الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

زعيم إندونيسيا الإصلاحي.. هل يتعلم «فن الممكن»؟

13 مارس 2016 23:06
عندما أصبح «جوكو ويدودو» رئيساً لإندونيسيا قبل 18 شهراً، كان فوزه يرجع لحد كبير لما كان قد وعد به من تغييرات جذرية في البلاد، وهو ما لاقى استجابة شعبية واسعة النطاق في حينه. لكنه عندما استلم مهام منصبه رسمياً، وشرع في تنفيذ أجندته، وجد نفسه وحيداً على القمة. واستفاد «جوكوي»، وهو اسم شهرته، من صعوده الصاروخي من عمدة لمدينة صغيرة، إلى رئيس لثالث أكبر ديمقراطية في العالم، خلال فترة لا تتجاوز العقد من الزمن. لكن هذا الصعود المدوي، لم يترك له سوى عدد محدود من الأصدقاء في الطبقات العليا، وحرمه من امتلاك شبكة وطنية خاصة به، وجعله مديناً بالكثير من الفضل للرعاة السياسيين. وهكذا، فالرجل الذي وعد بإجراء إصلاحات كاسحة ترسخ مبدأ المساءلة، وقيم العمل الشاق بدلاً من قيم الرعاية والمحسوبية، وجد نفسه في نهاية المطاف مضطراً لتخفيض سقف أجندته الطموحة. ومع ذلك، فالمراقبون والمحللون يلمحون إلى أن النهج المعروف بـ«القليل من الإصلاحات يمثل إضافة بحد ذاته»، يبدو نهجاً عملياً لحد كبير، وأن جوكوي بدأ يرسخ أقدامه كزعيم. وضمن هذا النوعية من الإصلاحات الاقتصادية الصغيرة، قيام جوكوي بإلغاء الرسوم الجمركية، ونظام الحصص على السلع الاستهلاكية والمواد الغذائية، وسعيه للحصول على دعم رجال الأعمال بهدف تشجيع النمو، ومساعدة ملايين المواطنين الفقراء. والحماس الذي رافق صعود جوكوي للسلطة أتاح له تحقيق عدد من الإنجازات التي تتحقق لأول مرة في مسيرة البلاد نحو الديمقراطية؛ فجوكوي «أول» رئيس لا يمتلك روابط وصلات قوية بالجيش أو بالنخب المتنفذة في العاصمة جاكرتا. كما أنه «أول» رئيس لا يقود حزبه (الحزب الديمقراطي الإندونيسي للنضال الذي ترأسه ميجاواتي سكوكارنو بوتري الرئيسة السابق). عندما أصبح جوكوي عمدة للعاصمة جاكرتا، كان يعتبر مستجداً نسبياً على المشهد السياسي فيها. وعندما صعد لسدة الرئاسة بعد ذلك بعامين كان لا يعرف أسماء الكثيرين ممن رشحهم الحزب لتولي وظائف كبيرة، ووجد أنه يفتقر إلى النفوذ لمقاومة تلك الترشيحات حتى لو أراد، وهو ما أدى للعديد من مظاهر الشقاق والصراع داخل حزبه. كما يمثل البرلمان شوكة في خاصرة الرئيس «جوكوي»، والذي مازال يتعين عليه تحقيق أغلبية في المجلس التشريعي، مع العلم أن سعيه لتحقيق تلك الأغلبية كان سبباً في عرقلة بعض جهوده الإصلاحية. ومع ذلك، ثمة دلائل على أن جوكوي يقوم الآن بوضع قطار الإصلاحات الأساسية مرة أخرى على القضبان. فمنذ سبتمبر الماضي، تمكن جوكوي من الالتفاف على البرلمان عبر سلسلة من الأوامر التنفيذية الهادفة لإزالة بعض الإجراءات الحمائية التي كان سلفه في الحكم «سوسيلو بامبانج يودويونو» قد وضعها. وبالإضافة لذلك خفف الرئيس الإندونيسي من القيود المفروضة على تملك الأجانب مشروعات في قطاعات مثل الطرق المزودة ببوابات لتحصيل رسوم السير عليها، والمطاعم، والخدمات اللوجستية. وهناك عدد محدود من الوزراء من ذوي العقليات التجارية يساعدون جوكوي على تسويق إصلاحاته. من هؤلاء «توم ليمبونج»، خريج جامعة هارفارد، والذي كان يعمل سابقاً في مجال استثمار الأوراق المالية. ففي الشهر الماضي قال «ليمبونج» للمونيتور: إن الجولة الجديدة من تخفيف القيود التنظيمية التي يتبناها الرئيس قد بدأت للتو. ورغبة جوكوي في استعراض قوة ونفوذ منصبه، مع القيام في نفس الوقت بحشد مجلس الوزراء، بعدد من الوزراء المتشابهين معه في طريقة التفكير، يوحي بأنه قد تعلم أن وظيفته تستحق منه تخصيص المزيد الوقت - كما يقول «يولي اسمارتونو» ناشر النسخة الانجليزية من مجلة «تيبمو». ويقول اسمارتونو أيضاً: «إن الرئيس يعزز قوته، وإن الأشياء قد بدأت في التغير مؤخراً». من المؤكد أن جوكوي مازال يتمتع بشعبية، وأن سجله خال من الفضائح في بلد تعتبر فيه هذه الصفة شيئاً نادراً. في سوق «أناه أبانج» في وسط جاكرتا، يميل المتسوقون وأصحاب منصات البيع، إلى الصبر قليلاً على الرئيس، مؤقتاً على الأقل. يقول «سوريادي»، الذي يقف على الكاونتر في إحدى الصيدليات مشيراً للرئيس: إنه رجل جيد، ولا يزال لديه وقت كي ينجز ما وعد به». *صحفي أميركي مقيم في جاكرتا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©