الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تدخلات الأباء "نار" تحرق جسر التواصل مع الأبناء

تدخلات الأباء "نار" تحرق جسر التواصل مع الأبناء
2 نوفمبر 2011 14:41
لا يقبل الكثير من الشباب تدخل الأهل المستمر في حياتهم ويعتبرونه محواً لشخصيتهم، وهو ما يشكل تصدعاً مباشراً في العلاقة بين الأباء الذين يرون أن تدخلهم هو بدافع الحب، في حين يراه الأبناء تسلطاً وفقداناً للثقة من قبل الأباء، فكيف يتجاوز الأباء تلك الخطوط الحمراء وماذا عن رد فعل الابناء؟. تعترف نهى ابراهيم، طالبة 19 عاماً، أن والدتها تدخل في كل صغيرة وكبيرة في حياتها بداية من الملابس والمكياج وحتى اختيار الكلية التى تدرس بها. وترى نهى أن هذا التدخل الزائد عن الحد يزعجها لكنها لاتقدر على مناقشة والدتها، حيث غالباً ما تنتهي المناقشة بتعنيف الأم لها واتهامها بأنها لازالت صغيرة لاتفهم شيء. وتضيف نهى أن هذا التدخل المستمر من جانب الأم يضعها في مواقف محرجة، وتقول: "رغم معرفة والدتي بأنني ذهبت للتنزه مع صديقاتي مثلاً، فإنها تتحدث إليهم على هواتفهم المحمولة للتأكد إنني لازلت معهم وهو ما يشعرني بعدم الثقة وبالحرج الشديد". أما أمجد يسرى، مهندس الكترونيات 24 عاماً، فيشكو أيضاً من تدخل والديه في حياته وبخاصة الحاحهم الشديد بمسألة زواجه، رغم أنه في بداية حياته العملية ويخشى أن يعوقه الزواج عن دراسته العليا وعن عمله، وخاصة أنهم يريدون أن يتزوج من إحدى الفتيات التي اختارتها له والدته وهو ما يرفضه أمجد ويعتبره تدخل سافر فى أحد حقوقه. وفي الوقت نفسه، يعترف أمجد أن تدخل الأهل غالباً ما يكون بدافع الحب والخوف، لكن "الأمر الذي يزيد عن حده ينقلب ضده". وتشير مروة جبر، طالبة 19 عاماً، إلى أن هناك أموراً غائبة دائماً عن الأهل، من وجهة نظرها، فهم ينظرون لأبنهم أو أبنتهم دائماً على أنهم صغار لايفهون شيئاً في الحياة ولا يستطيعون أخذ قرار وهذا خاطيء، كما ان الفارق العمري بينها وبين والديها يجعلها دائماً تشعر بفجوة كبيرة في التفكير. ورغم ذلك فهي ترى ان أهلها يعطون لها مساحة من الحرية قد لا تكون لدى أخريات ممن هن في مثل سنها مثل حرية السفر بمفردها أو اختيار دراستها للإعلام الذي تعشقه، رغم أن والديها طبيبين وكان يتمنيان أن تسير الأبنة على نفس النهج. أما عالم الاباء والامهات فيعاني هو الآخر من مشكلة عقوق الأبناء وعدم رغبتهم فى الإصغاء والاستفادة من تجارب أبائهم. وفي هذا السياق، يقول أحمد مصطفى، أب لشابين 17 و26 عاماً، إن اختيارات أبنائه المصيرية غير دقيقة ومتسرعة وهو ما يؤدي في النهاية إلى شعورهم بالفشل وخيبة الأمل رغم أنه يقدم لهم النصيحة والدعم دائماً إلا أنهما يرفضان ذلك بشكل دائم ويعتبران أي نصيحة من قبله تدخل في حياتهما الخاصة. ويعترف أحمد بصعوبة التفاهم بينه وبين أبنائه للوصول إلى حلول مشتركة، واصفاً جيل الشباب الحالي بالأقوى حيث يصر دائماً على رأيه اياً كان، رغم أن من يدفع الثمن يكون الأهل الذين يتمنون أن يرون أبنائهم في أحسن حال. وعلى العكس ترى فدوى كامل، أم لثلاثة من الأبناء تتراوح أعمارهم بين 10 و19 عاماً، أن الخطاً الدائم الذي يقع فيه الأبناء هو المبالغة فى ردود الفعل تجاه الأبناء رغم أن الخوف والتدخل يكون دائماً بدافع الحب، إلا أن الفيصل من وجهة نظرها هو الطريقة التي يقدم بها هذا الحب، فلا داع أن تقدم النصيحة بشكل مباشر أو على شكل أوامر ونواهي.. فهذا الجيل كما تقول فدوى معتد بشخصيته بشكل كبير ومن ثم فإن اسلوب الصداقة هو الحل الأمثل للقضاء على هذا الفجوات بين الأباء والأبناء، خاصة وأن الفارق العمري والتكنولوجي بين الجيلين أصبح كبيراً. ولجأت فدوى بنفسها إلى أحد أبنائها لإطلاعها على عالم الإنترنت وفيس بوك كي تشاركهم هذا العالم وتعرف كيف يفكرون ويحلمون. وتلفت د. عزة مطر، أستاذ أصول التربية بجامعة الأزهر، إلى أن هناك دائماً فجوة فكرية وعمرية بين الأباء والأبناء أخذت في التزايد مع التطور التكنولوجى المتلاحق الذي يشعر الأباء بالعجز أمام عالمهم الجديد والغريب أيضاً. وتضيف أن ارتفاع سن الزواج بين الجنسين جعل الأبناء عندما يصيرون في بداية الشباب يكون الاهل صاروا كهولاً في الستين وهو ما يؤدي لفقدان لغة التفاهم. وترى د. عزة أن مد جسور التواصل يحتاج إلى مزيد من ذكاء الأهل حتى لايصير تدخلاً "ثقيلاً" في حياة الأبناء وهو ما ينعكس سلباً على شخصيتهم ويجعلهم يعجزون عن اتخاذ أي قرار في حياتهم. وتشير إلى أنه منذ الطفولة ينبغى بناء إطار سليم لشخصية الطفل حتى يصير عندما يكبر قادراً على اتخاذ قرارته بنفسه، بداية من اشراك الطفل فى اختيار بعض ملابسه وألعابه. وتؤكد د. عزة أنه لاشك أن الأباء والأمهات يحبون أبنائهم بشكل كبير لذا قد يتطور هذا الحب إلى محو شخصية الأبناء دون أن يدري الأباء. وتضرب مثالاً بإحدى صديقاتها التي ظلت تختار لأبنها ملابسه وطعامه وكأنه طفلاً صغيراً رغم أنه صار شاباً فى الثلاثينات وهو ما انعكس على شخصيته التي صارت هشة وضعيفة ولا تقدر على اختيار ابسط قرارات الحياة اليومية. وتضيف أن مقولة "من الحب ما قتل" تنطبق بشكل كبير على تدخل الأهل فى حياة أبناءهم إلى الحد الذي يعيقهم عن التعايش ويظهر ذلك جلياً عند فقد أحد الابوين، حيث يفيق الشاب على كابوس الغياب وهو ما يشعره أنه لازال طفل يحتاج إلى الارشاد والمساعدة. وتنصح د. عزة الأباء بالتحلي بالصبر وعدم إظهار التدخل السافر في حياتهم، مؤكدة أن بناء جسور من الثقة وعدم التدليل الزائد يرسو بسفينة حياة الشباب إلى بر الأمان.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©