الموسم الأبيض

للأبيض عيد كما للعيد بياض، في أيام لا مكان فيها إلا لهذا اللون الجميل، ولأصحاب القلوب الصافية البيضاء، والثياب البيضاء، والنوايا الحسنة، والمشاعر الصادقة وأناشيد الفرح، وأحلام الطفولة البيضاء، أيام لا مكان للأسود فيها، فلا ضغينة ولا غش، هذه أيام يلف فيها الأبيض الأمكنة والقلوب، فتبيض الوجوه والدروب، وتسهل وتهون الخطوب، يحلو السفر على مشقته، ويطيب الطواف على شدته، وتشفى الصدور، ويسود الحبور والسرور. يتسامحون ويتصافون، متخلصين من كل ما اقترفوه من أخطاء وآثام بحق بعضهم، يلغون من حياتهم كل سواد، يتعاهدون على أن يكونوا واضحين غير مخادعين، لا رماديين ولا سوداويين. يتوحدون في دواخلهم وبواطنهم قبل أن يتأزروا ثياب إحرامهم البيض، في رحلة حج الروح، وقصدها إلى الجوهر من كل شيء، إلى النبع، إلى طواف الأرواح حول الكعبة، في أيام ليست كالأيام، بيضاء كالثلج، يعود فيها الناس كما ولدتهم أمهاتهم، في صفحة جديدة بيضاء، ونوايا بيضاء وقلوب غسلتها أيادي ملائكة الرحمة البيضاء بماء زمزم. المعنى الأول للحج هو القصد واختُصَّ بهذا الاسمِ القصدُ إلى البيت الحرام للنُّسْك. والمحَجَّة جَادَّة الطريق، والحُجَّة مشتقّةً من هذا؛ لأنها تُقْصَد، والحِجَّة السّنَة. ومن أمثالهم: “الحاجَّ أسْمَعْتَ”، وذلك إذا أفشَى السرّ، أي إنّك إذا أسْمَعْت الحُجّاج فقد أسمعتَ الخلق. والحُجَّة مشتقّةً من هذا؛ لأنها تُقْصَد، أو بها يُقْصَد الحقُّ المطلوب، يقال حاججت فلاناً فحجَجْته أي غلبتُه بالحجّة، وذلك الظّفرُ يكون عند الخصومة، والجمع حُجَج. ولأن الحجّ في السنة لا يكون إلا مرَّةً واحدة، سُمِّي العام بما فيه من الحَجّ حِجّة. بدوي الجبل: بنـــور عـلى أم القــرى وبطـيـب غسـلتُ فـؤادي من أسى ولهيبِ لثمتُ الثّرى سبعاً وكحّلت مقلتي بحســن كأســرار السـماء مهيبِ وأمسكتُ قلبي لا يطير إلى (منى) بأعـــبائـه مـن لهفـــة ووجــيب فيا مهجـتي: وادي الأمين محمـد خصيب الهدى: والزرع غير خصيب هنا الكعبة الزّهراء والوحي والشذا هــنا النـور فـافني في هـواه وذوبـي ويا مهجـتي : بين الحطـيم و زمزم تركـت دمــوعي شـــافعا لـذنــوبي وفي الكعـبة الزهـراء زيّنت لوعـتي وعطـّــر أبــواب الســـماء نحــيبي إسماعيل ديب | Esmaiel.Hasan@admedia.ae