الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

خبراء: الصين ليست «سيدة اللعبة» في الأزمة الأوروبية

1 نوفمبر 2011 21:45
وجدت الصين نفسها بعد النداء الذي وجهته إليها أوروبا، خلال قمتها في بروكسل، لمساعدتها على تخطي أزمة ديونها، في موقع القوة قبل قمة مجموعة العشرين في كان الخميس والجمعة المقبلين، لكن خلافاً لما يخشاه البعض فإن بكين ليست سيدة الموقف، أو على الأقل ليس حتى الآن. وان كانت طلبات “منطقة اليورو”، الرازحة تحت عبء ديونها، رفعت مكانة الصين، إلا أن بكين تلقت هذه الطلبات بحذر شديد، ولا تعتزم تقديم أي أموال دون مقابل، ومقابل بالحجم الذي توده هي. وفي هذا السياق يأتي الرئيس هو جين تاو إلى مدينة كان، التي ستحتل أزمة أوروبا القسم الأكبر من مناقشاتها، ممثلاً لبلاد تؤكد “دعمها الكامل” لأوروبا دون تقديم أدنى التزام، ولو أن قدرته الشخصية على اتخاذ القرارات تبقى محدودة. يبقى أن أوروبا، بتوجهها إلى ثاني اقتصاد عالمي، نصبت الصين الشيوعية في موقع “أمين خزينة العالم”، في وقت تمول فيه حالياً العجز المالي الأميركي الهائل. وفور انتهاء قمة بروكسل، كان هو جين تاو أول من اتصل به الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، الرئيس الحالي لمجموعة العشرين، قبل أسبوع من القمة التي تستضيفها بلاده. وسيلتقي الرئيسان على عشاء عمل اليوم (الأربعاء) في كان. وراى جان بيار كابيستان، من جامعة هونج كونج المعمدانية، في هذه البادرة تكريساً لدور بكين من جانب باريس التي “تريد الحصول على شيء ما من الصينيين حتى لا تنهي فترة رئاستها لـ(مجموعة العشرين) دون تحقيق أي نتيجة”. وقال ساركوزي، معلقاً على اليد الممدودة إلى بكين، إن “ذلك لن يؤثر إطلاقاً على استقلاليتنا”. غير أن منافسه في الانتخابات الرئاسية المقبلة المرشح الاشتراكي فرنسوا هولاند لا يشاطره هذا الرأي، وقد صرح مؤخراً لصحيفة “لوموند” بأن “الصين باتت سيدة اللعبة، حيث إن قمة مجموعة العشرين.. ستكرس الامبراطورية الاقتصادية الصينية”. وتلقى العديدون بقلق دروس الاقتصاد التي وجهتها بكين للولايات المتحدة، القوة الاقتصادية الأولى في العالم، إذ دعتها إلى “التوقف عن العيش بمستوى يفوق إمكاناتها”، ولأوروبا إذ طالبتها “بترتيب” حساباتها. وكانت مشاعر الريبة قوية حتى قبل الأزمة الأوروبية حيال الصينيين، الذين اشتروا امتيازاً في مرفأ بيريوس اليوناني وسندات ديون برتغالية وإسبانية ويقومون بشق طرقات في أفريقيا وقد يصدرون قريباً قطارات فائقة السرعة إلى كاليفورنيا. لكن كابستان يؤكد أن “الصين ليست سيدة الموقف” و”أوروبا لديها الخيار بعدم وضع نفسها في موقع التبعية المسرفة” حيالها. وأشار إلى أن “الصين بلد تبقى أوضاعه هشة، علينا ألا ننسى ذلك”. وإن كانت الصين تملك احتياطات هائلة من العملات الأجنبية (3200 مليار دولار)، إلا أنها تواجه تحديات كبرى مثل إعادة توجيه اقتصادها لتركيزه على الطلب الداخلي، وإخراج 150 مليون نسمة يعادلون نصف سكان “منطقة اليورو” من الفقر، وإقامة أنظمة رعاية اجتماعية باهظة الكلفة ومواجهة الحالات البيئية الطارئة. ورأت فاليري نيكيه، من معهد الأبحاث الاستراتيجية، أنه “من المبالغ به كثيراً” القول إن الصين “باتت تتحكم باللعبة المالية في أوروبا”. وقالت إن “نقطة التحول على صعيد صورة الصين لم تكن هذه القمة (بروكسل)، بل تعود إلى أزمة 2008 وأول قمة لمجموعة العشرين نجحت فيها الصين في فرض نموذجها الذي خرج من الأزمة بدون أن يتأثر بها، على النموذج الديموقراطي الغربي الذي نددت بعدم فاعليته”. وتابعت فاليري نيكيه أن ما ستقوم به الصين “سيتوقف على الصورة التي تود إعطاءها عن نفسها، وما ستتمكن من تمويله قبل كان”، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن “تنويعاً لاحتياطي عملاتها الأجنبية يمكن أن يكون مثيراً للاهتمام”. ولفتت إلى أنه من مصلحة بكين أن تتخطى أوروبا أزمتها، لا سيما أنها تعتبر سوقها الأولى. وقال كابيستان إن “الصين التي باتت في موقع قوة لن تكون على استعداد للمساومة كثيرا، بل ستطالب على العكس بتنازلات، تنازلات من الأوروبيين ومن الغربيين عموماً”. فهي لا تزال تنتظر من الاتحاد الأوروبي منحها وضع اقتصاد السوق، ومن شركائها الأوروبيين والأميركيين التخلي عن “الحمائية” التي تقف بوجه صادراتها. كما تود من شركائها أن يتوقفوا عن طرح قضية سعر صرف اليوان الذي “يفوق قيمته الفعلية في السوق” وتطالب بلعب دور أكبر داخل صندوق النقد الدولي. وقال الخبير الاقتصادي ليو جيانجكسيونج، مبدياً ارتياحه للوضع الحالي، إن “أزمة (منطقة اليورو) أعطت الصين فرصة لإعادة تصحيح علاقاتها مع أوروبا”، معتبراً أن “عليها أن تفرض شروطها”.
المصدر: بكين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©