السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الاستراتيجية الأفغانية... وتحولات الموقف الباكستاني

الاستراتيجية الأفغانية... وتحولات الموقف الباكستاني
20 فبراير 2010 22:39
كارين برويارد وكارين ديونج كراتشي جاء اعتقال قادة بارزين من "طالبان" أفغانستان في مدن باكستانية تتويجاً لشهور من ضغوط إدارة أوباما على الجهات الأمنية الباكستانية القوية لإقناعها بالاصطفاف مع الولايات المتحدة في الوقت الذي تشن فيه قواتها حرباً متواصلة في أفغانستان، وذلك حسب مسؤولين أميركيين وباكستانيين. وقد ارتقى المستوى الجديد من التعاون إلى سماح باكستان في الشهر الماضي للاستخبارات الأميركية بإرسال عناصر إلى مدينة كراتشي، حيث قادت عملية إلى رصد واعتراض الاتصالات الهاتفية لمطلوبين وتسليم المعلومات حولها إلى الاستخبارات الباكستانية، لينتهي الأمر بمجموعة من الاعتقالات خلال الأيام الأخيرة كان أبرزها إلقاء القبض على الملا عبد الغني برادار، القائد الثاني لـ"طالبان" أفغانستان واثنين من محافظي الظل ممن عينتهم "طالبان" في المحافظات الشمالية. وحسب مسؤولين، طلبوا عدم الكشف عن أسمائهم، فقد اعتُقل قادة "طالبان" مطلع الأسبوع الماضي، وظل الأمر طي الكتمان حتى يتمكن المسؤولون الأمنيون من جمع المعلومات، ولدفع مقاتلين آخرين إلى كشف أماكنهم وتحركاتهم. وفي تعليقه على العملية قال أحد المسؤولين الباكستانيين: "لقد نسقت الاستخبارات العسكرية الباكستانية مع وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وقدمت هذه الأخيرة معلومات استخبارية دقيقة تحرك على إثرها الباكستانيون". ووفرت الاعتقالات الأخيرة دليلا قاطعاً على ما كان مثار اشتباه في البداية من أن قادة بارزين في "طالبان" أفغانستان وجدوا لهم ملاذاً آمناً في باكستان، لاسيما في المدن، وهو ما كانت الحكومة في إسلام آباد تنفيه مراراً. هذا ويعكس قرار باكستان بملاحقة عناصر "طالبان" أفغانستان تحولا أخذ في التبلور منذ فصل الخريف الماضي، حيث يشير المسؤولون في كلا الجانبين إلى رسالة بعثها في شهر نوفمبر الماضي أوباما إلى زرداري، وكانت بمثابة نقطة التحول في مسار التعاون الأمني بين البلدين، فالرسالة التي سلمها باليد مستشار الأمن القومي الأميركي، جيمس جونز، منحت باكستان دعماً أمنياً واقتصادياً إضافياً للمساعدة في تخفيف التوتر مع الهند. كما أدت تسهيلات أميركية لاتفاق وزيري خارجية الهند وباكستان على عقد اجتماع بينهما في الأسبوع المقبل، ليكون أول لقاء رفيع المستوى بين البلدين منذ الهجمات الإرهابية التي هزت مدينة مومباي في أواخر عام 2008. ولكن الرسالة تضمنت أيضاً تحذيراً واضحاً من أن استمرار أي طرف في استخدام جماعات التمرد في أفغانستان لتحقيق أهدافهه لن تقبله أميركا. وقد جاءت الرسالة في أعقاب استكمال البيت الأبيض استراتيجيته حول أفغانستان التي خلص بموجبها إلى أن الوضع الأفغاني لن يتحسن ما لم تتعاون باكستان. وفي تفسير هذا التحول في الموقف الباكستاني أشارت بعض المصادر إلى الزيارات الدورية التي أداها مسؤولون أميركيون إلى باكستان، وتنامي عملية اقتسام المعلومات، فضلا عن تطمينات واشنطن بأن الحملة العسكرية التي تشنها في جنوب أفغانستان لن تمتد إلى الأراضي الباكستانية، كما أكدت أنها لا تنوي التخلي عن المنطقة بعد انتهاء الحملة العسكرية الراهنة. والحقيقة أن موافقة باكستان في الشهر الماضي على توسيع وكالة الاستخبارات المركزية لعملياتها جاءت بعد فترة من العلاقات المتوترة بين الاستخبارات العسكرية الباكستانية والوكالة، فلطالما شكت واشنطن في وجود علاقة وطيدة تجمع بين عناصر من الاستخبارات العسكرية الباكستانية و"طالبان" أفغانستان، كوسيلة لصد النفوذ الهندي في أفغانستان وتحسباً لاحتمال مغادرة أميركا للبلاد. وليست هذه هي المرة الأولى التي تعتقل فيها باكستان عناصر "طالبان"، ومن غير المعروف ما إذا كان المعتقلون الثلاثة لدى الأمن الباكستاني يتعاونون بشكل جيد، وما إذا كانوا قد وفروا معلومات تسهل اعتقال عناصر أخرى. يذكر أن الملا برادار الذي اعتقلته السلطات الباكستانية في كراتشي كان قائد عمليات مجلس "طالبان" المسؤول، حسب المراقبين الأميركيين، عن التخطيط للهجمات التي تنفذ انطلاقاً من مدينة "كويتا" الواقعة غرب باكستان. ومن ضمن المعتقلين أيضاً الملا عبدالسلام، قائد "طالبان" في محافظة "قندز" الأفغانية، والملا محمد، الذي يشغل منصب محافظ الظل في "بجلان"، ويعمل الاثنان كجزء من شبكة كبيرة من قادة "طالبان" تسير التمرد الأفغاني وتشرف على إدارة محاكم "طالبان". وقد اعتبر مسؤول أميركي بارز أن الضربة الأخيرة الموجهة لحركة "طالبان" تمثل "تقدماً كبيراً بالنظر إلى التاريخ المعقد لباكستان في علاقتها مع تلك الحركة الأفغانية المتشددة، لكن يبدو أنهم أدركوا أخيراً أهمية التعاون بالنسبة للولايات المتحدة والمنطقة وأمن باكستان نفسها". ويشبه التعاون الاستخباري الأميركي- الباكستاني الحالي، والحضور الأميركي في كراتشي، مستوى التعاون الذي كان معمولا به حتى عام 2004 والذي تُوج باعتقال شخصيات بارزة في تنظيم "القاعدة" بباكستان قبل أن تسوء العلاقات بين إدارة بوش وحكومة مشرّف. وقد بدأت تظهر أولى علامات التغير في الموقف الباكستاني إزاء "طالبان" خلال الشهور الأخيرة عندما شرعت "طالبان" باكستان في تنفيذ سلسلة من التفجيرات الانتحارية. ومن علامات هذا التغير تقدم قائد الجيش الباكستاني، الجنرال أشرف كياني، بعرض لتدريب القوات الأفغانية، وهو ما قرأه المراقبون على أنه رسالة إلى "طالبان" أفغانستان بأن إسلام آباد لديها خيارات أخرى للحفاظ على نفوذها التقليدي في أفغانستان. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©