الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كابوس رواندا الجديد

3 فبراير 2014 00:57
اغتيال باتريك كاريجيا لم يكن مفاجئاً؛ ذلك أن علاقات هذا الجاسوس الرواندي السابق الذي كانت شبكة عملائه تغطي نصف القارة ذات يوم، ساءت مع الرئيس بول كاجامي في 2007؛ وبعدها راح يسهم في تأسيس المعارضة التي اتخذت من جنوب أفريقيا مقراً لها. لكن، ومثلما تشير إلى ذلك منظمات حقوق الإنسان، فإن معدل البقاء على قيد الحياة بين المعارضين الروانديين ليس مرتفعاً. فالبلد الذي يربطه الكثيرون في الغرب بالتعافي الشجاع من الإبادة الجماعية في التسعينيات، تحول إلى دولة سلطوية لا تتسامح مع المعارضة. وفي هذا الصدد، يقول فيليب رينتجينز، وهو مرجع أكاديمي مختص في رواندا، إن هذا البلد الواقع وسط أفريقيا لم يعد «دولة لديها جيش، وإنما جيش لديه دولة». إنه تحول محزن يبعث على الكآبة، رغم أنه كان من المستبعد ازدهار تعددية حقيقية في هذا البلد، حيث تسيطر أقلية عرقية تمثل 15 في المئة من عدد السكان على مقاليد الحكم. بيد أن المفاجئ هو الطريقة التي اغتيل بها كاريجيا. فقد عُثر على جثته مخنوقاً في غرفة فندق في جوهانسبرج في الأول من يناير الجاري؛ وكان لافتاً أن القتلة لم يكلفوا أنفسهم عناء «تنظيف» مسرح الجريمة: حيث تركوا الحبل وفوطة ملطخة بالدم وراءهم، إضافة إلى إشارة «المرجو عدم الإزعاج» على مقبض الباب. «إنها حصانة كاجامي»، يقول ثيوجين روداسينجو، وهو سفير رواندي سابق في الولايات المتحدة وأحد قادة المعارضة الرواندية في المنفى، في حوار معه: «إنه لم يعد يبالي لأن لا أحد حاسبه من قبل، فلماذا عليه أن يكترث الآن؟». كاجامي نفى تورطه في الاغتيال، لكنه كان قد صرح خلال اجتماع مؤخراً في العاصمة الرواندية قائلا: «لا يمكنك أن تتوقع خيانة بلدك والإفلات من العقاب». وباستثناء بيان قصير للشرطة الجنوب أفريقية يشير إلى الخنق، فإن ظروف اغتيال كاريجيا ما زالت غامضة. لكن لا أحد لديه مصلحة في رؤية كاريجيا ميتاً أكثر من كاجامي؛ ذلك أن مهمة كاريجيا تحت إمرة كاجامي كانت تشمل تصفية الأعداء، ما يعني أن كاريجيا كان يعرف الكثير من المعلومات الحساسة. وفي هذا السياق، قال بريان آندلس، من جامعة لويولا في مقابلة معه بعيد الإعلان عن خبر الاغتيال: «لقد كان من الواضح جداً للجميع طبيعة مهمة كاريجيا»، مضيفاً: «إنه لم يكن يشعر بالخجل من هذه المسألة؛ حيث كان يتولى أمر المعارضين بأي طريقة بغيضة يقتضيها الأمر». فعندما كان يتم اعتبار شخص ما مشكلة خارج رواندا، كانت مهمة كاريجيا تتمثل في التخلص منه. وإذا كانت «المشاكل» التي يُفترض أن كاريجيا كان ينحيها بإيعاز من كاجامي غير معروفة، فإن آندلس وآخرين يقدرون أن العدد يتألف من رقمين ويشمل وزير الداخلية السابق سيث سانداشونجا الذي أُطلقت عليه النار وسط حركة المرور في نيروبي. مثل هذه المعلومات يعرفها الداني والقاصي في رواندا؛ حيث يقول روداسينجوا إنه عندما يدخل نزيزا الغرفة، ترتعد فرائص الحاضرين. لكن اغتيال كاريجيا هو أكثر من إسكات لخائن ممكن، لأنه يبعث برسالة إلى المعارضة الرواندية وإلى المواطنين العاديين مؤداها أنه إذا كان يمكن تصفية شخص قوي وغني وداهية مثل كاريجيا، فما بالك بمواطن عادي. ومن جانبهما، تشهد منظمتا «العفو الدولية» و«هيومان رايتس ووتش» على أن مستويات الخوف في رواندا مرتفعة بشكل كبير جداً: ذلك أن الكثير من الأشخاص يختفون ثم يُعثر على جثثهم هامدة. والأكيد أن مقتل كاريجيا سيجعل الوضع أسوأ. لكن، ورغم نسق واضح لحالات إخراس المعارضة خلال رئاسته، فإن كاجامي يستعد لتلقي أحدث دفعة من المساعدات الأميركية لرواندا. ويذكر هنا أن مجموع المساعدات الخارجية لرواندا – التي تقدر بنحو 800 مليون دولار سنوياً – تشكل 40 في المئة من إنفاقها الحكومي، وهو ما يساعد البلاد على مواجهة مشاكلها المالية. والحال أن اغتيال كاريجيا ينبغي أن يفتح نقاشاً حول ما إنْ كان ينبغي منح رواندا أي مساعدات أصلاً. لارا سانتورو كاتبة وصحفية مختصة في الشؤون الأفريقية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©