الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أميركا والصين.. قيود التعاون الفضائي

26 أكتوبر 2015 23:06
في فيلم الخيال العلمي الأميركي الجديد «ذي مارشن»، لعبت المساعدة التي قدمها برنامج الفضاء الصيني دوراً حيوياً في إنقاذ المواطن ورائد الفضاء الأميركي الذي يقوم بدوره الممثل «مات ديمون» من كوكب المريخ وإعادته إلى دياره. لكن على خلاف الخيال، يحظر القانون الأميركي منذ عام 2011 التعاون الثنائي مع الصين في مجال الفضاء. بمعنى أن مهمة إنقاذ «مات ديمون»، ستكون غير قانونية لو حدثت فعلاً في ظل هذا القانون. ويجب ألا تكون الحال هكذا. والفقرة الخاصة بالتعاون مع الصين مضمرة في المخصصات السنوية لإدارة الطيران والفضاء الأميركية «ناسا»، ويتعين تعديلها كل عام. وفي عام 2016، يجب على الكونجرس ببساطة أن يقضي على هذه الفقرة. وهذا لن يكون في مصلحة أشخاص مثل «مات ديمون» في المستقبل فحسب، بل قد يساعد في ضمان ألا تتخلف الولايات المتحدة في سباق الفضاء الذي تتصدره حالياً. ولدى الساسة الأميركيين بالطبع أسباب وجيهة للقلق من طموحات الصين في الفضاء. وبرنامج الفضاء الصيني، مثل برامج كثير من الدول الأخرى التي تتسابق في الفضاء ومنها الولايات المتحدة، له علاقات وثيقة بالجيش، مما يثير مخاوف من احتمال سعي النظام الحاكم للحصول على التكنولوجيا «مزدوجة الاستخدام»، التي قد تجد طريقها في نهاية المطاف إلى أنظمة السلاح. كما أن تاريخ الصين الموثق جيدا للتجسس الصناعي يغذي الشكوك بأن التعاون قد يؤدي إلى سرقة التكنولوجيا الأميركية الحيوية. ومثل هذه الاعتراضات تفترض أن الولايات المتحدة يمكنها بدرجة ما عزل الصين عن المسعى العلمي والصناعي العالمي، الذي يعتبر فيه التعاون هو الأساس. وبالفعل، يعمل شركاء الفضاء الأميركيون القدامى مثل وكالة الفضاء الأوروبية وروسيا مع وكالة الفضاء القومية الصينية للاستمتاع بطموح وسخاء البلاد في التمويل. وقد يكون لهذا عواقب محرجة؛ لأن «ناسا» تحرص بشدة على الانضمام إلى بعثة صينية أوروبية مقترحة في عام 2021 لدرجة أنها تبتكر وسائل لنقل عتادها المادي وأفرادها إلى وكالة الفضاء الأوروبية في اتباع لروح القانون الأميركي. وهذا ليس في مصلحة برنامج الفضاء الأميركي الذي انتعش في جانب منه؛ لأنه ظل مفتوحاً للتعاون مع الأمم الأخرى حول العالم بما في ذلك الاتحاد السوفييتي في ذروة الحرب الباردة ثم مع روسيا. والبقاء في عزلة يعني حرمان العلماء الأميركيين من فرص الابتكار والاستكشاف. وفي الوقت نفسه، ربما تقلص القيود الحالية احتمالات التعاون في المستقبل أيضاً. فعلى سبيل المثال، طورت الصين ضمن مسعاها لإقامة محطتها الفضائية، وهي منفصلة حالياً عن محطة الفضاء الدولية تكنولوجيتها لرسو المركبات الفضائية بدلاً من التقيد بالمعايير التي طورتها الولايات المتحدة وأوروبا. وربما يبدو هذا أمراً هيناً الآن لكن مثل هذه القواعد الدولية للطريق إلى الفضاء ستتزايد أهميتها في السنوات المقبلة. كما في حالة التجارة والملاحة البحرية والتمويل متعدد الأطراف، حان الوقت لتعزيز المعايير والقواعد التي تقبلها كل الدول بما فيها الصين. وأخيراً، هناك التطبيقات المالية العملية لبعثة فضائية واسعة النطاق مثل تلك التي يمكن إرسالها إلى المريخ التي قد تصل كلفتها إلى مئات المليارات من الدولارات. وفي قمة مجدها أثناء برنامج أبولو إلى القمر مثلت ميزانية «ناسا» 5?3 في المئة من الميزانية الاتحادية. لكن الميزانية تقل حالياً عن واحد في المئة، فهناك قيود خطيرة على طموحات «ناسا». وتسير الصين بالفعل في طريق «ناسا» في الاستكشاف وتكرر ما فعلته. ورغم أنه لا يمكن توقع أن يتخلى الصينيون عن طموحاتهم الخاصة، فسوف تستفيد كل من الولايات المتحدة والصين من ضمان ألا تكرر برامج الصين بلا نهاية ما توصلت إليه «ناسا»، بل تتقدم في طريق استكشاف الفضاء. ومن نقاط البداية الجيدة، ضم الصين لمحطة الفضاء الدولية. وروسيا، وهي منافس جيوسياسي للولايات المتحدة عضو محوري في المحطة، ويتعين منح الصين فرصة للمشاركة. وبالعودة إلى عام 2009، عندما كانت مناقشة قضايا الفضاء مع الصين مازالت مشروعة، اقترحت الصين أيضا أن يتعاون البلدان في بعثات علمية صغيرة. ومازالت هذه فكرة جيدة. وإذا لم تجد هذه التجارب يستطيع الكونجرس أن يضيق دوما الخناق لاحقا. لكن عملية الإنقاذ في فيلم «ذي مارشن» تبين أن الإبقاء على خطوط الاتصال والتعاون مفتوحة في مصلحة الجميع بما في ذلك ناسا. آدم مينتر* *كاتب أميركي مقيم في آسيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©