الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

وزير الري المصري الأسبق: أثيوبيا تخدع لتشيد سد النهضة

28 أكتوبر 2015 19:28

يجتهد المسؤولون المصريون في وزارة الري والموارد المائية لإيجاد حلول حقيقية للكارثة المنتظرة، خاصة بعد انسحاب المكتب الهولندي «دلتارس» المسؤول عن تنفيذ الدراسات الفنية التي تبحث الآثار الجانبية لسد النهضة الأثيوبي على مصر والسودان. الوضع «خطير» ولم تصل لمصر حتى الآن حلول مرضية.

في حوارنا معه، يتأمل الدكتور محمد نصر الدين علام وزير الري الأسبق، الأوضاع باستياء، قائلاً «هناك أزمة وهناك حلول، لكن ما أراه أن الوضع ساكن والسد يكبر خاصة مع بشائر انتهاء الجانب الأثيوبي من بناء المرحلة الأولي، والدولة لن تستطيع توقيف البناء عن طريق المباحثات فقط بل ضرورة اللجوء إلى الحل السياسي، والمقبل أسوأ».

عمل «علام»، أستاذا للهندسة ورئيسا لقسم الري والهيدروليكا بجامعة القاهرة وبعدها أستاذاً بجامعة الملك عبدالعزيز بالمملكة العربية السعودية، ومستشارا للعديد من الهيئات الدولية والعديد من الدول العربية وله خمسة كتب في إدارة الموارد المائية وملف حوض النيل.

بداية، ما رأيكم في تأخر استكمال المفاوضات الأثيوبية &ndash المصرية حول «سد النهضة» وعدم إعلان موعد محدد للجنة الثلاثية حتي الآن؟

ـــ الحديث عن المباحثات أمر «عبثي»، ومفاوضات السد لن تسفر عن شيء، و أثيوبيا تخدع مصر طوال المفاوضات السابقة بحجة اللجان الفنية التي تتولى زمام الأمور، ونحن ننتظر ما ستسفر عنه المفاوضات.

كل ما يقال منذ بدء الإنشاءات في سد النهضة ودخول مصر في مفاوضات ليس صحيح، فهي مجرد «الأوهام» مع الجانب الأثيوبي، فالوفود المصرية التي تسافر تكلف الدولة مصاريف ذهاباً وعودة ويقومون بالتقاط الصور التذكارية بجوار جسم السد فقط.

ماذا تقصد بأنه «عبثي».. وماذا تم منذ عام 2011 من وجهة نظركم؟ ـــ طوال 4 سنوات ونصف منذ البدء في إنشاء سد النهضة، مصر تبحث عن مكتب استشاري لبحث تلك الأزمة لبيان وجود ضرر على مصر من إنشاؤه أم لا، في حين أن أثيوبيا ماضية في بناء السد ووصلت الإنشاءات فيه لنسبة 50% وسيتم الانتهاء منه في عام 2017، مما سيتسبب فى نقص المياه عن مصر بنسبة تصل إلى 5 مليار متر مكعب.

وماذا لو تم تشغيل السد قبل الوصول الي اتفاقية تحمي مصالح الدولة المصرية وأمنها المائي ؟

ـــ بالطبع، الكوارث ستحل على مصر عقب تشغيل سد النهضة وهى توقف أكثر من نصف طاقة السد العالي، وتوقف مصنع الألومنيوم بقنا وانقطاع كامل للكهرباء بالصعيد، وتبوير 3 مليون فدان، إضافة إلى انخفاض منسوب المياه الجوفية وتوقف محطات المياه بالصعيد وانكشاف بعضها لعدم وصول مياه لها من الأصل.

كما أن السد سيضرب السياحة النيلية خاصة في محافظات الصعيد، والتي هي مريضة في الأصل منذ فترة، إضافة إلى انخفاض مياه المصارف والترع الخاصة بالري، مما يؤدي إلى انخفاض المياه في البحيرات مما يتسبب في نفوق الأسماك في المحافظات الشمالية، وخسائر جمة بالمزراع علي طريق الإسكندرية الصحراوي.

وهل الدولة المصرية لا تعلم بتلك المخاطر حتى الآن؟

ــ الدولة حتى الآن لا تعترف بالفشل في مواجهة تلك الأزمة وتصارح الشعب، وتبين أمام العالم الخطط لمواجهة تلك الكوارث، فالرئيس السيسي مد يده لأكثر من مرة لحل تلك الأزمة ودياً لكن الأطراف الأخرى لا تستجيب. لذلك، فإنني أرى فشل المباحثات والرئيس بدأ الإحساس بأن الاستراتيجية خاطئة وغياب الرؤية الشاملة وأنا صرحت بفشل المباحثات الثلاثية منذ يناير 2014.

برأيكم..ما أسباب فشل مسار المباحثات الثلاثية مصر-السودان-أثيوبيا؟

ـــ لعدة أسباب منها، أن الجانب المصري المتمثل في الوزير الحالي قد تنازل عن وجود أعضاء أجانب دوليين كحكام في اللجنة مما أفقدها صاحب القرار، وأصبحت اللجنة بدون حكم دولي وأصبح القرار للدول الثلاث ويقلل آثاره بشكل أو بآخر.

أما السبب الثاني، فهو إعلان المبادئ في الخرطوم الذي وقعه الرئيس ولم ينص على حصة مصر المائية وينص علي عدم الضرر المصري، لكن كيف ولا يوجد مرجعية لقياس الضرر من السد، وما هو استخدام الأمثل للبلدين.

أما السبب الثالث فهي السذاجة، بأننا نتوقع بان توقع أثيوبيا تقريرا بأن السد يضر مصر مما يدينها أمام العالم. أما السبب الرابع، فيخص الدراسات التي تطالب الدول ببيانات تفصيلية عن الاستخدامات المائية لدول السودان ومصر وأثيوبيا، ومصر ترفض لأنها معلومات تخص الأمن القومي، والشركة الاستشارية حتي الآن لم تستطع الحصول علي معلومات.

وما هي الطريقة المثلى للحل بوجهة نظركم..ما دامت المباحثات على مائدة المفاوضات فاشلة ؟

ــ الحل السياسي ضروري، فالحكومات المتعاقبة تتصرف بعشوائية وعلى الدولة اتخاذ جميع السبل لمواجهة تلك الكارثة من خلال اللجوء إلى مكتب استشاري حقيقي، ويتم توقف العمل في إنشاءات السد، وأن تبين النية السليمة من قبل الجانب الأثيوبي عن عدم وجود أضرار على مصر، على أن نتحمل تكاليف التأخير، وإذا ثبت وجود أضرار يتم التوقف نهائياً عن عملية الإنشاءات.

الموقف صعب بعد حضور إعلان المبادئ والاعتراف بوجود السد، ونحتاج إلى فترة زمنية بين كل مرحلة للقياس وتعديل المسار وضرورة الإخطار. بالفعل، نريد التعاون مع السودان وأثيوبيا من أجل مشروعات تنموية تفيد الجميع. فنهر النيل يتميز بمشاريع «استقطاب الفوائض» المائية 20 مليار متر مكعب تفيد الجميع.

هل دولة السودان في صفنا.. وهل الحكومة تثق في نوايا أثيوبيا؟

ــ السودان تقف بجانب مصالحها أولا، وأرى أن حكومة الإنقاذ بالسودان على المستوى القريب مع أثيوبيا وعلى المستوى البعيد مصر. بالطبع، لن تستطيع الاستغناء عن العلاقات الافريقية المصرية، والسودان تعتبر "حلايب" و"شلاتين" الكارت الخاص بها مثلما تعتبر أثيوبيا «سد النهضة» كارتها الخاص.

فالقلاقل في منطقة "حلايب" و"شلاتين" منذ 1958 في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر.

هل تقف دول معادية للقاهرة بجانب مشروعات اثيوبية تضر بالمصالح المصرية؟

ــ كل عوامل الترجيح العقلي تفتح المجال للشط بصورة كبيرة لكن ليس معي دلائل ووثائق ولكنها قراءات وتحليلات، سواء من دول في الإقليم أو دول كبرى أو دول في نزاع استراتيجي وتقوم بالتمويل أو بالدعم بالسلاح.

هل اللوم كله على عاتق أثيوبيا أم على المفاوض المصري أيضا؟

أثيوبيا تريد مراعاة أحلامها ومصالحها، ويجب أن نلوم أنفسنا والقيام باستراتيجية مضادة وشفافية، فهي تقوم باستغلال الوضع، واستحالة أن تقدم اثيوبيا تنازلات.

وماذا في حالة رفض أثيوبيا وقف عملية الإنشاءات رغم الضرر على مصر؟

ــ وجب علينا عمل لجنة إقليمية دولية للفصل في تلك المشكلة ومنها سنتوجه إلى مجلس الأمن للتحكيم بيننا. وفي تلك الحالة، تكون الصورة واضحة المعالم أمام العالم أجمع، حتي يظهر للجميع أن أثيوبيا دولة متعنتة ومتمردة، وهذا يتيح لنا التحرك الدولي.

وإن لم ينصفنا مجلس الأمن يكفينا أننا كشفنا أمام العالم أن مصر تتعرض لخطر كارثي وسيأتي أجيال من بعد ذلك يتخذون كل السبل لمواجهة ذلك الخطر، وأن وصل بهم الأمر إلى الحرب للدفاع عن الأرض والعرض كما حدث في سيناء.

ومن مصلحة الجميع الاستقرار في المنطقة. فإذا ما نشب نزاع بسبب المياه في أفريقا، فإن هذا يهدد الدول الكبرى.. يهدد مصالح البترول.. والإرهاب في ليبيا.. وخطف السفن في البحار.. وانتشار ظاهرة اللاجئين والهجرة غير الشرعية لأوروبا.

نعلم جميعا أن مصر لديها من الحقوق والوثائق التاريخية التي تؤيد حقها في المياه؟

ــ بالطبع، مصر منذ 7000 عام لم يستطع أحد من كل المحتلين الذين أغاروا عليها أن يأخذ نقطة مياه واحدة منها. ومنذ 1902 مرورا باتفاقية 1959، تحصل مصر 55.5 مليار متر مكعب من المياه سنويا، بينما يحصل السودان على 18.5 مليار متر مكعب وحتى بداية الأزمة في مايو 2010 عندما قررت 6 من دول منابع النهر التوقيع في مدينة عنتيبي الأوغندية على معاهدة جديدة لاقتسام موارده، ومنحت القاهرة والخرطوم مهلة عام واحد للانضمام إلى المعاهدة.

ورفضت مصر والسودان التوقيع على اتفاقية عنتيبي التي تنص على أن التعاون بين دول مبادرة حوض النيل يعتمد على الاستخدام المنصف والمعقول للدول..

ماذا لو انهار سد النهضة خلال إحدي مراحله الثلاثة أثناء عمليات الإنشاء؟

ــ فرص انهيار سد النهضة بسبب ظروف التربة «ضعيفه جدا» وتكاد تكون منعدمة في ظل التطور الهندسي. ولو انهار السد لسبب أو لآخر، فلن تتأثر أثيوبيا بنقطة مياه واحدة، لوجود السد على الحدود، بينما أثيوبيا كلها تقع أعلى السد.

المتضرر الأكبر من انهيار السد هو السودان، تليها مصر، حيث سيؤدي الانهيار إلى اختفاء جميع السدود السودانية ومدينة أم درمان والخرطوم ومنطقة الجزيرة. وإذا كان السد العالي ممتلئا بالمياه، سيؤدي ذلك إلى خسائر مصرية جسيمة.

الكثير من خبراء المياه في مصر يشتكون من السد الأوغندي أيضا.. رأيكم؟

ــ حجم المياه المقرر أن يخزنها سد «كاروما» الأوغندي لن يزيد على 2 مليار متر مكعب، ولا يشكل خطورة على تدفقات المياه لمصر، فالسدود الأوغندية تعتمد بشكل كبير في توليد الطاقة الكهربائية على التدفقات المائية وسرعة جريان النهر وليس على التخزين.

لماذا تعاني مصر ظاهرة الانفصام المائي؟

ــ سؤال جيد، نحن نعاني بنقص في الموارد المائية ومياه الشرب في بعض المناطق وتردي نوعية المياة وانخفاض في منسوب مياه الترع، بينما المفارقات أن المنتجعات ورش الشوارع وملاعب الجولف تتمتع بكميات هائلة من المياه، فالفدان في الجولف يروي بكمية 20 ألف متر مكعب في العام، وأيضا نعاني انخفاض مياه الواحات.

في مقالة نسبت إليك.. تحدثت عن فقر الدراسات بمشروع الرئيس الجديد «المليون ونصف المليون فدان»؟

ــ بالفعل في مقالتين بعنوان «الرؤية المائية والوعي الغائب» و«فتاوي الدراسات الزراعية»، تكلمت عن ضرورة الشفافية الخاصة بالدراسات القومية الخاصة بموارد المياه لري الأفدنة الجديدة. ورد عليً الرئيس عبدالفتاح السيسي ملمحاً في خطابه الأخير قائلاً «رسالة لمن يسأل عن الدراسات.. أطمئنه لدينا الدراسات».

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©