكن أولئك الذين ابتدعوا الإنترنت يتصورون أبداً حتى قبل بضع سنوات أن تحقق هذه الأداة كل هذا النجاح والتطور الذي كتب له أن يغير كافة الأسس المتبعة في التجارة مرة واحدة· وهي تقوم الآن بتخفيض تكاليف إنجاز الصفقات وعمليات التسويق والتوزيع، كما أنها تعيد تشكيل أسس العلاقات بين الشركات وزبائنها· ويمكن القول ببساطة إن شبكة الإنترنت حققت تنافساً أكبر بين المنتجين وعلاقة أوثق وأوسع بين البائعين والزبائن· وقبل حلول عصر الإنترنت، كان جمع المعلومات اللازمة حول أنواع وخصائص وأسعار المنتجات المختلفة، يتطلب هدر الكثير من الوقت· ولكننا نجد الآن أن العديد من الشركات المتخصصة بتقديم الخدمات بدأت بجمع ثروات طائلة من صناعة جديدة تماماً تتلخص بجمع وترتيب وتصنيف كافة المعلومات التي يحتاجها الزبائن والمستهلكون على مواقع الإنترنت· وربما كان الأهم من كل ذلك أن الإنترنت أصبحت أداة مساعدة للمستهلكين للعثور على أفضل العروض التي ينتظرونها· ولقد أصبح من السهل جداً على المستهلكين أن ''يقفزوا'' من أحد مواقع البيع على الخط إلى الآخر من أجل الوقوف على أفضل الأسعار للسلع المطلوبة· وتوجد الآن على الأقل خدمتان متخصصتان مختلفتان تقدمان مقارنات آنية للأسعار لمتسوقي سلع معينة مثل الكتب والأقراص الحاسوبية المدمجة وغيرها· وأصبحت بعض المواقع المتخصصة بالسفر والسياحة تهيئ لزبائنها عبر العالم أجمع عروضاً تشجيعية تحظى بالكثير من الطلب والاهتمام· وأوصلت الإنترنت الأمور إلى حدود أبعد من هذه بكثير عندما عمدت بعض الشركات إلى عكس مفهوم العلاقة بين البائع والمشتري عندما راحت تطلب من المشتري عبر الإنترنت أن يدرج السعر الذي يمكنه دفعه لشراء سيارة أو تذكرة سفر أو أي شيء آخر حتى تعثر له على البائع المناسب· ومن الجدير أن يعترف الإنسان الآن فحسب أنه من المستحيل معرفة آفاق ونتائج هذه التطورات· وذلك بالرغم مما هو مؤكد من أن الإنترنت هي التي ستكون السبب الأول لحدوثها· ومع مرور الوقت، فإن من المؤكد أن البرمجيات الحديثة سوف تتمكن من أتمتة عمليات التسويق المقارنة أكثر وأكثر، وسوف تزداد عملية ''المساومة التجارية الإلكترونية'' سرعة وسهولة· ويوجد الآن موقع واحد على الأقل في الإنترنت متخصص بتحديد الأسعار الآنية للسلع ذات الرواج الكبير بحيث يعرض أسعارها باستمرار وبطريقة إلكترونية تحاكي طريقة عرض أسعار الأسهم والأوراق المالية في البورصات· ولعل الأهم من كل ذلك هو الإشارة إلى أهمية البرنامج الذي يستعد الخبراء لطرحه قريباً، والذي يسمح لبائعي السلعة ذاتها بالتفاوض حول الأسعار مع مئات أو آلاف الزبائن دفعة واحدة· وسوف تسهل الإنترنت أيضاً العلاقة بين المؤسسات والزبائن حتى في الحقول التي تبدو فيها هذه العلاقة معقدة ومتشابكة، كقطاع الخدمات، أو حيث تكون الأسواق صغيرة أو متوزعة على نحو متباعد· فكيف يمكن للزبون مثلاً أن يعثر بسهولة على منتج مستعمل، كسيارة أو حاسوب أو جهاز ستيريو، وبما يتفق وإمكاناته، وفي حدود معينة للسعر؟ وغالباً ما يجد بعض الناس، الراغبين في بيع أو شراء الأشياء النادرة ذات التداول المحدود، صعوبة بالغة في العثور على الزبائن أو البائعين، مثل العاديات أو التجهيزات القديمة أو المقتنيات الشخصية· ولا شك أن هؤلاء بدورهم سيكونون من أكثر المستفيدين من خدمات الإنترنت· وأصبحت عروض البيع بالمزاد العلني عبر الإنترنت تقدم عدداً هائلاً من المعروضات التي لم يكن تقديمها ممكناً على الإطلاق بمثل هذه الكثافة في مراكز البيع التقليدية· كما أصبحت تستأثر بمشاركة المهتمين في العالم أجمع بدلاً من حفنة الناس الذين كانوا يقصدون هذه المراكز من قبل· ويمكن القول بكل ثقة بأن هذه القدرة المتفردة لشبكة الإنترنت العالمية في جمع الناس إلى بعضهم البعض سوف تخلق أسواقاً لا حدود لاتساعها على الإطلاق· وسوف يتمكن بعض التجار الناشطين على الخطّ من تقدير أسعارهم المرنة· ولم تزل الأسعار المرنة تعد ترسيخاً لمبدأ العرض والطلب الذي يُفترض فيه أن يسود الأسواق الطبيعية· وأصبحت معظم مخازن بيع الأجهزة المنزلية والإلكترونية تعلن عن أسعارها التي تضمن أن تكون الأقل على الإطلاق في الأسواق· وسوف يتبنى بعض تجار الإنترنت أسلوب الأسعار المرنة في تجارتهم· والأسعار المرنة ظاهرة سائدة بطبيعة الحال في الأسواق العادية، وحيث تعتمد بعض المخازن سعرين مختلفين لمعظم سلعها المعروضة للبيع، أحدهما هو سعر الجملة، والآخر هو سعر التجزئة· وتهدف هذه الاستراتيجية في آخر المطاف إلى جعل التجار قادرين على وضع الأسعار التي تتفق مع إمكانات الزبائن وقدرتهم على الدفع· وتكاد التقنيات التي يتبناها التجار العاديون تبدو عقيمة بالمقارنة مع تلك التي ستخلقها الإنترنت قريباً، وحيث يمكن للبائعين التعرف على ''الزوار'' الأكثر تردداً على مواقع دكاكينهم القائمة على الخط في شبكة الإنترنت وتزويدهم بالمعلومات الكاملة حول سلعهم وخدماتهم· وإذا تمكن موقع ويب للمخزن الإلكتروني من معرفة حدود أسعار السلعة التي يرغب فيها المستهلك، فسوف يعمل على تأمينها له بالخصائص والأسعار التي تشجعه على شرائها· تغير الأساليب لقد حققت الإنترنت هدفاً رائعاً عندما جمعت المستهلكين ومصنعي الأجهزة والسلع والخدمات على الخط· وهذا يعني انتهاء عصر (السماسرة) الذين كانت تنحصر وظيفتهم بالجمع بين من يبحث عن الشيء ومن يمكنه صنعه· وسوف ينتهي بذلك دور وكالات السفر الوسيطة بين الركاب وشركات الخطوط الجوية بعد أن أصبحت الخدمة الذاتية على مواقع الإنترنت هي الأسرع والأقل تكلفة· وهكذا سوف يتعين على وكلاء السفر في المستقبل أن يقدموا لزبائنهم من الخدمات أكثر بكثير من تذكرة الحجز وحدها، وسيحتاجون إلى تنظيم عروض كاملة ومغرية للسفر السياحي إذا شاءوا تثبيت أقدامهم في الأسواق· ويمكننا أن نتوقع استمرار الطلب على وكالات السفر التي تنظم رحلات ترفيهية بأسعار مشجعة إلى إيطاليا أو أرياف كاليفورنيا· وإذا كنت واحداً من الوسطاء الناجحين، فإن الإنترنت تعد بتقديم خدمات أسرع وبأسعار أقل من التي يمكنك تقديمها، ما من شأنه أن يلغي تماماً دورك الوساطي في إنجاز الصفقات بين المنتج والمستهلك· فما المستقبل الذي تتوقعه لعملك ما دام بالإمكان الاستغناء عنه بضغطات خفيفة على لوحة المفاتيح؟· ولا شك أن كل مخازن التجزئة ستجد نفسها قريباً مرغمة على اعتماد نظام شبكة الإنترنت في تعاملها مع الزبائن حتى تتمكن من تحقيق نسب مبيعات أعلى وبتكاليف أقل· وعندما تلجأ إلى استخدام تكنولوجيا الإنترنت من أجل تحقيق شعار ''بيع أكثر بتكاليف أقل'' فإنك تسهم بذلك في تشجيع الزبائن على اعتماد أسلوب الخدمة الذاتية· كما أنك تقدم لهم بذلك كماً كبيراً من المعلومات لتتلقى بالمقابل الكثير من الطلبات عبر موقعك على الإنترنت مما يسمح لك بتخفيض الأسعار أكثر وأكثر· ولا يقتصر دور الإنترنت على تقديم عروض بيع السلع وحدها إلى الزبائن· ولقد خلقت ''الخدمات الجديدة على الخط'' تحدياً كبيراً للبيوت التقليدية للمضاربة بالأسهم والتي دأبت على تقديم خدماتها للأشخاص مباشرة أو عبر الهاتف· وبعد أن أصبحت معظم البيانات التي تقدمها شركات السمسرة بالأسهم متوفرة مجاناً على الإنترنت لم يعد لهؤلاء أي دور في هذه الخدمات الوسيطة·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©