الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

موت المؤلف!

17 فبراير 2017 22:19
كم مرة مات المؤلف وعقله؟ لا أدري، ولكن أشهر من قتله هو الناقد الفرنسي «رولان بارت» الذي أعلن انتهاء العلاقة بينه وبين النص. الآن بعدما تأكدت فكرة المؤلف الآلي «الروبوت» بدأنا نتذكر الفكرة والموت هذه المرة أكبر. تقول لنفسك.. ربما لم يخطر ببال أحد، بما في ذلك بارت نفسه، أن المؤلف سينتهي لصالحه أو أن الأقرب هو موت المؤلف الآدمي بوجود المؤلف الآلة. والأكثر من ذلك أن موت المؤلف بشحمه ولحمه وهمومه ومزاجه وتجربته ورؤيته وتاريخه وثقافته وغيرها من الكوابيس المرعبة بالنسبة للنقد الثقافي، ربما كان أكثر كارثية عندما يموت كل شيء، بما في ذلك الأجناس الإبداعية التي ابتكرها البشر. هل نلتقي في نهاية المطاف بمخاوف «ميلان كونديرا» المسعور من أجل الرواية المكتوبة إنسانيا «وأنه لن يبقى سوى ثرثرة لا نهاية لها لمحبي الخربشة» مؤبنة زمن «ما بعد تاريخ الرواية». أسئلة كثيرة تبادرت إلى ذهني أثناء قراءة تحقيق جميل للأخ الصديق د. محمد سبيل في صحيفة البيان أعيد صياغته ما مصير عقل الإنسان لو تمكن الروبوت من إنتاج الأدب؟ سؤال يبدو قريباً من نعي كونديرا للرواية، خاصة أن ما سيحل بالرواية البشرية سببه أن العالم لن يعود عالمها في الموعد إياه. استشرافيون هم المفكرون، وإن لم تتطابق آراؤهم حول الميت من الحي، هل هو المؤلف أم النص أم الجنس الأدبي أو.. لكنْ هؤلاء الموالون للثقافة بوجه عام رحلوا وتركوا وراءهم إرثاً من أسئلتها القلقة. تركوه لكتاب ومبدعي هذا اليوم. استوقفتني إجابتان كماشتان حول مستقبل الإبداع الإنساني مقابل إبداع يستخدم الذكاء الاصطناعي، إحداهما للروائية المبدعة «إيمان اليوسف»، والبرهنة على أن الإبداع لا يمكن أتمتته، والأخرى للمبدع الشاعر والكاتب «عبد الله السبب» فيه التحسس من الشراكة، ورفضها في إطارها القائم على الافتقار إلى مفاهيم أساسية كروح النص وسطوة الخيال. الآلة في حياتنا نعمة، تقوم بأعمالنا المنزلية، تبيع، ترقص وتغني، تقوم بعمليات جراحية، وتعمل في الصحافة، تقود سيارة وطائرة، وتيسر التواصل. وهي على مر العصور تؤرخ لمراحل مهمة في حياتنا نخضع خلالها لجملة من المتغيرات الاقتصادية الاجتماعية لا يستثنى منها الإبداع والثقافة. لكن كم يخيفك تحول الإبداع نحو مفاهيم أخرى ذات علاقة حميمة بالاقتصاد مثلًا، كأن يصمم الإنسان آلة تنتج إبداعاً تجارياً، حينها أتصور أن الروبوت سيكون ممتناً لعقل الإنسان الذي اخترعه وتميز عنه بأن لا مثيل له. موت المؤلف وعقله مجازي لا تستطيع النزعات الاقتصادية تحويله إلى واقع.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©