الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

شيخة الناخي.. أول كاتبة قصة في الإمارات

شيخة الناخي.. أول كاتبة قصة في الإمارات
13 مارس 2016 22:57
أزهار البياتي (الشارقة) شيخة الناخي كاتبة وقاصة وأديبة.. معلمة تربوية ومربية أجيال.. ابنة بارة وزوجة وأم، تربينا على لغتها الجميلة وصورها التعبيرية المؤثرة، كيف لا وهي رائدة الأدب النسائي في الإمارات منذ مطلع السبعينيات من العصر الماضي، متصدّرة ولسنوات طويلة المشهد الإبداعي، منحازة ومنذ بداياتها إلى المرأة ومنتصرة لقضاياها، متحدثة بصوتها ومعبّرة عن همومها وشجونها، لتنقل أجزاءً من طموحاتها وأحلامها، رسمت من خلاله بالحبر والورق حروفاً ناطقة، متأملة، وحالمة على الدوام. أسرة مثقّفة ولعل المتابع لمشوار هذه القاصة المتميّزة بلغتها ونصوصها الأدبية، سوف يكتشف بلا شك كيف أنها نهلت أولى قطرات نداها الأدبي والعلمي من عمق شخص والدها المرحوم الشاعر الإماراتي مبارك سيف الناخي، والذي كان يعد واحداً من أهم رجالات العلم والأدب والدين في عصره وأوانه، مترعرعة بين ربوع الشارقة وفي كنف أسرة مثقّفة، متطلعّة، ومتدينّة، كان لها بالغ الأثر في طبع شخصها وتوسيع مداركها وإثراء خيالها، معاصرة حقبة السبعينيات والتي تعد زمن التحولات السياسية والاجتماعية في كامل الخليج والوطن العربي. وهي تشير إلى سنوات النشأة والصبا باعتزاز وحب، قائلة: تربيت في وسط إبداعي حاضن، وحظيت بتوفيق من الله بزاد أدبي ومعرفي زاخر، أثّر في تكويني وأسهم في بناء شخصيتي، كان الفضل فيه لوالدي رحمه الله، والذي شجعنا دوما على الاستزادة من الروافد العلمية والأدبية، وحفزنا على القراءة المبكرة، مما حولنّي لقارئة نهمة، واستفّز فضولي المعرفي وشغفي المطرد لاستكشاف كنوز الأدب العربي وسبر أغواره». هموم المرأة ومنذ كتابها الأول «الرحيل» وما تلاه بعد ذلك من مؤلفات ومجموعات قصصية «رياح الشمال»، «العزف على أوتار الفرح»، طرحت الناخي جوانباً من هموم ومعاناة المرأة الإماراتية ومحيطها الاجتماعي في البيئة المحلية، لملامسة أعراف مجتمعية سائدة، تتعلق بقضايا شتى منها الطلاق وغلاء المهور وظاهرة الزواج من الأجنبيات مع طبيعة الأسرة والحياة آنذاك، متناولة ووفق هذا السياق العديد من الأوضاع والظواهر الاجتماعية، ملقية الضوء على أوجه من التحولات الحضارية والاقتصادية والسياسية التي أثرت على الفرد والمجتمع، وهي تصف هذه الأطروحات المتعددة، موضحة: «أنا ابنة بيئتي ومجتمعي، أتعايش مع محيطي وأتفاعل مع تفاصيله، وما أحمله من مشاعر جيّاشة وإحساس مرهّف يدفعني عادة إلى التأثر بمن حولي والتعاطف مع صورهم الإنسانية، فأستشعر أجزاءً من همومهم وأتبنى بعضاً من قضاياهم، لأنتقي نساء حكاياتي بتأمل وتحليل، وأعرض تجاربهن بعمق وحميمية، موظفة روافد من فضولي، إنصاتي، ومشاهداتي، مع شيء من رؤاي وخيالي، بحيث أنسج منها جميعا خيوطا وخامات لشخوصي وبطلات قصصي وبنات أفكاري». حب الوطن لم تقتصر سنوات شباب الناخي على الكتابة والإبداع الأدبي فقط، بل جمعت وبكل حرفية بينه وبين العمل في الحقل التربوي، مستثمرة جهود ما يفوق الـ25 عاماً من عمرها قضتهم بكل صبر وجلد في إذكاء القطاع التعليمي مع بداية قيام الدولة، لتساهم وبمنتهى الفاعلية بعجلة نموه وتطويره، مسكونة بهاجس حب الوطن وشغف الانتماء إليه، متدرّجة بسلمها الوظيفي من طور المعلمة إلى منصب الوكيلة ثم الناظرة ومربية الأجيال، مهتمة بشؤون تلميذاتها ودافعة إياهن نحو مراتب العلا وتحقيق الآمال والنجاحات، وهي تصف تلك المحطة المهمة من حياتها، قائلة: كنت أرغب بشدة في القيام بدور فاعل في مراحل البناء والتأسيس القائمة في وطني، وأردت أن أكون جزءاً من نهضته ورقيّه، وأن أسهم بالحراك التعليمي الدائر آنذاك، مهتمة بتعليم وتخريج أجيال جديدة، مثقفة، وواعية من فتيات الإمارات، من الطامحات اللواتي أثبتن جدارتهن في السنوات اللاحقة وفي مختلف المجالات. تحديات وصعوبات كما تعبّر عن بعض ما واجهته من تحديات وصعوبات في مراحل مختلفة من مشوار الحياة، فتقول: «واجهتني العديد من الصعوبات والتحديات على المستويين الشخصي والمهني في بداية مشواري، فلم يكن طريقي معبّداً بالورود، إذ كان لابد لي من إثبات ذاتي وفرض موهبتي وطموحي كي أصل للغاية التي أرتجيها، فأنا في النهاية وليدة مجتمع محافظ، متمسك بالعادات والتقاليد والأعراف، وتختبئ فيه المرأة خلف ستار، لذا كان خروجي إلى معترك الساحة الأدبية فيه جرأة وتحد كبيرين، ولكن أحلامي وطموحاتي كانت أكبر وأقوى، تحركني أفكاري وقناعاتي، وتدفعني لأتحدث بصوت عال عن خلجات بنات جنسي وبعض من قيود مجتمعي، لأنقل شيئاً من هواجس، هموم، وأحلام الكثيرات منهن، فأرتقي معهن بسبل العيش الكريم، ونتحرر معاً من الممارسات المجتمعية الخاطئة التي كانت تعكر صفو الحياة، متنعمين بدعم قيادة رشيدة، ووطن طامح يمد يده للنساء ويحثهن على المشاركة في عملية البناء وصنع القرار». مساندة الأهل تقول شيخة الناخي: «على الرغم من البدايات الصعبة، ومشقة التوفيق ما بين متطلباتي المهنية وواجباتي الأسرية، إلا أن المؤازرة والمساندة التي حظيت بها من أفراد عائلتي وعلى وجه خاص من زوجي ورفيق دربي سالم حمد الشامسي، أول أمين عام للمجلس الوطني الاتحادي، وولدي الوحيد «خالد»، شكلت عندي دافعا أكبر وشدت من عزيمتي وحمستني أكثر على المثابرة والاستمرار، كون من حولي هيئوا لي مساحة كبيرة من الحرية لأكتب وأنتج وأتنفس نفحات الإبداع، ومنحوني دعمهم اللامشروط بمنتهى الثقة والإيمان». باكورة أعمالها تشير شيخة الناخي، قائلة: من خلال معايشتي لكل هذه الأجواء الثقافية، استأنفت بداية رحلتي مع مشوار الكتابة والتأليف، وتلمست أول قطرات غيث عشقي لمفردات اللغة العربية، بكل ما تحمله من ثراء وعمق وتعابير غاية في الغنى والجمال، حمستني لكتابة باكورة أعمالي، وأول انتاجي الأدبي في عام 1970، قصة «الرحيل» التي تعد مصدر فخري واعتزازي، حيث شاركت عبرها بمسابقة نظمتها وزارة الشباب آنذاك لتشجيع الأقلام الناشئة، وحصدت حينها جائزتي الأولى في مجال كتابة القصص والتأليف. جوائز وتكريمات لم تقتصر مساهمات شيخة الناخي على مجالات الكتابة والأدب وقطاع التعليم، بل كانت ولا تزال صوتاً نسائياً حراً ومعبّراً عن أهمية دور المرأة كشريك فاعل في المشهد الثقافي والاجتماعي والسياسي في الإمارات، مستحقة وبجدارة العديد من الألقاب والجوائز المهمة منها جائزة الشيخ خليفة بن زايد للمعلم 1997، وجائزة الشارقة للتميّز التربوي، بالإضافة إلى تكريمات أخرى من اتحاد كتاب الإمارات، لتأتي أخيراً وليس آخرا مكرمة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي ، رعاه الله، لجهود شيخة مبارك سيف الناخي كأول كاتبة قصة ضمن الـ 44 شخصية المكرمة من أوائل الإمارات لعام 2015، لتضيف مزيداً من الفخر والألق على مسيرتها المشهودة، معليّة شأن المرأة ومكانتها في دولة الإمارات.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©