الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الظنحاني: التشريعات حلت مكان الأعراف في ظل الاتحاد

الظنحاني: التشريعات حلت مكان الأعراف في ظل الاتحاد
3 نوفمبر 2011 19:34
محمد الظنحاني نشأ في بيت مشيخة قبيلة الظناحنة، لذلك وجد نفسه منذ نعومة أظفاره منخرطا في شؤون قبيلته ومساهما في حل نزاعاتها والاهتمام بأمورها، إلى جانب التعاون والتواصل مع القبائل الأخرى، وهكذا عايش محمد مرحلتي ما قبل الاتحاد وبعده، حيث سكنت عائلته منذ القدم دبا، وبنوا فيها حصنا يعتبر إحدى أهم القلاع في الفجيرة، حيث يزيد عمره عن 140 عاما. (الفجيرة) - عندما كان محمد الظنحاني طفلا يتذكر أنه لم يكن يفارق والده أبدا، لأن والده كان يريده أن يتولى أمر قبيلته ويرعى شؤونهم كما كان يفعل، ولذلك عندما كان والده عبدالله يستقبل رجال القبيلة والعشائر المنتشرة في المنطقة، كان يحرص على أن يكون محمد متواجدا، ليرافقه يوميا إلى بقية المناطق التي تحتاج للمتابعة ولتفقد أحوالها وأيضا لفض النزاعات والخلافات، التي تنشب أحيانا في مواسم الزراعة لأسباب بسيطة كموت نعجة أو بعير، حتى لا يختل نظام المودة والتراحم والتكافل. تسليم المسؤوليات عاش محمد مكتفيا ماديا ولم يضطر للبحث عن وظيفة، حيث ورث الثراء وكانت أسرته منذ عهد أجداده مقربة من الأسرة الحاكمة للقبيلة، وذلك لأن رجال الأسرة منذ عهد جدهم كانوا يتولون الكثير من المهام، وينوب الأمير عن حاكم الإمارة في متابعة القضايا، فهو يعطي التعليمات وهم ينفذون ثم يطلعونه على نتائج ما تم. واستمر الحكم في الخلافات والنزاعات التي تقع بين أبناء المنطقة مرتبط بالأعراف القبلية، ورأي أصحاب الحكمة ممن يحترمونهم ويقدرون خبرتهم. غير أن الأمر تبدل عقب إعلان اتحاد الإمارات إلى قوانين وتشريعات تنظم الحياة العامة وتضمن استقرارها، وباتت الفجيرة جزءا من دولة الإمارات العربية المتحدة. إلى ذلك، يقول محمد إن والده عندما كبر في العمر سلم كل المسؤوليات للقضاء والداخلية، خاصة أنه بعد قيام الاتحاد، وضعت التشريعات والقوانين، وأصبح هناك قضاء مستقل ومحاكم ومراكز شرطة توفر الأمن وتحل المشاكل والقضايا، وكل إمارة أصبح فيها من ينوب في حل القضايا وتيسير أمور المواطنين وهكذا حلت القوانين محل الأعراف القبلية. ويضيف “قديما كان لكل قبيلة من يعتد برأيه وهو من يبقى على تواصل مع الحاكم، ولكل قبيلة رئيس منتخب من أفراد القبيلة أو العشيرة، وهو يقدم على الآخرين لعدة أسباب ومنها السمعة والعلم والدين والمال ويكون بمثابة البرلماني المعاصر”. حدث فارق إثر قيام الاتحاد، قام المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه للدولة، بزيارات لكل الإمارات، وفي طريقه إلى الفجيرة قام بالمرور على دبا برفقة المغفور له بإذن الله محمد بن حمد الشرقي، الحاكم السابق لإمارة الفجيرة ، وكان الموكب مكونا من ثلاث طائرات مروحية، وقد تم استقبال الموكب بالرزيف واليولة واللقية، ثم استقل الشيوخ سيارة واتجهوا إلى ساحة الاحتفالات، التي تقع قرب شجرة من السدر يطلق عليها “الملاسّية”، فاختار الشيخ زايد الجلوس إلى السدرة التي عرفت فيما بعد بـ”سدرة زايد” تيمنا بالزيارة الكريمة. ويقول محمد إنه مع زيارة الشيخ زايد للفجيرة جاء الخير للمنطقة حين حث على التعاون والاتحاد، وأن يبدأ كل إنسان في العمل حسب وظيفته بكل جد وأمانة، ولذلك اتجه الأهالي بشكل حماسي نحو العمل والبحث عن الوظائف المناسبة التي توفرت من أجل بناء الوطن، وحث أولياء الأمور أبناءهم على العلم وخاصة تعليم الفتيات اللاتي سيصنعن رجال المستقبل، ومن لم تكمل تعليمها أتيحت لها الفرص عن طريق المراكز الليلية في كل إمارة، ومن أهم المعايير لنجاح الحياة أن يتكاتف أبناء القبيلة الواحدة. ويوضح الظنحاني أن عدد أفراد العشيرة ومناطق نفوذهم وامتدادهم الجغرافي من حيث المراعي والسكن كانت له معايير، ولا يزال الأمر كذلك حتى اليوم، ومن أهم ما يمكن أن يجعل أفرادها على قدر من الاستقرار التصالح والتقارب بين أفراد القبيلة الواحدة وبين أبناء القبائل الأخرى حيث دائما هناك تحالف وعلاقات خارجية، وقديما كانت القبائل تعتمد على الزراعة. قوافل الإبل يقول محمد إن مسيرة دولة الإمارات حافلة بالإنجازات، مشيراً إلى أن الظناحنة قديما وقبل قيام الاتحاد، كانوا ينتجون من المنزل الكثير من المواد الغذائية التي لا تتلف أو تعطب سريعا، ويحملونها إلى المناطق الأخرى كإمارة الشارقة أو دبي للتجارة، ويتذكر أنه كان يخرج في رحلة إلى دبي على ظهور الإبل لمدة 6 أيام مشيا على الأقدام لأن الإبل تكون محملة ثقيلة بسبب البضائع والزاد، وكانت العودة تستغرق ذات المدة، حيث تحمل الإبل بالبضائع التي يشترونها من هناك، أما اليوم فقد أصبح التنقل بالبضائع أسهل بكثير. ويضيف “اختلف الأمر تماما بل أن الآلاف من الأطنان تصل إلى الموانئ القريبة ولم تعد هناك حاجة للسفر لمكان بعيد للحصول على الحاجيات”. ويقول إنه قديما كانت القوافل تحمل معها الأرز والسمك المملح والتمر، حيث يتوقفون في أوقات معينة، ليتم طهي وجبة من الأرز والمالح والتمر ثم يكملون المسير، وكانت تلك الطريق تمر بهم على وادي الفاي وعرق بن حمد وأم النغول، مرورا ببياته وطوي راشد ثم مهذب، وربما يذهبون إلى عجمان، ولا يقل عدد رجال القافلة عن 20 رجلا خوفا من النهب أو السلب أو القتل. ويعتبر محمد نفسه محظوظا حين أدخله والده إلى مدرسة أحد المشايخ، وهو ممن قدموا من اليمن واستقر في دبا، وهو صالح بن محمد اليماني، وكان يدرس معه حوالي 30 طفلا وقد ختم القرآن كاملا. الفجيرة في التاريخ ترك التاريخ الإسلامي جزءا مهما من صفحاته على أرض الفجيرة، وتجسد ذلك في مقابر شهداء الإسلام الأوائل إبان حروب الردة على عهد أبي بكر الصديق، وفي المسجد الأثري الذي خلفه العثمانيون عندما حكموا المنطقة قبل أكثر من أربعمائة عام، أما في الماضي فقد شكلت دبا مركزا تجاريا مهما في عصر الفينيقي، كما كانت جزءا من دولة اليعاربة، وكذلك كانت نقطة وصل بين بلاد فارس وجنوب شبه الجزيرة العربية، وتؤكد المراجع التاريخية الدور الذي لعبته دبا قديما وعلى امتداد العصور المختلفة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©