السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هل تنازل أوباما عن الزعامة؟

3 فبراير 2014 00:58
كان عام 2013 هو العام الأسوأ لأوباما منذ رئاسته في عام 2009 كأول رئيس غير أبيض من بين أربعة وأربعين رئيساً تعاقبوا على زعامة الولايات المتحدة. وخطاب أوباما عن حالة الاتحاد في يناير 2014، وهو خامس خطاب حالة اتحاد يلقيه، يركز على شؤون وهموم وأولويات الداخل والعلاقة مع الكونجرس. وخطابه هذا أتى بعد تراجع شعبيته بسبب سلسلة الإخفاقات. وحسب الدستور يقدم الرئيس للكونجرس حالة الاتحاد منذ عام 1790. وكان الخطاب يُرسل للكونجرس. ولكن منذ عام 1913 كان الرئيس ودرو ويلسون هو أول رئيس يلقي خطاباً في الكونجرس عن حالة الاتحاد. وخطاب حالة الاتحاد خطابٌ دعائي يخاطب الرئيس من خلاله الشعب الأميركي مباشرة ويُقدم فيه أبرز إنجازاته خلال عام مضى وخططه وأولوياته لعام قادم... ويُلقيه في جلسة مشتركة لمجلسي الكونجرس -النواب والشيوخ- بحضور الوزراء وقضاة المحكمة العليا وضيوف مدعوين والسلك الدبلوماسي المعتمد في واشنطن.‏? ? وكان خطاب حالة الاتحاد هذا العام باهتاً ومكرراً وبلا جديد. وعلى رغم مقاطعته من قبل النواب وأعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين بالتصفيق على الأقل عشرات المرات. إلا أنه كان من خطب حالة الاتحاد الأقل متابعة واهتماماً من قبل الناخبين والمشاهدين الأميركيين (33,5 مليون مشاهد). بل كان الأقل متابعة منذ خطاب حالة الاتحاد الذي ألقاه بيل كلينتون في عام 2000. وقد اختصر أوباما رسالته بجملة مهمة وردت في بداية خطابه لخص فيها هدفه حين قال: «لنجعل هذا العام عام عمل. ما يريده الأميركيون من كل منا في هذا المجلس هو أن نسعى جميعاً لتحسين حياتهم وتحقيق أحلامهم وطموحهم!». وقد ألقى أوباما الخطاب وهو في وضع أضعف، حيث إنه متراجع ومثخن بجراح داخلية في صراعه مع الكونجرس حول برنامج الرعاية والتأمين الصحي الذي يعتبره أهم إنجازاته، بينما يستغل الجمهوريون التخبط حوله ككعب أخيل للرئيس يمكن أن يدفع حزبه لخسارة الأغلبية في مجلس الشيوخ، وحتى بعض المقاعد في مجلس النواب، بحيث يحافظ الحزب الجمهوري على أغلبية المقاعد فيه. كما افتقر الخطاب لبعد استراتيجي وخاصة في السياسة الخارجية. ولم يكن مطمْئِناً للحلفاء والأصدقاء، وخاصة القلقين والمنزعجين والمستائين من التجسس والتنصت عليهم! وكرر في الخطاب مبدأه القاضي برفع اليد والتراجع وعدم خوض حروب مكلفة وباهظة! لأن الدبلوماسية عنده هي الحل لجميع مشاكل وأزمات العالم وخاصة في منطقتنا! ولكنها لم تنجح! مع أن أوباما قدم التنازل عن كيماوي النظام السوري، ووقف برنامج إيران النووي لأول مرة منذ عقد، كمثالين لنجاح دبلوماسيته! ولكن ماذا عن المجازر والقتل والدمار وتمدد الحرب الأهلية والطائفية من بيروت إلى بغداد، انطلاقاً من سوريا وحروبها الدامية والمؤلمة؟ وماذا عن طمأنة حلفاء واشنطن في الخليج عن الصفقة الكبرى مع إيران، والثمن الذي ستقبضه للنووي؟! بل إن أوباما هدد الكونجرس، في سابقة، باستخدام «الفيتو» ضد أي مشروع عقوبات على إيران أثناء فترة التفاوض حول برنامجها النووي الذي قد يمتد لعام! أوباما يدافع ويحمي إيران! يا إلهي كيف تتغير السياسة وتتبدل! ولم يتطرق أوباما لخيبة أمل السوريين، سوى بسطر واحد لا يسمن ولا يغني من جوع، في مواجهة واحدة من أكثر المآسي المعاصرة التي كان يفترض أن تستحوذ على اهتمام أكبر، على رغم تفاقم المجازر وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. وآخرها اتهام منظمة «هيومان رايتس ووتش» وتقديم أشرطة فيديو تثبت تدميراً منهجياً للأحياء والمناطق في ضواحي دمشق وحمص وحلب.. وبعد الكشف عن صور مهربة من رجل أمن سوري انشق وقدمها لمحققين دوليين محايدين تؤكد استخدام سياسة ممنهجة تستهدف المدنيين الأبرياء، وأساليب منهجية للتعذيب والقتل بحق ما لا يقل عن 11 ألف مدني! ولذلك فقد طالب وفد الائتلاف السوري المفاوض في جنيف بإحالة الأسد ومسؤولين في نظامه إلى محكمة الجنايات الدولية لارتكابهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. ولكن أوباما لم يوجه أي إنذار أو حتى طلب أو مناشدة للنظام السوري بوقف حربه وإبادة شعبه! بل اكتفى الرئيس الأميركي بالتأكيد للسوريين الذين يموتون جوعاً وقهراً وحصاراً وقصفاً أننا «سنستمر في العمل مع المجتمع الدولي ليكون بمستطاع السوريين العيش في المستقبل بلا ديكتاتورية وإرهاب وخوف ورعب!» ولكن كيف سيحقق ذلك بالدبلوماسية؟! حظاً سعيداً للسوريين المساكين. أما «القاعدة» التي ادعى الرئيس المرشح أوباما قبل عام ونصف في حملته الانتخابية وخاصة بعد اغتيال بن لادن أنه قد «قصم ظهرها»، فقد أكد أنه سيستمر في تعقبها بعد «تصفية قيادتها ووضعها على طريق الهزيمة»! كيف ذلك، و«القاعدة» تتمدد من أفغانستان إلى مالي في أفريقيا، وكذلك تنشط في سوريا وتغير دينامكية الحرب فيها، وفي لبنان تسعّر حرباً أهلية مع «حزب الله»، وتدفع العراق لينزلق في حرب أهلية، وكذلك يتفاق ولم يذكر أوباما حتى بكلمة واحدة مصر أكبر دولة عربية على رغم كل الأحداث المهمة فيها، ولم يتطرق أو يأتِ على ذكر «الربيع العربي» وما قيل عن الحريات والديمقراطية ومحاربة الطغاة! ولا التصدي للدول المارقة، كما حذر وهدد وتوعد بوش في خطاب حالة الاتحاد في عام 2005! وتعهد بدعم يهودية إسرائيل وحلم الفلسطينيين للعيش بكرامة. كيف؟! واضح أن أميركا اليوم باتت متراجعة ومنكفئة. وأوباما كقائد أعلى للقوات المسلحة كما ذكر لا يريد أن يُقحم القوات الأميركية في معارك وحروب خارجية ما لم يكن ذلك ضرورياً للغاية، وقال: «لن أسمح بإقحام قواتنا المسلحة في حروب بلا أفق»! (العراق وأفغانستان) وهذا ما يؤكده أصلاً مبدأ أوباما القائم على الدبلوماسية مع الضغط. ولعل المثال السوري يظهر حالة الدبلوماسية النشطة مع التهديد بالقوة لانتزاع وتجريد نظام الأسد من ترسانته من السلاح الكيماوي. ولذلك لا حروب طويلة بلا أفق ومكلفة كحربي العراق وأفغانستان، فتلك السياسات صارت من الماضي! وهذا يؤكد ما كتبته في «الاتحاد» من أنه لا حروب مستقبلية في عهد أوباما وأنه هو آخر قياصرة أميركا. د. عبدالله خليفة الشايجي رئيس قسم العلوم السياسية - جامعة الكويت
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©